نصرالله في تأبين «أم عماد مغنية»: نعتمد مع «إسرائيل» الغموض البنّاء

أوضح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «أننا في ما يتعلق بالأمور العسكرية وسلاح المقاومة وإمكاناتها نعتمد الغموض البناء، وحثّ على تشكيل الحكومة «من أجل المصلحة الوطنية».

كلام السيد نصر الله جاء في كلمة له خلال الحفل التأبيني للراحلة آمنة سلامة أم عماد مغنية في مجمع «المجتبى» في الحدث عصر أمس، واستهلها بالحديث عن نضال الراحلة ومزاياها وقال: «أم عماد اليوم بعد رحيلها كما كانت في حياتها هي رمز من رموز مقاومتنا وجهادنا ومعركتنا وصمودنا وانتصاراتنا وستبقى كذلك، وسيبقى لها هذا الأثر الخالد».

وتطرق السيد نصرالله إلى خطابات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأيام القليلة الماضية «لأخذ العبرة والنقاش أيضاً في الخيارات، والتي طالب فيها بعض الدول الغنية التي يدعمها هو، بدفع الأموال في مقابل الحماية، لكنه ركز حملته، حتى الآن أربع مرات ويعدونها له، على المملكة العربية السعودية».

وقال: «للتذكير بما قال ويقول: نحن نحميكم وعليكم أن تدفعوا، ونحن لا نتقاضى البدل الكافي مقابل حمايتكم وأنتم لديكم أموال كثيرة. قال لهم يوماً لولانا لا تبقى طائراتكم في السماء. ثم قال بعد ذلك، مرة أخرى، لولانا لا تستطيعوا أن تحكموا أسبوعين وعليكم أن تدفعوا، طبعاً بكل واحدة يجب أن نحفط هذه «وعليكم أن تدفعوا». وكان قبل أشهر قد قال لحكام الخليج، دول الخليج – لقد قال للجميع- لولانا لا تستطيعون البقاء أسبوعاً واحداً. والكلام الأخير منذ يومين، قال فيه إيران كانت ستسيطر على منطقة الشرق الأوسط خلال 12 دقيقة، فهذا رئيس الولايات المتحدة الأميركية، إنّ إيران كانت ستسيطر على منطقة الشرق الأوسط خلال 12 دقيقة، هو من يخاطب؟ كل دول الشرق الأوسط وليس فقط دول الخليج، قبل توليه للرئاسة. أما وقد تولى الرئاسة- هنا إنجازه العظيم- فهو جعل الإيرانيين مشغولين بأنفسهم. حسناً، هذه خلاصة، طبعاً مع كل جملة «يجب أن تدفعوا»، «لديكم أموال طائلة»، و»ادفعوا»، وآخر شيء قال وسيدفعون. هذه هي أميركا، هذه هي الإدارة الأميركية».

أضاف: «اليوم الذي يرأس أكبر أو إحدى أهم القوى العظمى في العالم، كل معاييره هي معايير المال، مجتمع دولي، قانون دولي، أمم متحدة، مجلس أمن دولي، محكمة العدل الدولية، المحكمة الجنائية الدولية، كل هذا لا شيء، ليس له أي قيمة، بل يتعاطى معها باحتقار وتهديد وإهانة».

وتابع السيد نصرالله: «نحن اليوم أمام نموذج من أميركا التي أيضا توغل في استكبارها وعتوها إلى درجة أنها تهين حلفاءها وأصدقاءها … ولا نجد مقابل الإهانات الترامبية سوى البسمة والسكوت والخضوع والصمت القاتل والرهيب، فهناك رئيس أميركي يمارس الإذلال اليومي، ليس بحق أعدائه وخصومه، بل بحق أصدقائه وحلفائه».

ولفت إلى أنّ «لدينا أيضا ممارسة التهويل من قبل ترامب، التهويل على كل شعوب المنطقة ودول المنطقة، وبالخصوص على دول الخليج وبالأخص على المملكة العربية السعودية، التهويل، من دوننا لا تبقوا أسبوعاً، من دوننا لا تبقوا أسبوعين، من دوننا لا تبقوا 12 دقيقة، هناك شيء مذهل، أنا أريد أن أتحدث قليلاً عن 12 دقيقة».

وأشار إلى أنه «في كل الأحوال، أياً تكن خلفية 12 دقيقة إن إيران تسيطر على المنطقة، منطقة شرق الأوسط وليس دول الخليج، على الشرق الأوسط، تسيطر إيران بـ 12 دقيقة، أياً تكن خلفية هذا الكلام، إنما هذا يدل على عظمة إيران في عين ترامب، إيران المقاومة، إيران الصلبة، إيران الثابتة، إيران التي لم تساوم في يوم من الأيام لا على دينها ولا على نبيها ولا على مقدساتها ولا على سيادتها ولا على ثرواتها ولا على فلس من أموالهم أو قطرة نفط من نفطهم».

وقال: «هذا التهويل إلى أين يريد أن يصل؟ الابتزاز، يبتزهم ليبيعهم المزيد من السلاح، ليطلبوا منه المزيد من الحماية وليأخذ منهم المزيد من المال، إذا أريد أن أستعمل توصيفاً ضمن مصطلحات وأدبيات معينة معروفة ومستفذة في منطقتنا أستطيع أن أقول إن ترامب من خلال خطابه يكشف لنا أن الكثير من دولنا العربية والإسلامية اليوم تدفع الجزية لأميركا ولترامب مقابل بقائها في عروشها».

وتابع: «واقعاً أيهما أكرم، أشرف، أفضل، أحسن، أوجه، أوفر عليكم حتى بدفع الفلوس، إنه يبقى الشخص منصاعاً لترامب وأميركا أو لا، يذهب إلى منطقته، إلى دول المنطقة، يذهب، ينهي الحروب التي يشنها، يتوقف عن الدفع باتجاه الحروب الداخلية، يدخل إلى المنطقة بروح التصالح، بروح التعاون، بروح الإيجابية، ورغم كل الدمار والخراب اللذين خلفتهما الأحداث في السنوات الماضية في منطقتنا، مع ذلك أنت تستمع في اليمن إلى دعوات المصالحة ودعوات الحوار ودعوات وقف الحرب وتستمع في إيران، وتستمع في سورية، وتستمع في العراق،، وتستمع في البحرين، وتستمع في كل مكان فيه ظلامات وجراحات وآلام. ومع ذلك هناك من هو يريد أن يقفز فوق كل هذه الجراحات والآلام من أجل مستقبل شعوب هذه المنطقة».

أضاف: «أيهما أوفر أن تدفعوا الجزية لترامب أو أن تنفقوا مئات المليارات هذه على شعوبكم لمعالجة مشاكل البطالة وتأمين فرص العمل، ومعالجة مشاكل المرض، والصحة، والبيئة، معالجة مشاكل الجهل والأمية، معالجة الكثير من المشاكل التي تعاني منها. هذه الإمكانات المالية والإمكانات البشرية لو عمت روح التصالح والتعاون بين حكومات ودول وشعوب هذه المنطقة نستطيع أن نصبح في مرحلة متقدمة. لا أريد الحديث عن قوة عالمية وغير ذلك، لكن نستطيع أن نخرج شعوب منطقتنا من المجاعة التي تنتشر، من أين؟ من الصومال إلى اليمن، إلى كثير من دول العالم العربي والإسلامي، نخرج شعوبنا وأمتنا ودولنا وبلادنا من كل هذه المصائب والمآسي التي يعانون منها».

وفي الموضوع «الإسرائيلي»، قال السيد نصرالله: «نحن نعتمد في ما يتعلق بالأمور العسكرية وسلاح المقاومة وإمكانات المقاومة، وعديد وعدة المقاومة وما يتصل بالمقاومة، الغموض البناء. هذا الصمت هو صمت هادف، هذا سكوت هادف من موقع المعركة، ونحن من أجل أن يأخذ كل الناس علماً، كلما خرج ناتنياهو أو غير ناتنياهو بكلام، أن حزب الله عنده هيك أو ما عنده هيك أو في المكان الفلاني أو في غيره.على حزب الله أن يقدم إجابات؟ لا، أبداً ليس علينا أن نقدم إجابات ومن الخطأ أن نقدم إجابات لأن هذا يدخلنا بلعبة العدو».

واعتبر أنّ ما قامت به وزارة الخارجية والمغتربين بشأن الصواريخ «هو دبلوماسية متقدمة في معركة الدفاع عن لبنان ومواجهة أضاليل نتنياهو وحكومة العدو».

وفي الشأن السياسي الداخلي، حثّ السيد نصرالله على تشكيل الحكومة، وقال: « للأسف رغم أننا قلنا مرة واثنين وثلاثة وأربعة أننا نحث على تشكيل الحكومة من أجل المصلحة الوطنية لكن البعض مصر أن يقول لأن حزب الله محشور بالإقليم؟ أين محشور بالإقليم! لا محشورين لا بالإقليم ولا بالعالم نحن لسنا محشورين ولا منضاقين ولا مزعوجين ولا شيء من هذا القبيل».

وأضاف: «نحن عندما نتحدث، نتحدث عن مصلحة الناس، الكل يقول الوضع الاقتصادي، الوضع المالي، الوضع المعيشي، بدأ الشتاء، بدأت الأمطار، ولاحقاً ستبدأ المشاكل، فيضانات بالمدن والقرى، على مدى أيام شاهدنا سيولاً جارفة في البقاع الشمالي بمنطقة بعلبك الهرمل، والكل يتحدث عن أزمة النفايات القادمة على الأبواب، وأزمة كذا وأزمة كذا وأزمة كذا، ماذا تنتظرون؟ الكل يعرف الأسباب الداعية والموجبة للاستعجال إذا ما الذي تنتظرونه؟ على كل حال هذا المشهد السياسي في موضوع تشكيل الحكومة يجب أن يكون هناك عبرة للشعب اللبناني عندما يرون القوى والقيادات السياسية كيف تتصرف في هذه المسألة وما هي أولوياتها والمصالح التي تقدمها على غيرها».

وختم السيد نصرالله: «نحن اليوم أمام مرحلة، القرار اللبناني هو القرار المتاح والإقليم مشغول عنا والعالم كله مشغول عنا، يجب أن يثبت اللبنانيون من خلال هذه التجربة أنهم جديرون بالحرية والسيادة والاستقلال».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى