بوتين: الإرهابيون يحضرون لأعمال استفزازية كيميائية روحاني: ما بعد إدلب يأتي دور تحرير شرق الفرات أردوغان: لإعطاء مسألة عودة المهجّرين الأهمية اللازمة

تصدّر ملف إدلب القمة الرئاسية الروسية الإيرانية التركية التي عقدت في طهران ظهر أمس، وفي بيان مشترك صادر عن القمة اتفقت الدول الثلاث على ضرورة القضاء على تنظيمَي «داعش» و»جبهة النصرة» في سورية، وعلى البحث عن سبل لحل الوضع في إدلب.

روحاني: الحلّ سيكون نموذجاً

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني أكد في افتتاح القمة ألا مفرّ من مكافحة الإرهاب في إدلب، مشدداً في المقابل على أهمية الحل السياسي، وقال إن حل الأزمة السورية قد يكون نموذجاً لحل كل أزمات المنطقة.

وأضاف روحاني أن مكافحة الإرهاب عسكرياً ليست كافية، داعياً إلى العمل على إحلال السلام عبر قبول التنوّع والحوار للتوصل إلى حل سياسي.

وأكد روحاني أن ما بعد إدلب يأتي دور تحرير شرق الفرات من الوجود الأجنبي.

واعتبر روحاني أن القمة الثلاثية فرصة لمناقشة الجهود للتوصل إلى حل للأزمة السورية، مشيراً إلى أن من حق الشعب السوري أن يقرر مصيره ومستقبل بلاده.

وأوضح روحاني أن حل الأزمة السورية يمكن أن يتمّ عبر الطرق السياسية، مضيفاً أن جهود الدول الضامنة أخمد نار الحرب في سورية التي أوشكت على النهاية، كما أكد أن الوجود الإيراني في سورية أتى بطلب من الحكومة الشرعية في دمشق، وقال «لن نكون موجودين في سورية إلا بطلب من الحكومة الشرعية هناك».

وشدد روحاني على أن إيران «لن تقبل بإزهاق أرواح المدنيين في إدلب»، موضحاً أنه من أجل إحلال السلام لا بد من محاربة الإرهاب وجذوره والتدخل الأجنبي.

وتابع روحاني قائلاً «التدخلات الأميركية غير القانونية في سورية لا تنطبق مع أي من قرارات مجلس الأمن»، مضيفاً أنه يجب توفير الأرضية لعودة اللاجئين وعلى المجتمع الدولي أن يساعد في ذلك اضافة إلى إعادة الإعمار.

ولفت روحاني إلى أن مسار أستانة سيواصل مواكبة الشعب السوري في الوصول إلى حل سياسي لأزمته، موضحاً أن بلاده تؤكد أن طريق الديمقراطية لا يمكن الوصول إليه عبر فوهات البنادق بل عبر إرادة الشعوب.

أردوغان يتباكى على الإنسانية

من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن كافة الهجمات في إدلب ستنتهي «بكارثة إنسانية» وسيتأثر عشرات آلاف المدنيين الموجودين هناك، معتبراً أن الضربات على إدلب سينتج عنها عشرات آلاف النازحين الذين سيتوجّهون إلى تركيا.

وأشار إلى أن مصير إدلب مرتبط بسورية بل بالاستقرار في تركيا أيضاً، مضيفاً «مررنا بمراحل مهمة في استانة وهي تحديد مناطق خفض التصعيد والتي بقيت منها إدلب».

وعن مدينة إدلب المتوقع تحريرها من الجماعات الإرهابية قريباً، اعتبر أردوغان أن الحل السلمي في المدينة سيكون أفضل، وأيّ اتفاق بخصوص إدلب سيشكل المضمون السلمي لمستقبل سورية.

وتطرق أردوغان إلى الوضع شرق الفرات معتبراً أنه يؤثر بشكل مباشر على أمن تركيا، كاشفاً أن مسلحين أجانب يدخلون هناك بذريعة محاربة داعش.

وأِشار الرئيس التركي إلى أن بلاده مهتمة بوحدة الأراضي السورية وستبقى هناك حتى يتم «القضاء على التهديد الإرهابي»، مشيراً إلى ضرورة إعطاء مسألة عودة المهجرين إلى سورية الأهمية اللازمة.

وفي نهاية حديثه قال أردوغان إن هناك 12 مادة سيتمّ بحثها في هذه القمة الخاصة بسورية، أملاً أن يتمّ تنفيذها، وأكّد أن الآلاف يموتون نتيجة الأسلحة الكيميائية من دون أن يتحرك المعنيون بذلك.

بوتين: لإنعاش الزراعة والصناعة

بينما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال «الإرهابيون في إدلب يحضرون لاعمال استفزازية بما فيها استخدام الكيميائي»، مقترحاً تأليف وإطلاق عمل اللجنة الدستورية تحت رعاية الامم المتحدة.

وأضاف بوتين أن روسيا بادرت لإطلاق مشروع إعادة اللاجئين والنازحين لعودتهم إلى مناطقهم في سورية.

وأكّد بوتين أنه يجب إنعاش القطاعات الزراعية والصناعية في سورية لتسهيل عودة المهجرين.

الجعفري ينتقد لغة التهديد

إلى ذلك، قال مندوب سورية الدائم لدى مجلس الأمن بشار الجعفري في معرض ردّه على رئيسة المجلس مندوبة الولايات المتحدة نيكي هايلي بأن «لغة التهديد لا تليق بمجلس الأمن الذي يجب أن يكون مكاناً لصون السلم وليس للتهديد بالحرب، خاصة أن الأعضاء والمجلس أخطأوا في العراق وليبيا»، مضيفاً أن «بعض الدول التي تفتقر للأخلاق والصواب، وتحمي الترسانة النووية والكيميائية والبيولوجية «الإسرائيلية» والتي تقوّض كل المنظمات الدولية مثل الأونروا والأونيسكو ومجلس حقوق الإنسان، لا يحق لهم الادعاء بحماية السلم وحماية المدنيين».

وساق الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن التطورات الأخيرة في الساحة السورية تقريراً بثته سي أن أن، وفيه زعمت المراسلة أنه على بعد مئات الكيلومترات عن دوما، أنها اشتمّت في تركيا حقيبة طفلة تفوح منها روائح كريهة، وقال إن «الخوذ البيضاء تحضر لهجوم كيميائي كتبرير».

وأكد أن سورية تحارب القاعدة التي اعتدت على نيويورك وباريس ولندن، لكن المكافأة كانت بالتحوّل مع القاعدة ضد سورية. وسأل ما الذي يجعل سورية تستخدم أسلحة كيميائية لا تملكها؟ ولماذا يصيب السلاح النساء والأطفال فقط ولا يصيب سواهم. وتساءل لماذ تستطيع الدول التنبؤ مع النصرة والخوذ البيضاء بقرب استخدام السلاح الكيميائي؟

واتهم الجعفري بعض الدول بالاستثمار بالإرهاب، عازياً تلك الاختلاقات إلى عجز الدول الغربية الثلاث عن إحراز تقدم عسكري، وعرقلة الحلول ودعم الإرهاب ومنع إعادة الإعمار وعودة اللاجئين السوريين.

وأشار إلى أن بتدمير الموقعين الأخيرين للأسلحة الكيميائية تكون سورية قد أوفت بكامل التزاماتها.

بدورها، اتهمت نيكي هايلي مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سورية بالتحضير لشن هجوم كيميائي جديد في إدلب، وتستر روسيا عليها وحمايتها، إجهاض كل المحاولات لتجديد آلية التحقيق المشتركة.

وأكدت هايلي أن واشنطن «ستبقى تتصدى للأكاذيب وتفرض عقوبات على شخصيات سورية وغير سورية تتهمها بالتورط»، مكررة أن «حكومتها لن تتهاود في ملاحقة المسؤولين، وكذلك الروس والإيرانيين الذين يساعدون النظام في سورية في الوقت المناسب».

بدوره، ذكر مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أن بعض الدول المؤثرة في سورية تعزّز حالياً وجودها العسكري قرب الحدود مع البلاد.

وطلب نيبينزيا من الولايات المتحدة أن تكشف عن «قائمة الأهداف التي وضعها البنتاغون، حسب التقارير، في إطار إعداد الضربة المحتملة» الأميركية البريطانية الفرنسية على سورية.

وأضاف المندوب الروسي، متوجهاً إلى السلطات الأميركية: «لو تعتقدون أنها تستخدم لتخزين السلاح الكيميائي أظهروا احترامكم للقانون الدولي وسلّموا هذه المعلومات لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية كي تجري عمليات تفتيش تنص عليها معاهدة حظر الكيميائي».

من جهته، أكد المبعوث الأممي الخاص سورية، ستيفان دي ميستورا، مخاوف المنظمة الدولية من التبعات «المروّعة» لمعركة إدلب، معرباً عن أمله بأن يجنب التفاهم الروسي التركي الخسائر بين المدنيين.

وقال دي ميستورا، في كلمة ألقاها اليوم الجمعة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول إدلب: «إن أي معركة في إدلب ستكون مروّعة ونخشى على المدنيين في المنطقة».

زاخاروفا: المدنيون دروعاً

أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن الإرهابيين يمنعون المدنيين من مغادرة منطقة خفض التصعيد في إدلب، مضيفة أنهم سيواصلون استخدام المدنيين كدروع بشرية.

وقالت زاخاروفا في موجزها الصحافي، أمس الجمعة: «يمنع الإرهابيون السكان المدنيين من الخروج من منطقة خفض التصعيد في إدلب، عبر الممرات الإنسانية المفتوحة، ويسحبون سكان القرى الواقعة على خط التماس مع القوات الحكومية إلى داخل المحافظة ويأملون باستخدامهم كدروع بشرية».

وشدّدت على أن معظم أراضي منطقة خفض التصعيد في إدلب يسيطر عليها المسلحون. وأضافت: «أن منطقة خفض التصعيد في إدلب، التي لا يزال معظمها حتى اليوم تحت سيطرة الإرهابيين الذين وحّدوا صفوفهم حول «جبهة النصرة» في إطار ما يُسمّى بـ «هيئة تحرير الشام»، لا تزال «نقطة ساخنة» على خريطة سورية».

وأشارت زاخاروفا إلى أن الحديث عن محاولة الحكومة السورية «غزو» محافظة إدلب ليس صحيحاً.

وقالت: «أما طرح المسألة حول رغبة الحكومة السورية بغزو إدلب، فتجب الإشارة إلى أن الحديث يدور عن أراضٍ سورية. ويتكون انطباع بأنها تريد أن تغزو شيئاً في أراضيها. لكن مواصلة إجراء العملية المناهضة للإرهاب.. أمر ممكن، وهذا ما تعلنه دمشق».

وأكدت أيضاً أن روسيا تملك أدلة حول تحضير الإرهابيين هجمات كيميائية في سورية، مضيفة في الوقت ذاته أن موسكو تنتظر بدورها الحصول على أدلة أميركية عن تحضير دمشق لشن هجوم كيميائي في إدلب.

وتابعت: «توجد لدينا أدلة واضحة على إعداد الإرهابيين للقيام بهجوم كيميائي، الأمر الذي لم نكن نتحدّث عنه فحسب بل وقدمنا الوقائع. وإذا كانت لدى الجانب الأميركي وقائع تثير قلقه، فيمكنه إرسالها إلينا عبر القنوات الثنائية مثلا».

وأضافت أن موسكو تريد التحقق من تصريحات أميركية مفادها، أن واشنطن طلبت من موسكو السماح لها بـ «العمل» في إدلب.

وقالت: «أثار هذا التصريح أسئلة كثيرة لدينا. ومع الأخذ بعين الاعتبار أنه كان علنياً، فنريد أن ندقق علنياً».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى