اليوم يوقّع ترامب لنتنياهو ضم الجولان… ومزارع شبعا اللبنانية ضمن القرار عون إلى موسكو: دعم عودة النازحين وحماية الثروة النفطية والأجواء… دون مقابل؟

كتب المحرّر السياسي

تتوزع الأنظار اللبنانية بين واشنطن وموسكو اليوم، حيث يصل إلى واشنطن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لملاقاة دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بضم الجولان السوري المحتل إلى سيطرة كيان الاحتلال، المفترض توقيع صكها من الرئيس الأميركي اليوم بحضور رئيس حكومة كيان الاحتلال، بينما يصل إلى موسكو رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون بعدما ودّع لبنان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بعد جولة محادثات شائكة لم يطمئن خلالها لبنان إلى مصير هواجسه بصدد مصير ثروته في النفط والغاز التي تحتزنها مياهه الإقليمية وتدور حولها مفاوضات غير مباشرة بقيادة واشنطن لترسيم حدودها، في ظل أطماع إسرائيلية معلنة بجزء منها، وكذلك بصدد مصر الانتهاكات الإسرائيلية المتمادية للأجواء اللبنانية واستعمالها في الغارات الإسرائيلية التي تستهدف سورية، والأهم أن لبنان لم يحصل على أي جواب إيجابي على طلباته بدعم مشروعه لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم دون وضع شروط مسبقة على هذه العودة، وفقاً لما سبق وقالته واشنطن وأعاد تأكيده وزير خارجيتها في زيارته لبيروت رابطاً العودة بالحل السياسي.

سمع لبنان من بومبيو تهديدات أميركية شديدة اللهجة ما لم يتخذ موقفاً من أحد مكوّناته الاجتماعية والسياسية والنيابية والحكومية التي يمثلها حزب الله، في دعوة مباشرة للحرب الأهلية، تحت طائلة التهديد بضرب النظام المصرفي اللبناني بالعقوبات الشاملة، لكنه لم يسمع شرحاً من بومبيو لقرار الرئيس الأميركي بالاعتراف بضم الجولان السوري المحتل لكيان الاحتلال، وماذا عن مصير مزارع شبعا اللبنانية التي يعتبرها كيان الاحتلال جزءاً من الجولان، والتي سيشملها الاعتراف الأميركي بضم الجولان، ويسقط عنها لبنانيتها بنظر واشنطن، ومعها يسقط دعم الدور الأممي المنصوص عليه في القرار 1701 لحسم أمر ترسيم الحدود في النقاط المتنازع عليها وأبرزها مصير مزارع شبعا، والتي ينطلق منها أيضاً ترسيم الحدود البحرية التي تحدد مصير النزاع على حقول النفط والغاز بين لبنان وكيان الاحتلال، بما يعني سقوطاً مشابهاً للوساطة الأميركية في هذا الملف أو تغييراً في قواعد الوساطة وموازينها على الأقل.

يصل رئيس الجمهورية إلى موسكو، التي تنشر بطاريات صواريخها في سورية، وتوفر شبكاتها الحماية للأجواء السورية الملاصقة والمتداخلة مع الأجواء اللبنانية، والقادرة بقرار سيادي لبناني يخاطب الدولتين السورية والروسية توفير الحماية للأجواء اللبنانية، في ظل ضعف في التوافق اللبناني على قرار بهذا الاتجاه رغم ما قاله وما سيفعله الأميركيون، ويصل الرئيس إلى موسكو وهو يتطلّع إلى تفعيل المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، رغم أن لبنان لا يجرؤ على القول لموسكو إنه جاهز لإقامة التوازن في مصادر تسليح جيشه بين روسيا وأميركا كما تفعل تركيا الأطلسية، لأن مكوّنات رئيسية في الحكومة اللبنانية ترفض ذلك، وهي تعلم أن واشنطن تريد للبنان أن يبقى مكشوف الأجواء بلا حماية، لأنها تريد لـ إسرائيل حرية كاملة في استعمال أجوائه.

يستعمل الرئيس ميشال عون مهابته وتاريخه ووطنيته في العلاقة مع موسكو وطلباته منها، بعيداً عن لغة المصالح، التي تفهمها الدول، ففي ملفات متداخلة إقليمياً ودولياً، كملفات النفط والغاز وحماية المياه والأجواء وعودة النازحين. الدواء عند موسكو، وثمنه معلوم، ولبنان متعلق بواشنطن وعاجز عن الحصول منها على غير التهديدات، والدفاع عن المصالح الإسرائيلية، وعاجز بالمقابل عن منح روسيا ما يحقق له دعمها ومساندتها، فلا هو قادر على منحها امتيازات نفطية عرضها على واشنطن مقابل الحماية ورفضتها، ولا هو قادر على منحها عقوداً عسكرية بشراء شبكات دفاع جوي عرضها على واشنطن ورفضتها، ولا هو قادر على منحها شراكة اقتصادية في مسيرة عودة النازحين وإعادة إعمار سورية عرضها على واشنطن ورفضتها.

ما سيحصل عليه لبنان من واشنطن اليوم هو إعلان التضحية بمصالحه لحساب إسرائيل في خطوة تبدأ بمزارع شبعا المصنّفة كجزء من الجولان في تل أبيب، وتمتدّ إلى الخلافات الحدودية البرية ووصولاً منها إلى البحرية بينما ما سيحصل عليه من موسكو من دعم ومساندة سيكون بلا مقابل يعرضه مما سبق وعرضه على واشنطن، وسيكون الدعم الروسي للبنان تعبيراً عن تقدير لرئيس الجمهورية وللتحالف الذي تشترك فيه روسيا مع المقاومة في مواجهة الحرب على سورية.

غداً ستقول المقاومة كلمتها، بلسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حول ما حمله بومبيو وما سيفعله ترامب، وهو ما كان مضمون موقف الحزب السوري القومي الاجتماعي الداعي لليقظة والتنبّه والحذر من المخاطر.

يتوجّه الرئيس ميشال عون الى موسكو اليوم في زيارة تستمر يومين يعقد خلالها لقاء قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويلتقي عدداً من المسؤولين الروس. وأشارت مصادر متابعة لتحضيرات الزيارة لـ«البناء» الى أن الزيارة تكمن أهميتها في أنها ستبحث في مختلف الملفات السياسية والاقتصادية التي تهمّ البلدين، حيث سيركز الرئيس عون على ملف النازحين لجهة ضرورة تفعيل المبادرة الروسية وعودة النازحين الى سورية من دون ربط عودتهم بالحل السياسي، الأمر الذي يتوافق مع الرؤية الروسية.

الى ذلك، يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عند الخامسة من عصر الثلاثاء المقبل ليتحدّث عن آخر التطورات السياسية في لبنان والمنطقة، وتأتي إطلالة نصرالله غداة زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى لبنان.

ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى ان السيد نصر الله سيركز خلال إطلالته على مواقف الرئيس دونالد ترامب التي تشرع الاحتلال الإسرائيلي للجولان المحتل بعد القدس، مشيرة الى أن السيد نصر الله سيخاطب كل المعنيين في الداخل على وجه الخصوص بضرورة التنبّه لما يرسم للبنان وسورية واتخاذ موقف رسمي صارم رافض للسياسات الأميركية لا سيما أن الكلام عن الجولان يأتي في سياق المقترح الأميركي أو ما يُعرَف بصفقة القرن التي يروّج اليها الأميركي بالتوازي مع ما يُحاك لسرقة حقوق لبنان في ثروته البحرية لصالح العدو الإسرائيليّ.

ولفتت المصادر نفسها الى ان السيد نصر الله سيجدّد موقف الحزب من العقوبات الأميركية لجهة أنها تأتي في سياق الحرب المالية الاقتصادية الأميركية النفسية على حزب الله، ليؤكد أنها لن تؤثر على تماسك المقاومة وجمهورها ومناصريها، خاصة أن التجارب تؤكد أن المخططات الأميركية لم تتحقق، وأن المقاومة ستبقى تدافع عن حقوق متخطية كل الحصارات والعقوبات. وشددت المصادر على أن الامين العام لحزب الله سيثني على المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ووزير الخارجية خلال استقبالهم بومبيو. وسيؤكد السيد نصر الله أهمية الوحدة الداخلية والتسوية الرئاسية التي حافظت على الاستقرار.

وفي سياق متصل أكد وزير الصحة جميل جبق من بنشعي أول أمس رداً على سؤال حول تأثير زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو للبنان، على وزارة الصحة، «وزارة الصحة ليست لحزب الله، وأي عقوبات ستفرض على الوزارة ستطال الشعب اللبناني كله، ونحن نعمل في هذه الوزارة على الصعيد اللبناني ككل، وليس لأشخاص معينين في الوزارة».

الى ذلك أفادت المعلومات أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيوفد الى واشنطن لجنة برلمانية تتألف من النائبين إبراهيم كنعان وياسين جابر ومستشاره علي حمدان للحدّ من أضرار العقوبات الأميركية على حزب الله على لبنان والقطاع المصرفي والاقتصادي.

وأشار الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيان أصدره عميد الإعلام في القومي معن حميّة أن الحملة المسعورة لوزير خارجية الولايات المتحدة ضد حزب الله، إنما هي حملة «إسرائيلية» بامتياز، هدفها ممارسة الضغوط على لبنان، لثنيه عن قراره والتمسك بحقوقه وثرواته، وللنيل من معادلة الردع التي رسختها المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني. واشار إلى أن ما صرح به بومبيو خلال زيارته لبنان، سواء في السر أو في العلن، وتصويبه باتجاه حزب الله، يشكل تدخلاً سافراً ووقحاً في شؤون لبنان الداخلية، وهو لم يراعِ أدنى اللياقات الدبلوماسية في تصريحاته، خصوصاً أنه سمع كلاماً لبنانياً حاسماً بأن حزب الله هو جزء أساسي من النسيج اللبناني، وأن المقاومة هي حق مشروع للبنانيين دفاعاً عن أرضهم وسيادة بلدهم. وأكد أنّ سياسة التهويل والترهيب التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية ضد لبنان ومقاومته، والتلويح بفرض عقوبات اقتصادية، لن تنال من إرادة الوطنيين اللبنانيين ومواقفهم، ولن تفت في عضد المقاومة التي باتت معادلة راسخة بثلاثيتها الذهبية.

وأكد الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيان أنّ موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن الاعتراف بالسيادة «الإسرائيلية» على الجولان السوري المحتلّ، ليس منفصلاً عن السياسات الأميركية إزاء منطقتنا، بل هو التعبير الأوضح عن صلف هذه السياسات منذ اغتصاب فلسطين إلى اليوم. وعليه، فإنّ المواقف الدولية والإقليمية والعربية الرافضة والشاجبة لهذا الإعلان الأميركي، ليست كافية، بل المطلوب ترجمتها بخطوات عملية للوقوف بوجه القوة الغاشمة الأميركية، ولوضع حدّ للاحتلال والغطرسة والبطش والعدوان، ولوقف استباحة حقوق شعبنا، والعبث بالمواثيق والقوانين الدولية والإنسانية.

وإذ شدّد على ضرورة أن تتحمّل الدول كافة مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية دعماً لحقنا المشروع في أرضنا، كلّ أرضنا، وحقنا في مقاومة الاحتلال والإرهاب والعدوان، حذّر من أنّ سيادة شريعة الغاب الأميركية، ستؤدّي إلى تهديد الاستقرار العالمي.

في المقابل، رأت مصادر مطلعة تدور في فلك 14 آذار لـ«البناء» ان زيارة بومبيو رسمت حقيقة الموقف الأميركي لجهة الضغط غير المسبوق على حزب الله وتحذير المعنيين في المواقع الرسمية والاقتصادية والمصرفية من أية محاولة تهدف الى الالتفاف على العقوبات المفروضة على حزب الله، لأن القطاع المصرفي سوف يتعرّض لعقوبات من جراء اية محاولة من هذا النوع. واعتبرت المصادر المسلمة بالدور الأميركي الداعم للبنان في شتى المجالات، أن واشنطن لن تغضّ النظر عن أي تقاعس رسمي لبنان عن الالتزام بالقرارات الأميركية، مشيرة الى ان بومبيو لم يكن راضياً عن مجريات لقائه والوزير جبران باسيل، وأن على المعنيين الالتزام بما اعلنه الرئيس سعد الحريري خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي لناحية الالتزام بالنأي بالنفس عن المحاور الإقليمية في إشارة لإيران والالتزام بالبيان الوزاري، انطلاقاً من أن المساعدات الأميركية كما بات واضحاً سوف تكون مشروطة بالخيارات اللبنانية، معتبرة ان الرئيس الحريري يرفض تعريض الاستقرار في لبنان للاهتزاز لقطع الطريق على تدهور الوضع الاقتصادي بسرعة.

وكان بومبيو زار قائد الجيش العماد جوزاف عون، ترافقه زوجته ومساعده لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل، ومساعده بالوكالة ديفيد ساترفيلد، بحضور السفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد، وأكد للعماد عون «استمرار الدعم الأميركي للجيش اللبناني، الشريك الاستراتيجي في محاربة الإرهاب».

وعلى صعيد الوضع الاقتصادي والمالي، وبعد القلق الذي أحدثه كتاب وزير المال علي حسن خليل الموجّه الى مديرية الموازنة ومراقبة النفقات أكّد خليل أنه تم إبلاغ جميع مراقبي عقد النفقات بضرورة وقف الحجز لمختلف أنواع الإنفاق باستثناء الرواتب والأجور، لافتاً الى أن تعويض النقل الموقت لا علاقة له بالدفع ولا بالسيولة، ولا علاقة له أيضاً بالجلسة بين حاكم مصرف لبنان والمصارف.

وأوضح خليل أنه «إجراء إداري داخل وزارة المالية مرتبط بالحد من الإنفاق، حتى لا نصل إلى مناقشة الموازنة في الحكومة ومجلس النواب وتكون الوزارات والادارات قد عقدت نفقاتها وحجزت أموالها وبالتالي لا يعود هناك إمكانية للقيام بالتخفيضات الضرورية».

كما شدد وزير المال على أن لا ضرائب جديدة على المواطنين، ولا تحميل أعباء جديدة على الطبقات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود.

أما وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل فكرّر سلسلة مواقف خلال جولته في قرى الضنية، فأكد «ان امكانيات الدولة تقل، وبالإمكان تغيير واقعها الحالي عبر تبني مشاريع الإنماء والخدمات وترشيد الإنفاق». وقال «علينا التقشف في الموازنة، وأن نتوقف عن هدر المال، وعلينا أن نعرف أن هناك قرارات صعبة سنتحملها لسنوات وبعدها سيقلع البلد، لأن اقتصادنا لا يحتاج إلى الكثير لينطلق، لكن لا يمكن أن نؤجل الاستحقاقات، لأنه تأتي مواعيد الديون، علينا أن نتوقف عن زيادة ديوننا، بل أن نكبر اقتصادنا، علينا أن نصغر ديوننا ونكبر اقتصادنا وليس العكس. وهذه تحتاج إلى قرارات صعبة علينا أن نتحمّلها كلنا، وليس على حساب أحد من البلد».

الى ذلك، وقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون 3 قوانين وهي إجازة استدانة الحكومة اللبنانية بمبلغ يقارب 5 مليارات دولار ثم قانون إعطاء سلفة لشركة كهرباء لبنان بقيمة 790 مليار ليرة وقانون اعتماد الصرف من قبل إدارات الدولة والوزارات على القاعدة الاثنتي عشرية حتى 31 أيار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى