الناشف: النظام الطائفي ولاّدة للأزمات ولاحتراف الرقص على حافة الهاوية والعلة هي بهذا النظام الفاسد الذي عجز ويعجز عن ترجمة وعوده

أحيت منفذية المتن الشمالي في الحزب السوري القومي الإجتماعي عيد تأسيس الحزب، باحتفال حاشد في قاعة الكناري ــ ضهور الشوير، بحضور رئيس الحزب حنا الناشف، نائب رئيس الحزب وائل الحسنية، رئيس الحزب الأسبق مسعد حجل ناموس مكتب الرئاسة رندا بعقليني، رئيسة مؤسسة رعاية أسر الشهداء نهلا رياشي، منفذ عام المتن الشمالي سمعان خراط وأعضاء هيئة المنفذية عدد من أعضاء المجلس القومي ومسؤولي الوحدات الحزبية.

كما حضر الوزير نقولا تويني، الوزير السابق بشارة مرهج، ممثل عن النائب الحالي الياس بوصعب، منسق التيار الوطني الحر في المتن عبده لطيف، مسؤول الحزب الشيوعي في جبل لبنان نقولا نهرا والدكتور عاطف نهرا، وفد من حزب البعث العربي الاشتراكي ضم وسام أبي حيدر ووجيه نصر، سفير الأمن والسلام الشيخ الدكتور خطار القنطار، وعدد كبير من الفاعليات ورؤساء البلديات والمخاتير في المتن الشمالي وحشد من القوميين والمواطنين.

تعريف

عرًف الحفل ناظر الإذاعة في المتن الشمالي وسام أبي حيدر، وجاء في كلمته: «في البدء كانت سورية الكلمة الأولى في سجل الأمم والشعوب، وقبلها أي شيء لم يكن.

كانت سورية فكانت بداية المدنية وأولى مظاهر الحضارة الإنسانية، كان الحرف والتنظيم والشرائع والفلسفة والفن.

سورية مهد رسالة المحبة والتسامح ومعراج الأنبياء وملهمة الشعراء، سورية منبت الخصب وإهراءات الرزق والأنهار الجارية التي تروي الأرض الخصيبة، سورية رسالة علم وثقافة ومحبة وتوأم التاريخ ودنيا الخلود.

السادس عشر من تشرين الثاني 1932 تاريخ جديد ولد من رحم الأصالة التي تكتنز بها نفسنا السورية، ولادة جديدة حقيقية رّصّعت بمبادىء إصلاحية وأساسية فتجوهر وجود أمة ما كانت الأمم إلا بعض بريقها، ولادة استحالت صراعاً واستشهاداً وتضحية وفداءً من أجل قضية كبرى تساوي وجودنا.

من تلك التلة الرابضة بين تلال الشوير شيّد عرزال مطل على أصقاع الأمة كلها، أغصانه سيوف حق وخير وجمال، جدرانه أعمدة نور وهداية، وسقفه سماء المعرفة والقيم.

هو أكبر من قصور الملوك والرؤساء وأعظم من قلاع الأباطير والفاتحين، بانيه قض مضاجع ملوك الطوائف والإقطاعيين بفكره، نقض سير التاريخ شامخاً بإباء وعزة وقوة بوقفاته، فلا المال استهواه ولا السلطة أغوته ولا الألقاب حرّفت فكره، همه بلاده سورية فوق كل اعتبار، استنبط من روحها بلسماً يعالج شوائبها وأدرانها ويشرق بحقيقتها شروق الشمس في أشدّ ساعات الاحتضار استسلاماً، أسّس حزباً حاملاً ديانة من الأرض رافعاً النفوس بزوبعة حمراء إلى السماء، نشر رسالته لأجيال وأجيال حقيقة مطلقة تساوي وجودنا، استشهد على رمال بيروت صارخاً أنا أموت أما حزبي فباق».

ثم ألقى يوسف السبعلي قصيدة من وحي التأسيس.

بعدها كانت قصيدة للزهرة كريستال أبي حيدر من وحي المناسبة. وجاء فيها:

١٦ تشرين انكتب دستور

بكلمات مدروسة ومدونة عسطور

قالها سعاده وكشف المستور

وأسس حزب بيعيش ل دهور

الطائفية بتسقط عالمدى المنظور

والعلمنة بتعيش ع مدى العصور

العقيدة واضحا حروفها من نور

سوريا اسمها بالفكر محفور

أمة عظيمة فيها شعب مسرور

وزوبعة محوربة جيشها من نور

أيا جيش سوريا بيزور

ع أرضها بينتهي محطم ومكسور

أرضنا بتنبت حبق ومنتور

وإنتو حضارتكن تدمير القصور

بيقتل شعبي حاخامكن مسرور

يهود خيبر إجرامكن محفور

بعقول شعب عانا منكم المنكور

إذا إنتو نار نحنا نور

جسر التواصل بيننا مكسور

الزعيم قال ممنوع العبور

واللي بيدق بسوريا القبر بيزور..

كلمة الطلبة

ثم القت أليسا صليبا كلمة الطلبة وجاء فيها: «حينَ عَقَدْنا القلوب والقبضات على الوقوفِ معاً والسقوطِ معاً، نقَضْنا بالفعل حكم التاريخ، وابتدأنا تاريخَنا الصحيح، تاريخ الحرّية و الواجب والنظام والقوّة «.

لعلّ تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي هو الزلزال المُنتظر الذي يقلب جميع المعايير، لقد نشأ الشعب على مفاهيمٍ لا تُحصى لطالما ظنّها فضائل، وهي في الحقيقة أقبح الرذائل، فلم تترك عقيدة هذه النهضة فساداً إلّا وهاجمته، لم تجد ضعفاً إلّا واقتلعته، لم ترَ عبوديّةً إلّا و حطّمتها.

إنَّ أهميّة واقع التأسيس تكمن في أنّه فعل إرادي بحت، نابع من ثقافةٍ عميقة ووعيٍ كامل وإرادةٍ مستقلّة، إنّها رسالة حياة جديدة عزيزة مجيدة من الشعب السوري إلى الشعب السوري، وليست ردّة فعل مؤقّتة على حدث معيّن، إنّها دعوة لاستعادة وهج تاريخ الأمة السورية وحضارتها.

أنطون سعاده هو الوحيد الذي ابتكرَ حزباً وعقيدةً من دونَ التأثّر بأيّ فكر أجنبي، وهو لم يختصر الحزب بشخصه، بل أعطى للزعامة مفهوماً واضحاً ومساراً نظاميّاً، ولطالما شدّد الزعيم على مبدأ الابتكار الخلّاق المنافي للتقليد، ومحاربة الموروثات الفكرية.

إن كنّا نريد الاحتفال بتأسيس الحزب، يتحتّم علينا معرفة المعنى الحقيقي للتأسيس، ألسنا تلاميذ المدرسة التي تقول إنَّ التعيين هو شرط الوضوح؟ جاء هذا التأسيس ليثور على الأمراض النفسية المتفشّية في المجتمع والأفراد، جاء ليُسقط عنّا رداء العبودية يرفع هذه الأمة من الحضيض إلى المجد، جاء ليمسح الخمول الذي أثقل جوانحنا، جاء ليثبّت أنَّ المبادئ وُجدت لخدمة الشعوب، لا الشعوب لخدمة المبادئ، وأنَّ الأفكار التي لا تخدم مصلحة المجتمع تسقط في معترك العقائد. جاء ليعلّمنا أنَّ السلام الذي لا يُفرض بالقوّة ليس سوى استسلاماً للأمر الواقع يؤدّي إلى الهلاك المُحَتَّم، جاءَ ليجعلَ كلّ واحدٍ منّا واثقاً بنفسه، مؤمناً بقدراتهِ، لبناء شخصيّة يتحطّم عليها استهزاء الأمم الأخرى. علّمنا التأسيس أنَّ الإنسان الحقيقي هو المجتمع، وأنَّ الفرد هو فقط إمكانيّة اجتماعيّة.

إنّ تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي هو دعوة للصمود والتشبّث بالحقّ، إنّه تحدّ للأمر الواقع الذي يُراد أن يُفرض علينا، تحدّي البقاء حين نصبح على شفير الهاوية، تحدّي التحليق ولو نزفت جوانحنا.

وختمت: ألم نقل أنّنا تعاهدنا في هذا الحزب على تحقيق أمرٍ خطيرٍ يساوي وجودَنا؟ إنَّ الأمر الخطير في طريق التحقيق، وخفقات ألوف القلوب تحقّقه شيئاً فشيئاً، قلوب نبضُها واحد في السراء والضرّاء، في ساعات النصر والفشل، إنّ الطريق التي نسلكها صعبة ولكن لم يرغمنا أحدٌ على اختيارها بل أحببنا سلكَها بكامل إرادتنا، و لعلّ كلّ خطوة نمشيها، تجعل الأرض أقلّ وعورة للذين سيأتون من بعدنا».

الناشف

وفي الختام، ألقى رئيس الحزب حنا الناشف كلمة جاء فيها: «بينما يتفنّن المتحاصصون في تفصيل رداء الوزارة كل على قدر حجمه وقياسه، وبينما يتخاصمون على تقدير الأحجام والقياسات، وعلى الوزارات السيادية وغير السيادية، والخدماتية وغير الخدماتية، باختراع تسميات لا وجود لها على أرض الواقع.

وبينما يعطى البعض ما ليس له، ويحرم البعض مما له دونما أساس أو مبدأ، وبينما يتركهم الرئيس المكلف ليمضي في رحلات سياحية وغير سياحية، ليعود من ثم دون أن يكون في جعبته حل من الحلول المطلوبة، وبينما النيران تشتعل من حولنا، والإرادات والمطامع الأجنبية تعمل لتفكيكنا، ولانتهاك أرضنا ولتدمير اقتصادنا ولوضع اليد على ثرواتنا، فإنه لا يبدو أننا في عجلة من أمرنا لمواجهة التهديدات المحيطة بنا، ولمعالجة الانهيارات الحاصلة وكأنّ الوسيلة أصبحت غاية».

وقال: «بدل أن يكون تأليف الوزارة هو الوسيلة لخدمة الأغراض الوطنية، أصبح التأليف هو المعضلة التي تتطلب حلاً، أما الأغراض الوطنية، بما فيها السياسية والاقتصادية والمالية والبيئية والعمالية، والإنتاجية والاستثمارية فيمكنها الانتظار.

و»بدل أن يكون الغرض هو إنقاذ الاقتصاد المتدهور، ومنع انهيار الشركات والمؤسسات ووضع حدّ للتصحر، ولسيطرة الإسمنت على الشجر والغابات، ولمعالجة السموم التي تطلقها أكوام النفايات، وعشرات آلاف المولدات التي تخنق البشر وتسمم البيئة وتنشر الكوارث الصحية، وحل أزمة الكهرباء، التي تنتقل من دون حل من جيل إلى جيل، أصبح الغرض هو الاتفاق على حصص زعماء الطوائف».

وتابع الناشف:»يا لبؤس هذا الشعب، يشرب الشعب اللبناني مياهاً نظيفة ويأكل مآكل غير ملوثة، ويتنشق هواء نظيفاً، ويضع يده على زر الكهرباء ليندفع منه التيار الكهربائي، ولا يدفع إلا فاتورة واحدة للكهرباء، وفاتورة واحدة للمياه، وستدور عجلة الاقتصاد، وسينعم الشعب اللبناني بالأمن والبحبوحة، إذا تشكلت الوزارة؟»

وستتشكل الوزارة وستمضي الأيام والسنون، وسيبقى وضع الهواء، والكهرباء، والنفايات، على حاله، وسيبقى الناس يذهبون لإنجاز معاملاتهم في دوائر الدولة، فلا تنجز أية معاملة إلا بالدفع مرتين، وسيذهب التاجر ليخلص بضائعه من الجمارك، وسيكون تخليصها أسرع إذا كان الدفع خارج الفاتورة، وسيبقى أولياء الطلاب يعانون من الاقساط الباهظة ثمناً للعلم، مع أنّ العلم يجب أن يكون مجاناً كالهواء والشمس والماء، وسيذهب العامل إلى عمله ليجد في كثير من الأحيان ورقة إنهاء خدماته لأنّ الشركة التي يعمل فيها مضطرة لتخفيض عدد العمال، وسيذهب المريض إلى المستشفى فلا يسمح له بالدخول لأنه لا يحمل في جيبه الدفعة المقدمة. وقد يموت، أو يموت ذووه على باب ذلك المستشفى، وسينظر صاحب المصنع حوله فيجد أن بضائعه مُكدّسة، ولا تصريف للإنتاج، وأن دائنيه ينذرونه لتسديد ديونه، وسيقطف المزارع ثمار أرضه ولا يجد لها سوقاً لبيعها.

لا نقول ذلك تجنياً أو تشفياً، بل نقوله لأننا خبرناه، تألفت وزارات وسقطت وزارات، ونالت ثقة وزارات، بنفس البيانات الوزارية وبنفس الوعود، وبقيت الأمور على حالها منذ عشرات السنين. وهذا ما يجعلنا نجزم أنّ العلة ليست في المشاريع ولا في البيانات الوزارية، ولا في الرجال، بل العلة هي بهذا النظام الطائفي الفاسد، الذي عجز ويعجز عن ترجمة وعوده وشعاراته إلى واقع محسوس، لأنه بقى مكبلاً بقيوده الطائفية ومعتقلاً تحت سقف سجنه الطائفي والمذهبي. وكلما طرح مصلح رأياً، أو وطد العزم للقيام بعمل إيجابي ما أو اقترح إصلاحاً سياسياً ما، يواجه من زعماء الطوائف بالتمترس وراء حقوق طوائفهم، أو وراء الزعم بحرمانها، أو بالإجحاف بحصتها، أو وراء الإخلال بالتوازن الطائفي. وينبري الشعب، كلّ حسب لونه الطائفي، للتصفيق لمن تنكب الحفاظ على حقوق الشعب الطائفية، وهو بالواقع لا يحافظ إلا على حقوقه الشخصية، وعلى مصالحه السياسية والمالية الشخصية.

ويسكّرون الشعب بمقولة الأعجوبة اللبنانية وبنظام التعايش الطائفي. أية أعجوبة هي هذه التي تجعل ولاءات المواطنين لوطنهم نتيجة ولائهم لطوائفهم. حتى أنه كلما احتدم صراع على حصة من الحصص في طائفة ما، يخشى أن ينتقل الصراع العنفي إلى الطوائف الأخرى ومنها إلى الشارع. لقد أصبح هذا النظام الطائفي ولاّدة للأزمات ولاحتراف الرقص على حافة الهاوية، فنحن ننتقل من أزمة الفيول إلى أزمة المولدات إلى أزمة الطاقة وإيجار البواخر أو بناء معامل انتاج الطاقة، ننتقل من أزمة تلويث البحر والأنهار إلى أزمة النفايات، إلى أزمة طمر النفايات إلى أزمة فرز النفايات، إلى أزمة معامل حرقها، ننتقل من أزمة استخراج البترول والغاز، إلى أزمة التوقف عن ذلك إلى أزمة استدراج العروض وإرسائها، إلى أزمة الخلاف على تحديد الآبار التي سيبدأ العمل فيها، إلى أزمة المناطق التي ستنال حصتها منها.

نحن نختلف على كلّ شيء، ونعجز عن اجتراح الحلول لأزماتنا لأننا لا نزال في عصر الطوائف ومصالح الطوائف.

منذ سبعين سنة، وبالضبط منذ 7/4/1948 كتب سعادة في مجلة الجيل الجديد:

«إن وضع البلاد السياسي المشابه للوضع السياسي في القرون الوسطى يسمح بكثرة الأحزاب وكثرة النزاعات وكثرة الغايات، فالبيوتات الكبيرة من إقطاعية ورأسمالية وغيرها لا تزال تتجاذب النفوذ وتتنافس في المصالح. بيوتات وحزبيات تَعِدُّ منها ولا تَعدُّها. ثم هناك مسألة الماروني والأرثوذكسي والسرياني والبروتستانتي والسني والشيعي والعلوي والإسماعيلي والدرزي، فهذه المسألة لا تزال تجذب بقية كبيرة من عقلية عتيقة تسهل تكاثر الأحزاب، وتضع أمام الطامع السياسي إمكانيات غير قليلة لتأليف الحزب السياسي. في هذه الفوضى والنزعات الفردية، تصبح السياسة غاية، وتكثر الأحزاب الملوِّحة للشعب بجداول إصلاحها لتزيد البلبلة والفوضى».

نعم مرّت سبعون سنة ولا نزال نتصرف اليوم كأننا لا نزال نعيش في القرون الوسطى. ودعونا نتصارح بصوت مرتفع: لقد آن الأوان لننتقل إلى تطبيق لغة العصر وإلى الحداثة وإلى عصر المعلومات.

نعم إذا أردتم أن تبنوا وطناً لا شركة أو شراكة للطوائف والمذاهب، دعونا نخرج من معادلة الطوائف وتوازن الطوائف. صحيح أنّ الإنسان اللبناني، ذكي ونشيط وطموح، إلا أنّ هذا النظام الطائفي التمييزي الانتقائي يحد من ذكائه ونشاطه وطموحه، ويفتك بحيويته، ويبدّد طاقاته، ويجعله رهينة الواسطة الطائفية، سعياً وراء الوظيفة، أو يدفعه طموحه إلى الهجرة حيث تبرز مواهبه فتبتلعه الأوطان الأخرى.

إذا أردتم أن تبنوا وطناً، فليتساو جميع المواطنين أمام القانون، ولتعط الفرص للمواطنين بالتساوي، في الوظيفة، وفي السياسة، وفي الترشيح، وفي انتخاب ممثليهم على الأساس النسبي في كل لبنان كدائرة واحدة ودون القيد الطائفي، وليفصل الدين عن الدولة. ليفصل عن مؤسسات الدولة ودوائرها ومجالسها، ومصالحها، فيكون العلم والكفاءة والولاء للوطن ونظافة الكف هي سبيل المواطن لخدمة وطنه ولأخذ الموقع الذي يستحقه فيه. وهذا لن يمس ولا يمكن أن يمس ولن يكون له أي أثر في حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لكل المواطنين.

إذا أردتم أن تبنوا وطناً وتكونوا شعباً واحداً، أزيلوا الحواجز بين مختلف المذاهب والطوائف، وليخضع جميع اللبنانيين لقانون مدني واحد، وليس لعشرات القوانين، ولقضاء واحد في الأمور التي تتناول حياتهم ومماتهم وزواجهم وفسخ زواجهم وطلاقهم وإرثهم وتصرفاتهم.

وإذا أردتم أن يكون لمقولة الأعجوبة اللبنانية معنى، ضعوا خطة إنمائية شاملة واعملوا على تطبيقها، وانصفوا العامل، واخلقوا للعاملين فرص عمل بتنمية الاقتصاد الوطني وتشجيع الصناعات الوطنية، وأولوا المزارع والفلاح عناية وحماية، وافتحوا الأسواق لمنتوجاته وللإنتاج الصناعي الوطني، وانفتحوا على بيئة لبنان الطبيعية تجارة ومبادلات وعلاقات، بل اتحدوا مع بيئتنا الطبيعية في السياسة والدفاع والآمن والاقتصاد والتجارة.

حاربوا الفساد واقتصوا من الفاسدين، وقدموا الخدمات الأولية والحياتية والمعيشية لدافعي الضرائب، ولا تدعوهم يشعرون أنّ ما يدفعونه من ضرائب يتبدد وينتقل إلى جيوب الفاسدين والمفسدين.

اجعلوا الطالب يثق بأنه سيجد وظيفة أو عملاً عند تخرجه، لا أن ينتظر سنوات ويطرق عشرات الأبواب من دون جدوى.

أمّنوا للمريض مستشفى ودواء، وللمسنّ ضماناً صحياً، وللموظف والمتعاقد أجراً مجزياً لحمايته من إغراءات الرشاوى.

طبقوا القانون على الجميع، من دون تمييز أو تمايز، وانبذوا الطائفية والمذهبية والحزبيات الدينية.

اعملوا على حماية أرضكم وسمائكم وشعبكم من تعديات ومطامع وانتهاكات عدوكم ومغتصب أرضكم، كرّموا أبطالكم الحقيقيين الذين بذلوا حياتهم دفاعاً عن وحدة لبنان شعباً وأرضاً، وعن سلمه الأهلي.

وعندئذ تنقلون هذا البلد من الوضع السياسي المشابه للقرون الوسطى إلى نظام سياسي متطور وعادل، وينتقل الولاء الطائفي فيه إلى ولاء وطني يعتزّ فيه المواطنون بانتمائهم إلى وطن الكرامة والمساواة والقانون والعدالة والحرية.

أقول كلّ ذلك ونحن في ضهور الشوير، في المكان الذي أبصر سعاده فيه النور، في المكان الذي شهد أولى خطواته نحو الحياة، في المكان الذي حضنه صغيراً وأرسله إلى الأمة وللعالم معلماً ومنارة وقدوة، أقول ذلك ونحن في المتن، في المنطقة التي أعطت الحزب خيرة قياداته، في قلعة الصمود والتضحيات والتصدي لكل مشاريع التفرقة والتفكك والانغلاق والانعزال، على هذه الأرض وقف رفقاؤنا ووقفتم لتدافعوا عن لبنان الواحد، وليسقط منهم ومنكم مئات الشهداء لتحافظوا على وجه هذا البلد الوطني، الذي يحيا بالحرية ويموت بالطائفية، وعلى حق شعبنا بالحياة الحرة الكريمة.

أقول من هذه المنطقة الأبية المناضلة لرفقائي كل رفقائي، ونحن نُحيي مناسبة تأسيس حزبنا الرائد، بأنكم كنتم ولا تزالون وستبقون سيف لبنان وترسه، وسيف العروبة الحقة وترسها، لقد تنكّبتم مسؤولية العمل لبعث نهضة سورية قومية اجتماعية تحقق مبادئ حزبكم، وتنقل أمتكم من حالة الضياع والتشتت والبلبلة، إلى حالة الوضوح والمعرفة والوحدة، وتألقت هذه النهضة بتضحياتكم وبوقفات العز التي وقفتموها في كل ساح، فاعتصموا بحبل حزبكم وعقيدتكم، واقرنوا القول بالعمل، وكونوا شهود الحق والحقيقة، وسيروا على طريق الانتصار العظيم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى