«الدولاب والعربة وأثرهما الحضاري في سورية»… دراسة تاريخية أثرية

أصدرت الهيئة العامة السورية للكتاب دراسة تاريخية أثرية بعنوان «الدولاب والعربة وأثرهما الحضاري في سورية» للباحثة مياسة يونس ديب بهدف معرفة مكان وزمان اختراع الدولاب بنوعيه الفخار والعجلة والعربة وتتبع مراحل تطورهما خلال العصر الحجري – النحاسي وعصر البرونز المبكر.

توضح الدراسة أهمية اختراع الدولاب والعربة لكونهما أحد أهم وأكبر الإنجازات التقنية في العالم القديم وعاملاً إبداعياً لإحداث نقلة نوعية في جميع مجالات الحياة الانسانية آنذاك، إضافة إلى ما أحدثاه من تغيير بنيوي كبير في المجتمع ودفع عجلة التطور إلى الأمام وبتسارع في تلك الحقبة التاريخية مع عرض البقايا والنماذج الكاملة وشبه الكاملة وطبعات الاختام الأسطوانية التي تحمل صورهما إضافة إلى ورودهما في الرسوم الجدارية والنصوص المسمارية المكتشفة في مختلف المواقع السورية.

واعتمدت الدراسة منهجاً علمياً قائماً على الوصف والمقارنة بين اللقى الأثرية المتضمنة للعربة والدولاب القادمة من «مناطق الجزيرة السورية والمناطق الداخلية» وتوثيقها بالرسوم التوضيحية والصور الفوتوغرافية إضافة إلى المصادر العربية والأجنبية والمراجع والمقالات في المجلات والدوريات التخصصية الأجنبية للكشف عن أوجه التشابه والاختلاف بين هذه المناطق.

وقسّمت الدراسة إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول وخاتمة وملاحق خاصة بالأشكال حيث تناول التمهيد منطقة سورية جغرافياً ومناخياً وبيئياً وتاريخياً ضمن الإطار المخصص للدراسة وهو العصر الحجري ـ النحاسي وعصر البرونز المبكر والإنجازات التي ظهرت في مجال التجارة وتبادل السلع والمنتجات على مختلف أنواعها في سورية آنذاك والتي ساعدت في إنشاء الطرق التي ربطت المناطق المتباعدة وفي تطوير وسائل الإنتاج والنقل ما أدى إلى تطوير مفهوم المدنية المنظمة ومتعددة الأقسام فظهر التخصص في الأماكن القصور والمعابد وأماكن ورشات العمل والمشاغل والمساكن وغيرها.

ويعرّف الفصل الأول بأهمية اختراع الدولاب وتطوير تقنية تصنيعه ودوره المباشر في تسهيل وتطوير الكثير من جوانب الحياة، أما الفصل الثاني فبين كيف استطاع علماء الآثار من خلال دراسة الدمى الطينية والبقايا القليلة للعربات التعرف على أجزائها واستعمالاتها في مجالات نقل البضائع والتنقل البشري والأغراض المدنية والعسكرية والدينية، حيث استعملت العربة للاحتفالات الكبرى المقامة للآلهة ولأهميتها اختار مالكوها أمهر الصناع الذين اهتموا بأدق التفاصيل أثناء تصنيعها والتي تظهر طبيعة العربة والزخارف التي زيّنت سطحها الخارجي وتزيينها بعناصر جلبت من مناطق بعيدة.

واستعرض الفصل الثالث شخصية مالكي العربات المتمثلة بالعائلة الملكية وكهنة المعبد والجند إضافة إلى الوضعيات التي كانت تتخذ أثناء استعمالها والتي كانت تختلف باختلاف نوعية العربة كما درس أيضا أهمية حيوانات الجر التي كان يتم استيرادها وتربيتها واستعمالها لهذا الغرض.

وختمت الدراسة التي جاءت بـ 303 صفحات من القطع المتوسط بالإشارة إلى المواقع السورية التي أدت دوراً مهماً في نقل وتطوير هذه العربات، لأنها كانت تستعملها وبكثرة ما جعلها تتفوّق في صناعتها على المناطق المجاورة «بلاد الرافدين ووادي النيل» التي استعمل سكانها القوارب لسهولتها في عملية النقل والتنقل عبر قنوات المياه والأنهار والبحار.

يذكر أن الباحثة مياسة يونس ديب هي أمينة تحرير مجلة الوقائع الاثرية في سورية ساهمت في ترجمة مجلة الحوليات العربية السورية الأثرية وتعمل حاليا في المديرية العامة للآثار والمتاحف.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى