الشاعر الدكتور ماجد قاروط… متمرّدٌ في النصوص وفلسفيّ في التصوّر

محمد خالد الخضر

وصفه النقاد بأنه صاحب تجربة شعرية مختلفة عن السائد في المشهد الشعري لتصبح الجرأة عند الشاعر الدكتور ماجد قاروط أهم ما يميزه بالفكر والرؤى مع ميله للتمرد في تشكيل النصوص وملئها بصور جمالية عميقة وفلسفية فضلاً عن حضوره في النقد الأدبي.

القصيدة عند قاروط حالة تنتمي إلى السهل الممتنع ويقول عن ذلك: «حين يضرب الشاعر الإلهام يكون ذلك نتيجة لظروف معينة وكمون ثقافي معرفي ورؤية جديدة للواقع ليدخل في حالة صوفية تهيئه لبناء حالة إبداعية بعيدة عن الصنعة والتكلّف والقوانين التي تؤثر على القصيدة وتبعدها عن الإدهاش».

حتى ييدع الشاعر قصيدة عليه بحسب قاروط أن يمرّ بعملية ولادة ومخاض عسير وألا يقف محكوماً بجدران تقف حائلاً دون كتابة القصيدة، معتبراً في الوقت نفسه أن الموسيقى شرط لازم غير كافٍ في القصيدة والتي تتطلب فنيات عالية ناتجة عن انفعالات قوية لتأتي القصيدة سليمة غير خديجة أو مقطعة الأوصال.

ويعطي مؤلف مجموعة «لم يعد للكلام فضاء» الشعر والفنّ بشكل عام قدرة كبيرة على تغيير العالم عموماً والإنسان خصوصاً. فالمتلقي يحتاج الفن كحاجته الملحة لأي سبيل من سبل الحياة والفن يعمل على تربية الذوق الإنساني. أما الشعر فهو ديوان العرب يؤرخ حياتهم ووعيهم المعرفي الجمالي فضلاً عن دوره بمقاومة الاحتلال ومواجهة العدوان.

أما المرأة ملهمة الشعراء عبر العصور فتجلت في شعر قاروط بأبعادها الروحية الاجتماعية بعيداً عن التجسيد المبتذل وهي عنده معادل للخلاص الإنساني بما تحمله من قيم سامية كالأم والأرض والمخلص من العذاب والمأوى.

وحول ما يتعلق بقصيدة النثر ومشروعيتها يشير قاروط إلى أن الشعر ولد مع الموسيقى فلا شعر من دونها، ولكن تطور مراحل الشعر العربي فنياً على مراحل دون أن يستقر أدى لظهور قصيدتي التفعيلة والنثر.

ويؤكد المختص أكاديمياً في علم الجمال أن مصطلح قصيدة النثر في ذاته غير صحيح متسائلاً: «كيف يتداخل مصطلح سردي نثري محض بمصطلح صوتي موسيقي قائم أصلاً على الموسيقى بصفتها العروضية؟ وهذا ما يجعل من أن أنصار قصيدة النثر برأيه متخبطين حول شكل القصيدة الفني رغم إسهامات بعضهم بصورة فعالة في بناء قصيدة تنتمي إلى ميدان الشعر كالراحل رياض الصالح الحسين.

ويعرب قاروط عن أسفه مما تنشره مؤخراً الصحف وصفحات التواصل الاجتماعي من كم هائل من الكتابات خالية من أي نوع من الموسيقى تحت مسمّى قصيدة النثر ما يجعل النصّ الشعري ضائعاً دون هوية.

ويدعو قاروط لإعادة هيكلة النصّ الشعري المعاصر من جديد عبر تقنيات فنية عالية حتى يمكن الشروع بالحكم على أن ما نطالعه هو نصّ شعري أم لا مع إيمانه العميق بأن الحفاظ على الموسيقى حتى على صعيد قصيدة التفعيلة يحفظ وجه القصيدة من التشتت والضياع.

ويختم قائلاً: «سيبقى الشعر ديوان العرب ولن يترك عرشه للرواية لأن الشعر العربي ضارب في عمق التاريخ ويحمل بين طيّاته أخبار العرب وبيئتهم وتاريخهم ووعيهم الجمالي بينما الرواية جنس حديث الولادة في البيئة العربية ولا تحمل سوى تطلعات محدودة حول تاريخنا العربي والمستقبل وحده يعرف كيف سيكون مستقرها.

الشاعر ماجد فارس قاروط من مواليد حماة حاصل على دكتوراه في الأدب العربي من جامعة حلب عام 2006. من مؤلّفاته في الشعر «فصل الانتحار» وفي النقد المعذب في الشعر العربي الحديث في سورية ولبنان. حاز جوائز عدة منها المركز الأول لمسابقة اتحاد كتاب العرب في حلب عام وجائزة مسابقة ربيعة الرقي في الرقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى