هل تولد الحكومة في تشرين؟

روزانا رمّال

اكدت مصادر متابعة لـ»البناء» ان مؤشرات النجاح في التوصل الى صيغة تشكيل حكومية مقبولة باتت اقرب من الفترة السابقة التي سيطر فيها التصعيد المحلي والدولي على المشهد ومع عودة رئيس الجمهورية من نيويورك، حيث سمع من قادة دول اساسية اهمية التمسك بالاستقرار في لبنان سيخرج الرئيس المكلف من جعبته صيغة جديدة يطرحها على الرئيس هي اقرب للواقع منه الى المطالب التعجيزية الواقعة ضمن مراضاة واسترضاء الاطراف بعضهم لبعض على حساب النتيجة الانتخابية الأخيرة. وعما اذا كانت هناك مؤشرات اقليمية حيال ذلك، تؤكد المصادر ان الاجواء السعودية المتجهة باتجاه سورية صارت اقرب الى تقبل العمل ضمن اطر الامر الواقع واعادة فتح سفارات خليجية في دمشق، اضافة الى مؤتمر سيدر الذي يحصد اليوم اهتمام الفرنسيين اضافة الى مسعى فرنسي للتسريع في تشكيل الحكومة. وهذا يعود الى امر اساسي وهو الخوف من انفجار الشارع وفرط عقد الاستقرار الذي استتب في الموسم الصيفي لحساب فوضى شعبية عارمة قد تخلط الأوراق. وتختم المصادر ان «ميزان القوى الاقليمي الذي يفرض نتائج امر واقع في المنطقة يجعل من الصعب احداث اي خرق لجهة تصعيد المشهد اللبناني بدون الاخذ بعين الاعتبار هذا الارتباط لهذا فان القوى القادرة على التغيير ستتعاطى مجددا مع الامر الواقع نفسه الذي فرض الإتيان بالرئيس ميشال عون الى قصر بعبدا. اما محلياً، فالمؤشرات تصب في خانة تطويع القوى السياسية ضمن هذا الأمر الواقع نفسه خصوصا القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي حيث الليونة المطروحة باتجاه التشكيل صار محسوما والنزول عن شجرة المطالب كذلك».

وعليه يحمل شهر تشرين الاول بوادر انفراج حكومي هو الأعلى منذ تكليف الرئيس الحريري خصوصاً، أن ميزان القوى الجديد في المجلس النيابي لا يسمح بالمناورة خارج هذا الواقع، والا فان استراتيجية اخذ لبنان نحو المجهول وتغيير نتائج المجلس الجديد تعني التوقف عند مشروع كامل باتجاه لبنان ليس هو المطروح حالياً وفق الاجندات الإقليمية، لأن معادلات الماضي لم تعد قادرة على احداث تغيير كامل او جذري ما خلا تعديل بعض النتائج نظرياً.

وفي الواقع تؤكد قوى سياسية بارزة ان كل ما يجري ليس محاولة الا اعادة عقارب الساعة الى الوراء، وهي لن تعود، انما محاولة لتحقيق اكبر قدر ممكن من التوازن الحكومي كي لا تبدو الساحة متفرغة لحزب الله وحلفائه. وبهذا الاطار تعتبر جلسات المحكمة الدولية التي فشلت في التوصل لدلائل جدية باتجاه متهمي حزب الله ومعها استعداد امين عام الحزب الى كل تطور بهذا الإطار بقوله الشهير للمراهنين على نتائج المحكمة «لا تلعبوا بالنار»، مؤشرات تحسب لصالح عبثية الفوضى المطروحة. فكيف بالحال وان معركة ادلب التي اجلت مبدئياً ضمن اتفاق تركي روسي دقيق ابعدت الرهان عن استخدامها كعنصر ضاغط بقرار دولي بفصلها عن باقي الملفات لخطورة التدهور فيها، بما يتعلق بأي عملية نزوح ارهابيين الى دول البحر المتوسط واوروبا ومعها لبنان. بالتالي فان اكثر من رهان محلي على تحولات اقليمية بدأ يتلاشى ليؤسس معه نزعة نحو الاستقرار السياسي.

من جهة أخرى يمكن للبنان ان يلعب دور الورقة الحاسمة اقليمياً لاول مرة اذا توصل الافرقاء الى ورقة حل حكومي نهائي تبعد لبنان عن الرهانات وتفرض بقوة الامر الواقع حيثية سياسية لبنانية جديدة ابعد من تلك التي كانت واقعة ضمن مفهوم الوصايات او التحالفات الغربية الخليجية التي لطالما أسهمت في تشكيل حكومات بدون اي عوائق أغلبها مرتهن للظرف الاقليمي لا العكس. اما اليوم فيمكن لتشكيل الحكومة في لبنان بشكل متوازن ان يرسل رسائل الى السعودي والخليج ان حلفاء ايران في لبنان «المنتصرين» بمجلس النواب بـ 74 نائباً على ما قاله اللواء الايراني قاسم سليماني ليسوا بوارد فرض حكومة غالب او مغلوب ولا بوارد نسف التوازن السعودي في البلد. وبالتالي فان حزب الله القادر على فرض معادلته وحلفائه بميزان القوى المطروح لصالحه. وهذا قادر على التأثير في ملفي العراق واليمن بالمعادلات السعودية، حيث تشابك النفوذ ليصبح الامتداد الايراني المقصود في لبنان مجرد خيالات غير واردة لجهة السيطرة على الحكومة، كما تحاول بعض القوى الترويج منذ لحظة صدور نتائج الانتخابات النيابية.

وحده الحريري قادر على الاخذ بعين الاعتبار أهمية المسارعة بتشكيل حكومة تحفظ صيغة الوحدة الوطنية. ووحده قادر ايضاً على الاحتفاظ بحماية التسوية الرئاسية من الانهيار. وهو الامر الذي بقي الاكثر تمسكاً عنده في الوقت الذي حافظ فيه على التذكير بأهمية العلاقة بين الرئاستين. أما مصادر المستقبل فتؤكد لـ»البناء» ان التعاون فقط والحرص على استكمال هذه العلاقة وترابط العهد بالحكومة بين النجاح او الفشل هو المسيطر على العلاقة التي تصفها المصادر بـ»المتينة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى