مجلس الشيوخ يقرّر بـ 63 صوتاً البدء بمسار وقف دعم حرب اليمن مساعٍ لاحتواء التوتر قبل وضع مشاريع الحلول الحكومية في التداول

كتب المحرّر السياسيّ

لم يعد بيد ولي العهد السعودي ما يقدمه للأميركيين من خدمات وأوراق اعتماد لتوفير المزيد من الحماية له أمام تصاعد الحملات التي تستهدفه، إلا إثبات ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن كونه ضمانة لأمن «إسرائيل»، عبر ما يتبرّع به حلفاؤه في لبنان من تصعيد بوجه حزب الله ومحاولات إرباكه، ومواصلة استهدافه وشيطنة قادته ورموزه، وتحميله مسؤولية تدهور الاقتصاد وتهديد الوضع المالي ليصير للعقوبات الأميركية معناها، وهل من قضية تحتلّ المرتبة الأولى في الاهتمامات الأميركية والإسرائيلية تتقدّم على إرباك المقاومة واستهدافها ومحاولة حصارها ووضعها في المواجهة مع شعبها؟

ألغى محمد بن سلمان زيارة الجزائر وموريتانيا تفادياً للحملات الاحتجاجية بعدما ذاق الطعم المرّ في تونس واضطر لجعل زيارته في العتمة ولساعتين فقط بينما الشارع مشتعل بالهتافات ضده، ووصل إلى الأرجنتين للمشاركة في أعمال قمة العشرين، حيث كانت في استقباله دعوى قضائية رفعتها منظمة هيومن رايتس ووتش، وبدأت مفاعيلها بتحريك النيابة العامة ودراسة أبعاد الحصانة، مع تقديرات بقاء الدعوى بإطار الرمزية، وأقام ولي العهد السعودي في سفارته تجنباً للاحتجاجات وهو ينتظر المواعيد التي لم يتثبت منها سوى اللقاء بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهو الموعد الذي يصفه الأميركيون بالخبيث بعد امتناع الرئيس الأميركي عن تحديد موعد مماثل لإبن سلمان تهرباً من تداعيات أميركية بدت في تصاعد بوجه الرئيس وفريقه، على خلفية اتهامات موجّهة لترامب بجعل مصالحه الشخصية والعائلية فوق مصالح أميركا، وتقديم مصلحة السعودية على المصلحة الأميركية.

مجلس الشيوخ الذي استمع لوزيري الدفاع والخارجية جيمس ماتيس ومايك بومبيو، رفض الذرائع التي قدّمها الوزيران لعدم السير بقانون عقوبات ينص بصورة مباشرة على تحكم الكونغرس بمسار الدعم الأميركي للحرب على اليمن، حيث صوّت المجلس بأغلبية ثلاثة وستين صوتاً لصالح بدء المسار القانوني بإحالة الأمر للجنة الشؤون الخارجية لوضع النص القانوني الرامي لإنهاء الدعم الأميركي للسعودية في الحرب على اليمن.

لبنانياً، حضر التوتر السياسي والإعلامي وأخطار تحوله توتراً أمنياً مع تحركات مناصري تيار المستقبل في الشارع، في مناقشات المجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وتم تأكيد منع أي تحركات في الشارع وعلى العمل لاحتواء التوتر السياسي والإعلامي، منعاً لخروج الأمور عن السيطرة، بينما بقيت مساعي الحلحلة للمأزق الحكومي بعيدة عن التداول رغم كثرة التكهنات حول طبيعة الأفكار التي تمّ البحث بها في لقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري بوزير الخارجية جبران باسيل، ومع سفر باسيل بدا أن الجمود هو المسيطر وأن ساعة البحث في المخارج لم تحِن بعد، ربما لأن استثمار التصعيد بوجه حزب الله باتت وظائفه تتقدم على أولوية الإسراع بتشكيل الحكومة، كما تحميل حزب الله مسؤولية تعطيل الحكومة وما يرافق ذلك من جمود اقتصادي قد يمنح العقوبات الأميركية قدراً من المصداقية.

«الثنائي»: لن نقبل بحلٍّ على حسابنا…

لم يجد فريق الثامن من آذار في لائحة الأفكار والاقتراحات التي حملها الوزير جبران باسيل الى عين التينة أنها قابلة للتطبيق والإسقاط على المعادلة الحكومية، وحتى أن عروضه لم تغادر جدران مكتب رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي حسم الأمر قبل أن يُطلع اللقاء التشاوري وحزب الله على مضمون اللقاء، إذ رفض رئيس المجلس أن يبادر الثنائي الشيعي للتنازل من حصته كما بادر أكثر من مرة في حكومات سابقة، ورفض أي حل يأتي على حسابه. فالمشهد المحلي والخارجي تغير في الوقت الراهن وعلى الآخرين التنازل، فهناك موازين قوى في المنطقة تتبدل لصالح محور المقاومة وهناك واقع نيابي وشعبي جديد أفرزته الانتخابات النيابية على الجميع الخضوع له، وبالتالي زمن الاحتكار والإقصاء ولّى الى غير رجعة، بحسب ما قالت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء».

وفي ظل سقوط الاقتراحات «الباسيلية» تدريجياً وتجميد مبادرة رئيس التيار الوطني الحر الذي غادر الى صربيا في زيارة تستمرّ يومين، ومع إغلاق أبواب بيت الوسط على الحلول يبقى حلّ من اثنين لا ثالث لهما، بحسب المصادر:

الاول: أن يبادر الرئيس المكلف سعد الحريري الى منح الوزير السني الذي تنازل عنه للرئيس نجيب ميقاتي الى اللقاء التشاوري، فستة نواب أولى من نائب واحد.

الثاني: أن يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون الى إسناد الوزير السني الذي يتبادله مع الحريري بماروني الى اللقاء التشاوري.

وفي الكواليس طُرح اقتراح ثالث يقضي بأن يسمّي اللقاء التشاوري 5 أسماء من خارجه لتسليمها للحريري الذي يختار من بينها واحداً يمثلهم. الأمر الذي رفضه اللقاء، مؤكداً بحسب أوساطه تمسكه بوزير من اللقاء، مشيراً الى أن رفض الرئيس المكلف استقبالهم يحمل نيات كيدية وإقصائية واحتكارية للتمثيل السني. وهذا ما لم يعد مقبولاً بتاتاً.

وجدد بري في لقاء الأربعاء تأكيده «ضرورة العمل من أجل تشكيل الحكومة في أسرع وقت»، مشيراً الى «ان هناك محاولة وآليات جديدة لحل هذه المسألة نأمل أن تؤدي الى النتائج المرجوة، خصوصاً أن الجميع يدرك أن لا مناص من تأليف الحكومة لمواجهة كل المشاكل والاستحقاقات لا سيما الوضعين الاقتصادي والاجتماعي. وقال بري «إن البلاد لا يمكن أن تستمر على هذا الوضع، وعلى الجميع تحمّل مسؤولياتهم والعمل من أجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجامعة التي تتسع للجميع والتي تقع على عاتقها مواجهة الاستحقاقات والمخاطر ومنها الوضع الاقتصادي الذي يبقى في أولى اهتماماتنا لما له من انعكاسات على الأوضاع المالية والاجتماعية والمعيشية».

وإذ لفتت مصادر في تيار المستقبل لـ«البناء» الى أن هدف حزب الله من خلال افتعال عقدة تمثيل سنة 8 آذار كسر الحريري كي يأتي به الى الحكومة ضعيفاً لتسهيل هيمنته على القرار الحكومي عبر حلفائه، أوضحت مصادر 8 آذار أن «كل محاولات تحميل حزب الله مسؤولية تأخير ولادة الحكومة لن تقدّم ولن تؤخّر ولن تبدل شيئاً في موقف الحزب، لأن مصلحته في الوفاء لحلفائه وتظهير حقيقة وجود جمع كبير من السنة المؤيدين للمقاومة أهم بكثير من أي شيء آخر وحتى لو كانت الحكومة نفسها». ووضعت المصادر الحديث عن انهيار اقتصادي ومالي في إطار حملة التهويل غير الموضوعية، «فالبلد ليس ذاهباً الى الانهيار ولا يعاني من الفلتان كما يُقال، بل هناك حكومة تصريف اعمال يمكنها تقطيع مرحلة الازمة ريثما يصار الى تأليف حكومة جديدة»، وذكّرت المصادر بإطالة أمد تأليف إبان حكومتي الرئيسين ميقاتي وتمام سلام حيث ملأت حكومة تصريف الأعمال الفراغ آنذاك، وكان الوضع الاقليمي أعقد من الآن». ولفتت المصادر الى أن «الرئيس الحريري سيقتنع في نهاية المطاف بالتنازل لكن بعد أن يُبلغ رسمياً بسحب الثقة النيابية منه وتكليف غيره لتأليف حكومة، لكنه مطمئن الى أن الرئيس عون ومعه التيار الوطني الحر لن يقلب الطاولة عليه، ما يعني أن بقاء الحريري رئيساً مكلفاً مرتبط بمدى صبر الرئيس عون والتيار كشريك للتسوية الرئاسية مع الحريري وليس بقرار حزب الله. فالمعني بالطلب بين التغيير والانتظار هو عون وحزب الله يقف خلفه في أي قرار يتخذه».

وأكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «أن حزب الله ليس طرفاً في أزمة تشكيل الحكومة، وليس من مفتعلي الازمة على الإطلاق، وان الحل هو في التحاور مع النواب الستة السنّة». ولفت «الى ان العناد والمكابرة لا يعالجان المشكلة، ومن ينتظر ان نغير موقفنا طالما أن هؤلاء النواب يريدون الإصرار على تمثيلهم في الحكومة بوزير سينتظر السماء، وجرّبوا معنا في استحقاق رئيس الجمهورية». وتساءل «اذا كان العنوان الذي يطرحونه لتشكيل الحكومة هو عنوان حكومة الوحدة الوطنية، فينبغي على حكومة كهذه أن يتمثل فيها جميع من له حق التمثيل»، موضحاً ان «انهيار اقتصاد البلد لا يتمّ خلال أسبوعين، وانما وصل الاقتصاد الى مرحلة صعبة بسبب 30 سنة من حكمهم أغرقوا فيها البلاد بـ100 مليار ديناً، ونهبوا المال العام وهدموا مصالح الناس».

الشارع مقابل الأكثرية؟

ووسط انسداد أفق الحلول ومع استشعار المخاوف الأمنية وعودة اللعب على وتر الشارع، بادر رئيس الجمهورية الى عقد اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى لملء الفراغ الحكومي أمنياً كحد أدنى، عبر سلسلة إجراءات وتدابير وقائية واحترازية، وحضر الاجتماع الذي ترأسه رئيس الجمهورية في بعبدا نائب رئيس المجلس الأعلى للدفاع الرئيس المكلف سعد الحريري، وزراء الدفاع والمال والداخلية والاقتصاد والعدل والمدعي العام التمييزي ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية وقادة الأجهزة الأمنية.

وإذ أبقى المجلس مقرراته سرية، أراد توجيه رسالة الى المعنيين في الداخل برفض السماح بتحريك الشارع تحت أي اعتبار إضافة الى وجود معلومات عن عمليات إرهابية خلال فترة الأعياد ورسالة اطمئنان للخارج بأن الأمن ممسوك خلال موسم السياحة.

وأشارت مصادر أمنية لـ«البناء» الى أن مظاهر «التظاهرات وقطع الطرقات التي شهدها الشارع خلال اليومين الماضيين ليس عملاً عفوياً بل منظمٌ بإشراف تيار المستقبل، حيث تلقى مناصروه تعليمات من قيادات مستقبلية في مناطق عدة بالنزول الى الشارع، لتوجيه رسالة استباقية للرئيس عون وفريق 8 آذار بأن الضغط على الحريري لكسره أو لدفعه الى الاعتذار سيواجه بالشارع، أي الشارع بمواجهة الأكثرية النيابية». وقد علمت «البناء» أن الرئيس عون مرر رسالة حازمة للحريري خلال اجتماع بعبدا أمس بأن «اللعب بالشارع غير مسموح ويعرض أمن البلد للخطر لا سيما من مسؤول كرئيس الحكومة وعلى ضوئها طلبت قيادة المستقبل من المناصرين إزالة اليافطات الاستفزازية التي رفعوها في بيروت دعماً للحريري. الأمر الذي أعاد انتظام الوضع الامني في شوارع بيروت والبقاع والشمال خلال الـ 48 ساعة الماضية، ووعد الحريري بعدم تكرار ذلك».

وسبقت اجتماع المجلس الأعلى، خلوة جمعت رئيس الجمهورية والرئيس المكلف عرضا خلالها الاوضاع العامة في البلاد والتطورات السياسية الراهنة.

وكان عون، استقبل الوزير علي حسن خليل وعرض معه الاوضاع المالية في البلاد.

وطمأن وزير المال الى أن «كل ما يُقال عن الرواتب والاجور ورواتب المتقاعدين والسلسلة، هو كلام إعلامي بعيد عن الحقيقة، والدولة ووزارة المال ملتزمتان بشكل كامل دفع المستحقات. ان لبنان، ومنعاً للبلبلة، ملتزم ايضاً بتسديد كل استحقاقاته من الديون، وهذا امر اعتدنا عليه خلال المرحلة الماضية ومستمرون فيه في المراحل المقبلة. في المقابل، لا أنفي أننا أمام تحد كبير جداً ناجم عن العوامل الداخلية والخارجية ايضاً».

طمأنة خليل تلاه توقيع رئيس الجمهورية مرسومين، الاول يقتضي بفتح اعتماد اضافي في موازنة 2018 في باب النفقات المشتركة لتغذية نبذة معاشات التقاعد.

وقضى المرسوم الثاني بفتح اعتماد اضافي تكميلي في الموازنة العامة للعام 2018 في باب النفقات المشتركة لتغذية تعويضات نهاية الخدمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى