الممثل السوريّ يامن الحجلي تحدّى نفسه فكسب الرهان في مسلسل «هوا أصفر»… وتألّـق بـأداء الـدور

دمشق ـ آمنة ملحم

عاش الممثل السوري يامن الحجلي تحدّياً واضحاً بتبنّيه لشخصية «أمير مسعود» عبر مسلسل «هوا أصفر» من تأليفه بالشراكة مع الناقد علي وجيه، وإخراج أحمد إبراهيم أحمد وإنتاج شركة «cut» للإنتاج الفنّي.

الشخصية لم تكن سهلة على الإطلاق بل جاءت مركّبة تتطلّب جهداً اضافياً في الأداء وواسعة المشاهد الممتدة على مدار الحلقات كافة مع انقلابات عدة حملتها من حين لآخر واجهها الحجلي بالكثير من التأني والتوازن في الظهور ودراسة تفاصيل وأعماق الشخصية انطلاقاً من الشكل والملابس التي تخدم ظهوره، والمضمون ليكون حقاً كسب الرهان معها فنقلته لضفة أخرى في عالم الأداء.

«أمير مسعود» هو شاب طموح لأقصى الحدود يقرّر الصعود من القاع مختاراً طرقاً ملتوية تعتبر الأسهل، فكان درب التنقيب عن الذهب والآثار في البيوت الدمشقيّة القديمة هو ذلك الدرب للانطلاق متورّطاً معه بجرائم قتل لتغطية عثراته، ومن ثم التقرب من متنفذين فاسدين في البلد، وتلميع صورته عبر الإعلام المأجور ليجد نفسه على خط المافيات في دول الجوار لبنان بالخانة نفسها فلا يوفر كل ما قد يزيد من ثروته وتمدّده فيتورط بدفن النفايات الطبية الشعاعية بخطَوة جريئة من العمل بتسليط الضوء على هذا الموضوع الذي لم تتطرّق له الدراما السورية من قبل، وأخيراً يمتدّ خطره ليصل إلى «كريم» الذي يقوم بدوره يوسف الخال في بيروت والذي يشكّل رأساً لعصابة مافيا بخطّ يبتعد عن «أمير» ويقترب منه بآن واحدة في محاولة الوصول للقمة بأقصر طريق، ولتكون نهايتهما كتجار لأزمات بلادهما واحدة فيموتان معاً كنهاية منطقية وعادلة.

خطوط جريئة عديدة مررها العمل عبر شخصية «أمير مسعود»، فاتخذ الشاب أدوات فنّية خاصة لدعم حضور مدروس مدعّم بأداء عالي المستوى حيث رأيناه يمشي بطريقة لافتة تدعم الشخصية فتارة تراه ثابتاً وأخرى متزعزعاً، مع نبرة صوت غليظة في محاولة لإكساب الشخصية نمطاً من هيبة الحضور بما يتوازى مع طريقه، ولم تغِب عن ملامح وجهه وعينيه نظرات الألم والقوة والإحباط والإصرار كلها بتقلبات واضحة أتقنها الحجلي متحدّياً نفسه وكذلك كل ما قدّمه سابقاً من أدوار. فنحن أمام شخصية واحدة، ولكنها تعيش حالات متعددة في الحلقة ذاتها أحياناً فتارةً نجده ضعيفاً أمام عواطفه متمسّكاً بإنسانيّته وبساطة بيئته فيبكي وينفعل، وتارة يتسلّط دون رحمة، فهو الأخ والصديق الوفي حد الثمالة لسوار «وائل شرف»، وشفيق «يزن خليل» رفيق طفولته وشبابه ومن ثم مغامراته، وهو ذلك الرجل الذي ضرب حبيبته وزوجته مها «حلا رجب» حدّ فقدانها لطفلها ورحمها لتحرم من الإنجاب تحت وخزة وذريعة «الشرف»، لكنه يعود ويندم بشدة على ما فعله عندما يدرك ظلمه لها، وفي الوقت ذاته هو الشخص القادر على إهانة كل مَن يحاول الوقوف بطريقه.

انعطافات عديدة شهدتها شخصية «أمير» جعلت الجمهور يتعاطف معه أحياناً، ويطلب القصاص منه أحياناً أخرى، ورسائل كثيرة هامة وحاملة لمجموعة قضايا في العمل تطلبت حضوراً خاصاً من الشاب فلبّى الشخصية كما يجب وأدّاها بوتيرة متصاعدة تحسّباً له وحتماً ستغيّر من خياراته في المواسم المقبلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى