روسيا ترسّخ وجودها.. ماذا عن الغرب!

سماهر الخطيب

فيما يرسّخ القيصر الروسي وجوده في الساحة العالمية من البوابة العسكرية والتكنولوجية ويدعم تلك البوابة بدخوله الحرب السورية وانتصاره مع حلفائه على الإرهاب، توحّد الولايات المتحدة أهدافها مع حلفائها لمجابهته في مستوى جديد من التخريب على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإثارة موجة إعلامية سلبية ضده بعد أن تكشف للرأي العام العالمي والغربي زيف وكذب حجج أميركا وحلفائها في مجال محاربة الإرهاب تحديداً.

بالتزامن مع إعلان الرئيس الروسي وصول صواريخ أس- 300 إلى سورية وفرض شروطه على القوات الأجنبية بالخروج من الأرض السورية من دون شرط أو قيد، حتى لو كانت قواته، إذا رغبت دمشق بذلك الأمر الذي أقلق الخارجية الأميركية واعتبرته تصعيداً خطيراً لن تجعله يمر من دون محاسبة، ولطالما عهدنا حسابها عبر «العقوبات» سلاحها الفتاك..

كما أنّ تهديدات واشنطن لموسكو بتوجيه ضربة عسكرية بحجة عدم الالتزام بمعاهدة حظر الصواريخ المتوسطة والقصيرة يزيد الطين بلة في انعكاس للحقيقة المؤلمة أنّ واشنطن تستسهل الحديث عن أشياء لم يكن من الممكن التفكير بها سابقًاً، مثل ضرب دولة نووية .

وفي هذا المستوى الجديد من التصعيد، طالب الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، «إيضاحات من روسيا» بشأن الصواريخ المجنّحة 7299 «نوفاتور» الجديدة والتي اعتبرها أيضاً «انتهاكاً» للمعاهدة المذكورة «رامياً الكرة بملعب الروس» بحسب قوله، معتمداً بأقواله واتهاماته على «معلومات استخبارية» قدّمتها واشنطن للحلف.

وفي سياستها العصا والجزرة أملت أي واشنطن بأن يساعدها حلفاءها في «جلب روسيا إلى طاولة الحوار» كأفضلية للحل الدبلوماسي بالنسبة لها، كما لجأت الولايات المتحدة إلى حليفها وحلفها الناتو «لتحديد التوجّه اللاحق»، بحسب ما أعلنه وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس.

وفي الأسابيع القليلة الماضية أعلن الرئيس الروسي بوتين عن إجراء مناورات عسكرية اعتبرها الأعظم في تاريخ روسيا الحديث لتقابلها مناورات الناتو العسكرية التي أعلن عنها بالأمس لمحاكاة عدو مفترض اعتبرها الحلف كذلك الأعظم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ليبدو المشهد هارباً من مسرح حرب عالمية لا تُدرك عقباها..

كذلك ولزيادة التصعيد ضدّ الصعود الروسي، أعربت الولايات المتحدة عن «استعدادها لوضع كل ما لديها من خبرات إلكترونية في متناول الناتو، لدعمه في جهوده الرامية إلى لجم روسيا ومواجهة قدراتها السبرانية وتدخلها في الإنترنت».

كما حذرت الولايات المتحدة البلدان التي تتعامل مع قطاعات الدفاع والمخابرات الروسية من أنها «ستكون عرضة لعقوبات تلقائية بموجب قانون شامل يحمل اسم قانون مكافحة أعداء الولايات المتحدة عبر العقوبات والذي وقعه الرئيس دونالد ترامب في آب الماضي».

ويهدف القانون لـ«معاقبة بوتين» بسبب «ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014 وتدخله في الحرب السورية، وتدخله في انتخابات الرئاسة الأميركية في عام 2016».

وفي أيلول المنصرم، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الجيش الصيني بسبب «شرائه طائرات مقاتلة وكذلك نظام إس- 400 من روسيا في العام الحالي». كما حذّرت بالأمس الهند بتعرضها لعقوبات بموجب القانون الأميركي إذا تمت «صفقة مرتقبة لشراء صواريخ إس- 400 سطح جو من روسيا» أثناء زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنيودلهي اليوم.

وقال ممثل لوزارة الخارجية الأميركية «نحث جميع حلفائنا وشركائنا على الامتناع عن التعاملات مع روسيا التي تؤدي لعقوبات بموجب قانون مكافحة أعداء الولايات المتحدة عبر العقوبات».

أما عن انتهاكات مزعومة لمعاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، فما هي سوى حجة لتجييش الحلفاء والداخل الأميركي ضدّ «البعبع» الروسي في إشارة منها أنه تهدّيد بانهيار نظام الحد من التسلح.

وهذا أمر لا تقدم روسيا عليه لكونها ستكون في وضع أسوأ من الولايات المتحدة ناهيك عن نفيها المزاعم الأميركية والغربية. فالصواريخ الأميركية متوسطة المدى من أوروبا وآسيا تغطي كامل أراضي روسيا. ولذلك، ترى روسيا أنه من المفيد لها الحفاظ على هذا الاتفاق تبعاً لمصلحتها وأمنها قبل كل شيء بحيث إنّ صواريخها المتوسطة المدى لا تبلغ الأراضي الأميركية، باستثناء ألاسكا ربما..

كما لا ننسى أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقع في أيلول الماضي على مشروع قانون الدفاع الوطني، وبذلك وافق على تصميم صواريخ تنتهك بنود معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى. وتمّ وفق المشروع نفسه تمديد الحظر المفروض على التعاون مع وزارة الدفاع الروسية، كذلك فرض الكونغرس على ترامب إبلاغه بأي ترتيبات محتملة مع موسكو حول التسوية في سورية.. ولربما من وراء كل هذا علمنا سبب تهديدات الولايات المتحدة روسيا وللمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الباردة بـ»ضربة صاروخية».. إنما ماذا عن الدول الأوروبية هل ستبقى «قطيعاً» خلف الراعي الأميركي في حصاره لروسيا على كل الأصعدة؟..

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى