لبنان وهيل «إسرائيل» وسرقة الغاز في ظلال القمة

ناصر قنديل

– حضر معاون نائب وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل إلى بيروت في ظل القمة العربية الاقتصادية التي ستستضيفها بيروت خلال الأيام المقبلة، وقد وزع هيل كلماته الهجومية على حزب الله ليظن المستمعون أن هذا هو هدف الزيارة، فتوزّعوا بين من يبني على الكلام آمالاً بخطوات أميركية تغيّر المعادلات، وبين من يحرص على تثبيت موقف مبدئي يؤكد أن الانتهاكات للقرارات الأممية تصدر من الجانب الإسرائيلي، وبين من يفتش بين كلمات هيل على القطبة المخفية، لكن الزيارة انقضت في ظلال القمة التي تشغل لبنان الرسمي عما عداه، رغم غياب المصادفة عن تزامنها مع إقدام جيش الاحتلال على مواصلة بناء الجدار الإسمنتي في نقاط يعتبرها لبنان جزءاً من سيادته، وكان قد هدّد قبل سنة تقريباً بالتصدي العسكري لانتهاكها، فجاء هيل يبلغ يومها وقف الأعمال الإسرائيلية وبدء وساطة لترسيم الحدود البرية والبحرية للبنان، بما يمنع أيّ تطاول «إسرائيل» على النقاط البرية وعلى الثروات البحرية من نفط وغاز.

– عاد هيل هذه المرة في ظلال القمة، ليقول على حواشي كلامه الهجومي على حزب الله، إنه مرتاح للوضع على الحدود، والوضع على الحدود هو صمت لبنان عن الانتهاكات الإسرائيلية واكتفاؤه بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، مستبدلاً قرار المجلس الأعلى للدفاع في شهر آذار الماضي وعنوانه التصدي بالقوة لأيّ انتهاك إسرائيلي بمواصلة بناء الجدار، بقرار جديد هو المراقبة عن كثب، والأهمّ أنّ هيل انسحب من وساطته السابقة واختزلها باستعداده للتوسط في ترسيم الحدود البرية فقط، والتهرّب من التزامه السابق بالترسيم المزدوج للحدود البرية والبحرية، ما استدعى من رئيس مجلس النواب نبيه بري إبلاغه أنّ لبنان سيكون حاضراً للبحث في اللجنة الثلاثية المشتركة مع «إسرائيل» والأمم المتحدة عندما يكون الترسيم مزدوجاً براً وبحراً.

– السؤال البديهي هو ما الذي تغيّر من يومها إلى اليوم، والجواب ليس فقط في التراخي اللبناني، بل في أنّ الترسيم البحري كان طلباً «إسرائيلياً» ولم يعد كذلك، فقد حصلت «إسرائيل» على ما يُغنيها عناء الترسيم البحري وخسارة بلوكات هامة من النفط وخصوصاً من الغاز، سيتمسك بها لبنان للقبول بالترسيم، والجواب هو في منتدى الغاز في شرق المتوسط، الذي دعت إليه مصر، ويضمّ إضافة لمصر السلطة الفلسطينية وقبرص واليونان و»إسرائيل»، ويستثني لبنان وسورية وهما لن يحضرا بالطبع بوجود «إسرائيل»، وهدف المنتدى إضافة للتطبيع مع «إسرائيل» بطلب أميركي، هو إعفاء «إسرائيل» من خسائر ترسيم حقول الغاز مع لبنان، فبعدما كان الترسيم شرطاً من الشركات العالمية والمستثمرين للتعامل مع حقول النفط التي يسيطر عليها كيان الاحتلال، صار تشكيل المنتدى الذي يضمّ «إسرائيل» كافياً للاستغناء عن الترسيم مع لبنان، وشرطاً لنيل الآخرين، خصوصاً مصر وفلسطين رضا الشركات والمستثمرين. فالاعتراف بالحقول التي تزعم «إسرائيل» ملكيتها هو وظيفة المنتدى، ولبنان غافل عما يجري في ظلال القمة العربية، حيث يجب التوقف ملياً أمام غياب الرئيسين المصري والفلسطيني عن القمة، تفادياً لمراجعة لبنانية حول هذا المنتدى العدائي للبنان.

– عسى أن ينتبه المعنيون في لبنان والمهتمّون بأن يحقق لبنان من استضافة القمة العربية الاقتصادية مكاسب هامة، إلى أنّ أهمّ المكاسب اللبنانية هي تحصين ثروة لبنان في النفط والغاز من السرقة الإسرائيلية، عبر توصية تصدرها القمة، «تحظر على أيّ بلد عربي المشاركة في أيّ صيغ إقليمية في مجال ثروات النفط والغاز إلا بعد التحقق من أن أياً من المشاركين الآخرين ليس طرفاً في منازعات على هذه الثروات مع بلد عربي آخر». فهل ينتبه المعنيون ويربح لبنان ما يعوّض بعض خسائره من القمة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى