نصرالله: إلى الهدوء… وزير الصحة ليس حزبياً… وتفاهم مار مخايل ثابت ويحقق الإنجاز حردان يستبق البيان الوزاري… التذرّع بالنأي بالنفس في العلاقة بسورية انحياز لأعدائها

كتب المحرّر السياسيّ

فتح الأوربيون والحكام العرب باب التفاوض الضمني مع دمشق تحت عنوان مقايضة الاعتراف بنصر سورية، مقابل طلبات تتصل بعلاقة سورية بقوى المقاومة ومحور المقاومة، تحت شعار رفض الوجود الأجنبي الذي لا يطال الاحتلال الإسرائيلي للجولان، بل يستهدف تحقيق المطالب الإسرائيلية بفك سورية لعلاقتها بإيران وقوى المقاومة، وجاء مؤتمر بروكسل الذي عقد تحت عنوان إعادة الإعمار في سورية مناسبة لصدور المواقف التي تندرج تحت العنوان ذاته، التسليم بفشل الحرب التي تشارك أعضاء المؤتمر في تمويلها ورعايتها ضد سورية، والتسليم بنصر سورية، والانتقال إلى التفاوض عن بعد حول إمكانية التأثير بسورية الجديدة وهويتها وموقعها في المنطقة بعروض ماليّة سخيّة تقدَّم تحت عنوان الإعمار وتربَط بالشروط السياسية. وفي السياق ذاته وضعت العلاقات العربية بسورية وعودتها للجامعة العربية. فلم تتأخر سورية عن الرد بلسان نائب وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد الذي قال إن سورية على عهدها لا تخضع للضغوط والشروط، وهي مرتاحة لموقعها وموقفها من القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ولن تسمح للذين شنوا الحرب عليها بأن يحققوا في السياسة وتحت عنوان الإعمار الأهداف التي فشلوا في تحقيقها عبر الحرب.

لبنانياً، مع تصاعد وتيرة السجال بين رئيس الحكومة سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط على خلفية اتهامات جنبلاطية للحريري بتقاسم المشاريع والصفقات مع التيار الوطني الحر ومراكمة الديون على لبنان والذهاب لخصخصة ما تبقى من ثروات الدولة وتقاسمه سياسياً، وردود حريرية لا تقلّ قساوة، بقي النقاش حول الوضع الحكومي في الصدارة، مع تقدم لجنة صياغة البيان الوزاري في مهمتها التي يمكن أن تنتهي اليوم، لتتسنى مناقشة مشروع البيان والمصادقة عليه وإحالته إلى مجلس النواب في جلسة للحكومة بين الخميس والجمعة، لينعقد المجلس في جلسة مخصصة لمناقشة البيان ومنح الثقة للحكومة مطلع الأسبوع المقبل.

الوضع الحكومي كان محور كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي دعا إلى الهدوء السياسي والإعلامي في التعامل مع الشأن الحكومي للخروج من السجالات الموروثة من تجاذبات التشكيل وعقدها، وإلى عدم التسرّع والتهويل في تناول الملفات التي ستوضع على طاولة مجلس الوزراء والتي يجب أخذ الوقت في مناقشتها، موضحاً أن حزب الله قرر تسمية غير حزبي لوزارة الصحة إفساحاً في المجال لاختبار فرصة عدم تحميل الدولة والناس تبعات خصوماته، معلناً أن الحديث عن القلق على أموال الوزارة مفتعل وافتراء. فالمال العام هو مال اللبنانيين ومحرَّم علينا شرعاً فوق كون التصرف به خارج موجباته ومفرداته ممنوع قانوناً ومعيب أخلاقياً. وتناول نصرالله ذكرى توقيع اتفاق مار مخايل مع التيار الوطني الحر، مؤكداً أن التفاهم لا يزال ثابتاً وأنه أنجز الكثير منذ توقيعه ولا يزال، والخلافات والتباينات لا تقلّل من وزنه وأهميته وثباته.

في الشأن الحكومي أيضاً كان كلام لرئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الإجتماعي أسعد حردان مستبقاً إقرار البيان الوزاري للفت نظر المعنيين إلى أن اتفاق الطائف والدستور يحكمان العلاقة اللبنانية المميّزة بسورية وأن ملف النازحين واحد من ملفات الأولوية اللبنانية غير قابل لحل دون التنسيق مع الدولة السورية من موقع التفاعل الإيجابي والشراكة والتعاون. واعتبر حردان أن الحديث عن النأي بالنفس لتبرير الابتعاد عن سورية أو التردد في ترجمة العلاقة معها وفقاً لما تمليه المصلحة اللبنانية العليا هو انحياز لمعسكر أعداء سورية وليس نأياً بالنفس، فربط العلاقة اللبنانية السورية بعلاقة الآخرين، الذين يناصبونها العداء، بها، هو إعلان انضمام إلى الحلف المعادي لسورية ومخالفة فاضحة لاتفاق الطائف تسقطه كمرجعية لشؤون اللبنانيين، بينما يردّد الجميع التمسك بالطائف دون أن نشهد تحركاً على خط العلاقة اللبنانية السورية وفقاً لموجبات الطائف.

أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس، متحدثاً عن الشأن اللبناني بعد تشكيل الحكومة، فعرض لكيفية تعاطي «حزب الله» مع هذه الحكومة، وقال: «نحن نحتاج الى الهدوء، وأخذ نفس، والابتعاد عن السجالات الإعلامية وللمزيد من التلاقي».

وأضاف عبر شاشة قناة «المنار» «أمام الحكومة رهانات كبيرة واستحقاقات كبيرة»، داعياً «القوى السياسية الى الاعتراف بالقلق من طبيعة الملفات التي ستعالجها الحكومة، لأنها على درجة عالية من الحساسية خاصة في المجال الاقتصادي والمالي».

وطالب القوى السياسية المشاركة في الحكومة بـ«التعاطي بإيجابية مع القلق الموجود كي نعالجه». وأعرب نصرالله عن «اعتقاده أن رأس أولويات الحكومة هو الوضع الاقتصادي»، لافتاً الى أنه «في مقدمة تحصين الوضع هو مكافحة الفساد والهدر».

وأوضح ان «حزب الله كان خارج النقاش حول إلغاء حقيبة مكافحة الفساد». مشدداً على «أهمية الممارسة والقرارات في كيفية مكافحة الفساد».

وأكد أن «وزارة الصحة هي لكل لبنان وليست للوزير الذي يتولاها ولن يكون للحزب الذي يمثل». وقال «الوزير جميل جبق ليس في «حزب الله»، لكنه كفوء وصديق وأخ وموثوق وشخصية مستقلة». وتابع: «أعطينا الأولوية لمصلحة البلد في اختيار وزير غير حزبي في وزارة الصحة، وذلك لمنع المحاذير والتداعيات السلبية». ووعد السيد نصر الله بأن «تكون تجربة وزير الصحة بمثابة رهان وسنكون الى جانبه»، نافياً «وجود مشاريع أو تجارة لدى «حزب الله».

ووصف ملف وزارة الصحة بـ«الملف الإنساني ولا يجوز أن يموت الناس على أبواب المستشفيات»، معلناً عن «السعي من أجل تخفيض كلفة الدواء وتأمين وصولها الى الناس».

ونفى أن تكون «الحكومة الجديدة حكومة «حزب الله» كما يدّعي نتنياهو وغيره»، ملمحاً الى وجود قوى في الحكومة أكبر عدداً». وتمنى على «قوى الداخل ممن يتهم الحكومة بأنها حكومة حزب الله بألا يفعل ذلك لأن ليس فيها خدمة للبنان»، معلناً أن «حزب الله سيتحمل المسؤولية في الحكومة من موقع الشراكة والأمانة».

وتطرّق الى «تفاهم حزب الله والتيار الوطني الحر يوم 6 شباط 2006»، واصفاً إياه بـ«الخطوة العظيمة والتي تجلت أثناء عدوان اسرائيل على لبنان في تموز 2006»، مؤكداً «إيمان حزب الله بهذا التفاهم». وألمح الى «رغبات البعض بأن ينتهي هذا التفاهم بصبهم الزيت على النار في بعض حالات كانت تحصل».

حردان: الحكومة مطالبة ببيان وزاري يلتزم اتفاق الطائف

وأكد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أن الحكومة الحالية، مطالبة بموقف واضح وصريح، وبأن تتخلى عن سياسة التضليل والمراوغة، من خلال تحمل المسؤوليات الوطنية التي تقتضيها مصلحة لبنان، وهذا يتطلب دوراً راعياً ومساعداً لتحقيق عودة النازحين السوريين، من دون الرضوخ إلى أية إملاءات خارجية تتعارض مع المصلحة اللبنانية وتناقض الدستور اللبناني.

وأشار حردان إلى أن الحكومة الحالية لا تستطيع الاستمرار على النحو الذي كان قائماً، وهي مطالبة بأن تضع في بيانها الوزاري بنوداً واضحة تلتزم اتفاق الطائف بكل مرتكزاته وعناوينه السياسية والإصلاحية، وفي المقدمة تأكيد العلاقة الطبيعية بين لبنان وسورية، وتفعيل هذه العلاقة من خلال التواصل بين الحكومتين، من دون التلطي وراء بدع النأي، ومن دون ممارسة التضليل السياسي.

وتابع حردان: وإلى المسؤولية عن تفعيل العلاقة الأخوية مع سورية، وتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولياتها الأخلاقية والانسانية في اعادة النازحين السوريين، فإن الأولية أيضاً يجب أن تكون لتحقيق الأمن الاجتماعي، من خلال وضع خطة عمل مجدية لمعالجة كل الملفات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومشكلات الكهرباء والمياه والطرقات والالتزام بمطالب الناس المحقة، وكذلك وضع آلية عملية لتحقيق الإنماء المتوازن ليطال هذا الإنماء المناطق اللبنانية كافة، وكل هذه المسائل، هي من موجبات تطبيق الدستور.

لجنة صياغة البيان الوزاري.. لا خلافات

وتعقد لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعها الثاني في الثانية من بعد ظهر اليوم. وبحسب المعلومات فإن النقاش في اجتماع اللجنة أمس، كان هادئاً وتركز على إقرار البنود الاقتصادية والإصلاحية على ان يتم البحث غداً في بند المقاومة.

وفيما اشارت مصادر وزارية لـ»البناء إلى أن الأجواء كانت إيجابية، ولم تتأثر بالتغريدات الصباحية، أشارت الى أن البيان سيقارب المواضيع المطروحة على الصعيد الاقتصادي والسياسي والأمني بمسؤولية. ولفتت المصادر إلى أن النقاش كان موضوعياً فلا بنود خلافية انطلاقاً من ان الجميع اتفق على أن البيان سيكون اشبه ببيان الحكومة السابقة مع بعض الاضافات. وشدّدت على أن تعديلات أُدخلت على البنود الاقتصادية والإصلاحية في مسودة البيان الوزاري منها حذف الأرقام المخصّصة للقطاعات بموجب سيدر، كما حذفت مسألة وضع سقف زمني لمسألة تأمين الكهرباء 24 /24. ولفتت المصادر إلى أن وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي دعا إلى تضمين مقدمة البيان الوزاري تحذيراً من العرقلة السياسية لعمل الحكومة، غير ان الوزراء علي حسن خليل وأكرم شهيب ومي شدياق رفضوا ذلك.

بري.. جلسة الثقة الأسبوع المقبل

إلى ذلك، أشارت مصادر عين التينة لـ»البناء» إلى أن رئيس مجلس النواب يتجه الى دعوة المجلس النيابي لجلسة الثقة بالحكومة الجديدة الأسبوع المقبل لا سيما أن لجنة صياغة البيان الوزاري ستنتهي اليوم على الأرجح من دراسة البيان، وبالتالي فإن إقراره في مجلس الوزراء لن يتأخر.

وكان بري بحث مع السفير الفرنسي في بعض القوانين المتعلقة بمؤتمر سيدر وترسيم الحدود البحرية والبرية الجنوبية بأسرع وقت في ظل طرح «إسرائيل» التلزيم بمحاذاة هذه الحدود في محاولة للسرقة من المخزون اللبناني.

حرب مشتعلة بين بيت الوسط والمختارة

إلى ذلك وفي إطار الحرب المشتعلة على خط بيت الوسط المختارة، أكد الحريري خلال احتفال في السراي انه اتخذ قراراً بالعمل ليل نهار لتعويض المرحلة السابقة الطويلة التي استغرقتها عملية تشكيل الحكومة، وقال رداً على النائب السابق وليد جنبلاط من دون أن يسميه: من يريد أن يقف ويعطل عملية الإنتاج فعليه ان يزيح من الطريق وإذا لم يفعل فانا مستمر ولو اصطدمت بأي كان. ورأى انه اذا اعتقد احد انه بزعامته يستطيع السير على المواطن اللبناني، فهذا لن يحصل لأن هذا المواطن سيمشي علينا جميعاً في النهاية إذا لم نعمل لمصلحته.

وكان رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط واصل حملته على الحكومة. فغرّد عبر حسابه على موقع «تويتر» قائلاً: «صاحب الجلالة مستعجل وبعصب بسرعة. نصيحة لكم ولزميلكم في الحكم كي لا نقول شريككم، الأمور ليست بهذه الطريقة. كلا الدولة ليست ملكاً لكم ودفتر شروط لتلزيمها كما ورد في مشروع البيان الوزاري. أهم شيء قبل سيدر تحديد مكامن الهدر والتهريب، ورفض زيادة سعر الكهرباء. حصلوا الهدر 40/100 مثلاً».

وشدّدت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» على ان الحرب على الحكومة قبل ان تنال الثقة هي حملة مشبوهة بامتياز، مستغربة كيف تلجأ بعض مكوّنات هذه الحكومة الى محاولة النيل من مجلس الوزراء تحت شعارات رنانة لا اساس لها من الصحة، وشددت على ان الرئيس ميشال عون هو أكثر من يلتزم باتفاق الطائف وبتطبيقه مناصفة، لافتة الى أن من لا ينقطع عن التغريد ليل نهار مدافعاً عن حقوق المواطن وضد الفساد، الاجدر به أن يسهل عمل الحكومة لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والمالي لأن من شان ذلك أن ينعكس ايجاباً عن الوضع المعيشي للمواطن، وان لا يغطي الفاسدين. وقالت المصادر: نحن متفائلون بهذه الحكومة التي حققت المناصفة الى حد كبير التي كسرت الى حد كبير الأحادية في الطوائف. وهذا من شأنه أن يساهم في تفعيل العمل الحكومي وتحقيق الإنتاجية.

وبعيداً عن التوتر الحريري الجنبلاطي، أكدت وكالة « موديز» لخدمات المستثمرين والتصنيف الائتماني أن إعلان تشكيل الحكومة سينعكس إيجابياً على اقتصاد البلاد. ولفتت الوكالة، في تقرير صدر أمس، إلى أنه من المتوقع أن تقوم الحكومة الجديدة بتنفيذ الإصلاحات المالية الضرورية لإطلاق حزمة الاستثمارات التي تبلغ قيمتها 11 مليار دولار لمدة خمس سنوات. وأوضحت «موديز» أنه « ظل طر ا ن ر ، ظراً ن ا و الاقتصادي ا ف داً سيكون تحدياً لجهود الدمج المالي للحكومة».

وبحسب التقرير، فإن «الموقف المالي والخارجي للبنان، سيظل ضعيفاً طالما استمرّ نقص ثقة المستثمرين في التأثير على الودائع».

من ناحية أخرى، فيما يتجه رئيس الجمهورية الى تحريك ملف النازحين بأسرع وقت، لا سيما أنه أراد تسليم الملف لشخص قادر على التواصل مع الجانب السوري لما فيه مصلحة لبنان، بعدما كان في عهدة تيار المستقبل، تردّدت معلومات أمس، أن رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان زار والوزير الغريب دمشق يوم أمس.

وشدّد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل على تمسك لبنان بهويته وحماية حدوده وصون سيادته في ظل الحروب المدمّرة والاطماع الإسرائيلية المستمرة، مؤكداً دوره في المحافظة على استقرار المنطقة من دون الانخراط في تحالفات واصطفافات لا تخدم وحدته الوطنية.

واعتبر باسيل من باريس أن من صالحنا اعادة العلاقات مع سورية التي لا تزال تحتفظ بمقعدها في الأمم المتحدة حتى لو كنّا قد خضنا معارك سابقة معها، لأنها الجار الوحيد للبنان..

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى