المعلّم بطرس البستاني ونفيرُ سورية

د. جمال شهاب المحسن

المعلّم بطرس البستاني في المئوية الثانية لميلاده يُذكَرُ عن حقّ وصدق بأنه من أبرز لُغويّي وأدباء وتنويريّي عصره، ولكنهم لا يُشيرونَ إلى صرخته وجريدته التي أسماها نفير سورية 1860ــ1861م والتي اعتبرها مؤرّخو الصحافة العربية أوّل صحيفة سياسية عربية تصدر في العالم العربي… حيث كان يركز فيها على رفع لواء الوطنية والقومية ونبذ كلّ أشكال الفتن الطائفية.

وكم نحنُ بحاجة إلى الإستجابة العارمة لنفير التحدي التاريخي والثقافي والحضاري خصوصاً أنّ سورية تتعرّض منذ ثماني سنوات لأبشع هجمةٍ إرهابية صهيونية أميركية، استعمارية غربية، عثمانية جديدة وأعرابية ولكنها تبوءُ بالفشل الذريع بفعل صمود قائدها وجيشها ومؤسساتها الشرعية وشعبها ووفاء حلفائها…

ومع شكري وتقديري واحترامي للقائمين على إحياء ذكرى رجل عظيم من بلادي أرجو منهم تسليطَ الضوء علي دوره الوطني والقومي، ولا سيّما نفير سورية لأخذ العبرة والتعلّم منه لحاضرنا ومستقبلنا…

أما في ما يتعلّقُ بلغتِنا العربيةِ الجميلةِ التي كان الأديبُ واللغويُّ الكبير بطرس البستاني مُعلِّمَاً فيها ورائداً من رُوّادِها، فما أجملَها في إعرابِها وعلومِها وعُمقِها… فهيَ عنوانُ هُويِّتنا وانتمائِنا القومي ووعاءُ ثقافتِنا…

إنَّ التفريطَ بلغتنا هو تفريطٌ بهُويتِنا ووجودِنا وتاريخِنا وحاضرِنا ومستقبلنا…

وكم نحن في حالة جوعٍ وعطشٍ وشوقٍ إلى لغتنا على ألسنتِنا… وفي خُطَبنا ومراسلاتِنا وكتاباتِنا ومطبوعاتنا ووسائلنا الإعلامية والجماهيرية والإجتماعية…

وللعلم فإنَّ المقارَنةَ بين 4 من أهمّ اللغات الحيّة في العالم هي: العربية، الإنجليزية، الفرنسية والروسية اعتماداً على عدد الكلمات في كلّ لغة أظهرت التالي:

اللغة العربية: 12.302.912 كلمة

اللغة الإنجليزية:600.000 كلمة

اللغة الفرنسية: 150.000 كلمة

اللغة الروسية:130.000 كلمة

وبذلك فقد بلغَ عددُ مفرداتِ اللغة العربية عند مقارنتها باللغة الإنجليزية: 25 ضعفاً.. وبالتالي هي أكبر بكثير من اللغتين الفرنسية والروسية.

وهذه الثروةُ اللغويةُ الكبرى للغة العربية تدعونا للإهتمام والتأمّل والتوظيفِ العلمي والثقافي والتربوي والحضاري خاصةً أنّ العلومَ عند العرب في الطب والرياضيات والكيمياء والبصريات وعلم الإجتماع وغير ذلك الكثير من العلوم قد حملتها هذه اللغةُ الغنيةُ عبْرَ الناطقين بها إلى كلّ أرجاء العالم…

إعلامي وباحث في علم الإجتماع السياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى