بلدة دير ماما في حماة تستعيد مجد تربية دودة القز

صناعة الحرير الطبيعي من الصناعات التقليدية المهمة ومن أبرز رموز التراث والفلكلور الأصيل لسكان بلدة دير ماما في منطقة مصياف وهي مركز لهذه الصناعة، إذ لا يزال الكثير من أهالي البلدة يحافظون على هذه المهنة العريقة من خلال إصرارهم على نقلها لأبنائهم كما تعلّموها من أجدادهم.

وبيّن صاحب مشروع لإنتاج الحرير الطبيعي في دير ماما محمد سعود أن البلدة من أشهر البلدات في محافظة حماة بخيط الحرير الذي تنتجه أيدي أبنائها منذ مئات السنين فمناخها يساعد على توفر البيئة اللازمة لتربية دودة الحرير من مراحل نشأتها الأولى حتى مرحلة غزل الخيوط.

وأشار سعود إلى أنه وحرصاً منه على حفظ هذه الصناعة من الزوال أقام متحفاً للحرير الطبيعي في البلدة لنشر الوعي حول هذه الصناعة التراثية وتعريف الجيل الجديد بها وبأدواتها المستخدمة وبمراحل تصنيع خيط الحرير، لافتاً إلى أن الاهتمام والدعم الحكومي مؤخراً لإعادة الألق لهذه المهنة التي شجّع بعض العائلات على الاستمرار بتربية دودة الحرير بعد التراجع الذي شهدته في العقدين الماضيين.

وحول مراحل صناعة خيط الحرير يدوياً قال المربي يوسف حسن وهو صاحب أقدم نول في البلدة وقد تجاوز عمره المئة عام أنها تبدأ من شهر نيسان بتربية شرانق القز وتحتاج من أربعين إلى خمسين يوماً لتصبح الدودة جاهزة للإنتاج، حيث يتم وضع ديدان القز في غرفة نظيفة ومعقمة وتوضع في أطباق بلاستيكية أو قش وترفع عن الأرض بواسطة حوامل خشبية ويتم في الأسبوع الأول تقديم ورق التوت مفروماً بشكل ناعم لتتمكن الشرانق من تناوله. وفي الأسابيع التالية تتم زيادة كمية الورق المفروم لكون الدودة ستكبر تدريجياً، موضحاً أن دودة القز تتغذى على أوراق نبات التوت ذي الثمار البيضاء لتنتج الدودة أجود أنواع الحرير.

وقال حسن إنه بعد مضي 6 أسابيع تقريباً تتوقف عن الطعام لتبدأ عملية نسيج الشرانق لتأتي مرحلة استخلاص خيط الحرير عبر وضع كمية من القز في ماء مغلي وتحرّك لفترة قصيرة حتى يبدأ الحرير بالانحلال والتمدّد ثم توضع الخيوط على دولاب خاص يعطي شكل خيط الحرير النهائي وبعدها توضع على النول لغزلها ونسجها للحصول على منتجات وقطع الحرير الخالص.

وتمنت السيدة سعاد حسن العاملة في هذه المهنة أن تحصل على الدعم اللازم لكونها مورداً جيداً لها سواء من خلال المشاركة بالمعارض أو من خلال تصريف المنتجات، لافتة إلى أن كل سيدة تتقن عمل الكروشيه تستطيع نسج الحرير الطبيعي والتفنن بأزيائه فيما اعتبر المربي رفيق يوسف أن صناعة الحرير من الأنشطة الاقتصادية والزراعية التي كانت تحقق عائداً مجزياً لمعظم العائلات، مؤكداً أهمية تكامل العمل بين الوزارات المعنية لاسترجاع هذه الصناعة العريقة من خلال الترويج لها وإيجاد أسواق تصريف لمنتجات خيط الحرير.

بدوره أوضح المهندس فايز هنداوي رئيس شعبة الحرير في مديرية زراعة حماة أنه في عام 2017 انطلق مشروع تنموي للحفاظ على هذه المهنة التقليدية والعمل على توسيع المساحة المزروعة بأشجار التوت الذي يعتبر الغذاء الرئيسي لدودة الحرير وزيادة الدعم للمربين.

وقال هنداوي إن مديرية الزراعة تعمل على توزيع بيوض دودة القز مجاناً على المربين حيث تم توزيع أكثر من 300 ألف بيضة لدودة الحرير لهذا الموسم منتجة محلياً وهي من أفضل السلالات من حيث اللون والوزن فضلاً عن زراعة 30 ألف شجرة توت في مناطق التربية حول مدينة مصياف وقراها، مشيراً إلى العمل على مشروع منح القروض لمن يرغب بتربية دودة الحرير لتطوير عمله وشراء معدات التربية للوصول إلى تصدير وتسويق المنتج السوري من الحرير الطبيعي، متوقعاً أن يصل الإنتاج في هذا العام لأكثر من واحد طن بزيادة واضحة عن الموسم الماضي حيث بلغ 600 كغ.

من جهته قال مسعف الأصفر رئيس اتحاد حرفيي حماة إن صناعة الحرير إرث ثقافي تجب المحافظة عليه ويعتبر خيط الحرير من أهم الخيوط التي تصنع منها الملابس الفلكلورية ولا بد من إحياء هذه الصناعة من خلال دعم المربين وتكثيف زراعة شجرة التوت وتقديمها بسعر تشجيعي وتقديم كل التسهيلات لمن يرغب بتربية دودة القز.

وأشار إلى أن الاعتماد على الأساليب التقليدية بتربية دودة الحرير يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التصنيع، مقترحاً إقامة دورات تثقيفية وتدريبية من قبل العائلات المشهورة بهذه المهنة للمربين الجدد وشرح كافة المراحل التي تمر بها حتى مرحلة نسج الخيوط. سانا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى