العبسي: يدلّ على تطوّر العمل الخيري والاجتماعي في كنيستنا نسناس: مرآة تعكس روح التعاون والبذل والتعاضد عند أهلنا

ترأس بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي احتفالاً بتكريس كنيسة القديس أنطونيوس بمركز «واحة الحياة»، الذي أنشأته الجمعية الخيرية للروم الكاثوليك في بيروت وضواحيها، في حضور السفير البابوي المطران جوزيف سبيتري، راعي أبرشية بيروت جورج بقعوني والمطرانين يوسف كلاس وكيرللس بسترس.

وحضر النائبان نقولا صحناوي وإدي معلوف، رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد، نائب رئيس المجلس الأعلى للطائفة الوزير السابق ميشال فرعون، رئيس الجمعية روجيه نسناس، رئيس مجلس إدارة «واحة الحياة» ظافر الشاوي وشخصيات.

نسناس

وبعد رتبة التكريس، ألقى نسناس كلمة قال فيها: «إنّ الكنيسة، التي نحتفل اليوم برتبة تكريسها، هي شهادة على تعلّقنا الصافي بالقيم الإلهية، وهي في الوقت نفسه مرآة تعكس روح التعاون والبذل والتعاضد عند أهلنا. فمن الحق الاعتراف بأنّ هذا المشروع، ما كان ليبصر النور لولا عطاءات الراحلة ماري افتيموس هبه وزوجها، التي قدّمت هذا العقار وقسماً أساسياً من كلّ عناصره. ويسعدني أن أخاطب روحها اليوم من هنا لأقول لها: وصيّتك نفذت. كما أشكر سائر المتبرّعين وسائر المحسنين، وأنوّه بورثة الراحل باسيل يارد، الذين مكّنونا بتبرّعاتهم القيّمة من إنجاز هذا المركز. كما أنها شيّدت بتقدمة قيّمة من عائلة الراحل أنطوان مكتف».

وتحدث نسناس عن تاريخ تأسيس الجمعية ومراحل تطوّرها، وقال: «إنّ لقاءنا اليوم هو مدخل للاحتفال الرسمي في شهر أيار ببدء العمل في مركز واحة الحياة، الذي بادرت جمعيتنا الى إنشائه، والتي ستتولى إدارته بهدف مساعدة المسنين والمرضى والمحتاجين من كلّ لبنان، والذي تقدّمه طائفة الروم الكاثوليك لكلّ طوائف لبنان».

الشاوي

من جهته، تحدث الشاوي عن دور المركز ومهامه وحاجاته، فقال: «إنّ مالكة المشروع هي الجمعية الخيرية لطائفة الروم الكاثوليك في بيروت وضواحيها، وهذا المشروع لا يبتغي الربح، فالربح في حال تحققه يحوّل الى الجمعية الخيرية. أما في حال وجود خسارة فتغطى من قبل الجمعية الخيرية. لقد خصّصنا عدداً من الغرف لذوي الدخل المحدود، تتمّ دراسة وضعهم من قبل فريق مختص في الجمعية الخيرية يقرّر دعم كلفة إقامتهم، أكان كلياً أم جزئياً».

العبسي

وألقى البطريرك العبسي كلمة قال فيها: «أن تقوم كنيسة في مثل هذا الصرح، دليل على أنه قائم على الإيمان بالله ينبوع المحبة والرحمة وبابنه السيد يسوع المسيح المحسن الإلهي. أجل، أولئك الذين وهبوا الأرض وأولئك الذين أحسنوا بمالهم وأولئك الذين أعطوا من وقتهم وتعبهم وأولئك الذين أعملوا فكرهم هم رجال إيمان. وأنا اليوم باسمكم جميعاً وباسم كنيستنا وباسم أبرشية بيروت أحيّيهم أجمل تحية وأشكرهم أجزل شكر وأعلن اعتزازي وسروري بهم سائلاً الله تعالى أن يبارك عليهم وعلى عيالهم وأن يعوّض عليهم أضعافاً. إنهم من أبناء عائلاتنا الروم الكاثوليك الذين عرفوا خلال تاريخ كنيستنا كله بقربهم من الكنيسة وغيرتهم عليها وحنوهم على المعوزين والمهمّشين والضعيفين والناس الأكثر هشاشة في لبنان وسورية ومصر وفلسطين وغيرها من البلاد. العطاء والتضامن والتكافل جزء من كيان كنيستنا وتاريخها، كان وسوف يبقى، والشكرلله».

أضاف: «واحة الحياة، اسم معبّر لم يختر عن عبث. فعندما نقول واحة يلوح في الحال لأعيننا ما حولها: صحراء فيها حرّ وبرد وعطش وتعب وخوف وقلق وضياع. كم من أناس هم اليوم في مثل هذه الصحراء يتطلعون إلى واحة يلجأون إليها، يبحثون عن يد تقودهم إليها. نحن اليوم في حاجة ليس إلى واحة، بل إلى واحات يرتاح فيها هؤلاء. وهذه الواحة هي من تلك الواحات الجميلة التي أراد بناتها أن يجد النزلاء فيها كلّ أسباب الراحة بحيث يشعرون بأنهم ليسوا هنا كما في ممرّ إلى الموت، ليسوا على أبواب الموت، بل في طريق تقود إلى الحياة. إنّ هذه الواحة، هذه الدار، بما صمّم لها أن تكون، تدلّ على تطوّر العمل الخيري والاجتماعي في كنيستنا الرومية الملكية الكاثوليكية، وفي كنيستنا التي في بيروت بنوع خاص، إذ لم يعد هذا العمل يقتصر على حسنة من هنا أو خدمة من هناك أو مساعدة من هنالك، بل انتقل إلى مرحلة من العمل الإنساني المتكامل المتعدّد الوجوه ليلبّي الحاجات الاجتماعية العصرية المتنوّعة التي هي أكثر من دار للأيتام أو دار للعجزة أو جمعية خيرية بالمفهوم التقليدي».

وتابع: «واحة الحياة، هي رؤية جديدة ونقلة نوعية تستحق الثناء والتشجيع، وتدعو في الوقت عينه الذين يهتمّون بهذا الشأن في كنيستنا إلى التفكير في كيف يطوّرون هم أيضاً عملهم الإنساني بما يلائم الحاجات المعاصرة، إلا أنّ حديثنا عن واحة الحياة المؤسسة الخيرية الطليعية بتكاملها الخدماتي لا يمنع من أن نقول هنا كلمة حق، وهي أنّ في كنيستنا واحات أخرى، مؤسسات إنسانية كثيرة متنوّعة قدّمت وما زالت تقدّم خدمات جلى ثمينة تدلّ على محبة الكنيسة ومن خلالها على محبة السيد المسيح للناس المحتاجين.

أضاف: «باسمكم جميعاً، باسم الذين سوف يردون هذه الواحة، باسم الكنيسة، باسمي الشخصي أشكر وأهنّئ، شكراً وتهنئة مقرونين بالصلاة، أخي سيادة المطران يوسف الكلاس الذي أطلق المشروع ورافقه، وأخي سيادة المطران كيرلس سليم بسترس الذي تابعه من بعده، وأخي سيادة المطران جورج بقعوني الذي سوف يتابع. أشكر وأهنّئ الجمعية الخيرية البيروتية ورئيسها السيد روجيه نسناس ومعاونيه. أشكر وأهنّئ اللجنة التي أشرفت على العمل من كلّ جوانبه منذ البداية إلى هذا اليوم وربما إلى ما بعد اليوم. أشكر وأهنّئ جميع الذين شاركوا في إنشاء هذه الواحة على تنوّع مشاركاتهم. أشكر وأهنّئ المحسنين وأصلي من أجل الذين انتقلوا منهم إلى الملكوت السماوي، لا سيما المرحوم باسيل يارد والمرحومة ماري هبه».

وختم العبسي قائلاً: «نحن الذين هنا نمثل أطياف كنيستنا الرومية الملكية الكاثوليكية جمعتنا المحبة، محبة بعضنا بعضاً، لا سيما المحتاجين من أبنائنا، وما أجملنا هكذا. أسأل الله تعالى من كلّ قلبي أن تدوم محبتنا وأن تثمر إلى أعمال الخير تضامناً وتعاوناً بعيداً، كما أردّد على الدوام، عن التحزب والتخاصم والتشرذم، من أجل خير بلدنا لبنان وخير كنيستنا».

وتلى رتبة التكريس حفل كوكتيل أقيم في مبنى «واحة الحياة»، بعد ان جال المشاركون في أقسامه واطلعوا على أحدث معداته وتقنياته.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى