رواية «شهد المقابر» لمحمد المير غالب… أول تجربة إنسانية له للتحرّر والتعرّي من القيود

بلال أحمد

بلغت الرواية السورية مرحلة متقدّمة في السنوات الأخيرة واستطاعت أسماء جديدة أن تشقّ طريقها بقوة في هذا الباب بأشكال جديدة راسمين خطاهم بأقلامهم وأيديهم ومن هؤلاء الروائي الشاب محمد المير غالب الذي تألق منذ روايته الأولى «شهد المقابر».

غالب الذي نال على روايته جائزة «كتارا» للرواية العربية سنة 2017 عن فئة الروايات غير المنشورة يوضح في حديث له أن «شهد المقابر» لم تكن عمله الروائي الأول فحسب، بل هي أيضاً أول تجربة إنسانية له للتحرّر والتعرّي من قيود المرء الذاتية والخارجية، مبيناً أنه حاول كتابتها مرتين ثم تراجع في كلتيهما.

ويشير غالب إلى أن سبب تراجعه لا يعود إلى الخوف من نتائج ما يكتبه بل من عدم الإيفاء بحقه، فالرواية قصة واقعية لذاكرة شاب سوري صال وجال في الحرب على سورية وعاش تداعياتها منذ أيامها الأولى فنقل للقارئ أفكاره وهواجسه والانعطافات والانحدار الذي تعرّضت له شخصيته في رحلته داخل هذا الوطن كإنسان.

ورداً على سؤال حول إمكانية أن يعيد النظر فيما كتبه وتخلّى عنه سابقاً في الرواية قال: لا أعتقد فمجمل ما كتبته وتراجعت عنه كان محصوراً في شهد المقابر ورغم ذلك قد أعيد كتابتها يومـــاً ما، فمـــا زلت متعــلقاً بها كأنني لم أنهها وربما على الكاتب ألا ينــهي أعماله أبداً.

وعن خشيته ألا يقدم أعمالاً ترقى لمستوى شهد المقابر يقول إن نجاح الرواية الأولى يعرقل ويشجّع ما يليها في آن معاً، لأنك تصبح مضطراً لإجهاد نفسك أكثر حتى يكاد يستحيل أن تكتب أي رواية أخرى بمستوى العمل الأول نفسه، لافتاً إلى أنه كان وفياً لروايته شهد المقابر وما منحته من نصائح وثقة في روايته الثانية الذي هو بصدد طباعتها.

ويضيف غالب: في مواقع عديدة من روايتي شهد المقابر رحت أنقد نفسي وأتراجع وأحذف ثم أتراجع عن الحذف وهذه الحرية لا تمنحك إياها إلا الرواية.

ويصف غالب فنّ الرواية بأطول صرخة مولود من صنف الأدب، وهو ذو النفس الطويل وجماليته في تفاصيله والسباحة به، موضحاً أن ميله للرواية يعود لأنه غير قادر على ضبط نفسه في قالب أدبي معين أبداً فقد فشل في المسرح والشعر ويعاني بشدة مع كتابة القصة القصيرة.

ولا يجد غالب تعاكساً بين الرواية وبين الشعر والمسرح فيمكن أن نكتب الشعر ضمن الرواية ويمكن أن نستخدم روعة الحوار المسرحي فيها، معتبراً أن الرواية صنف أدبي جامع لكل أنواع الأدب بيد أن الروائي الشاب يجد أن شمولية الرواية وأهميتها لا تحدّ من إبداع غيرها من الأجناس الأدبية فهناك أبيات قليلة من الشعر تعوّض عن رواية.

ويحاول غالب في مجموعته القصصية قيد الطبع «كرز البن» أن يبتعد عن الحرب الإرهابية وآثارها، لكنه رغم ذلك لم ينجح سوى في قصتين فقط تدور أحداثهما بعيداً عن المجتمع العربي بأكمله حيث وجد نفسه يتنهد ويزفر مع شخصيات مجموعته بتنهيدة سورية متعبة حيث تسير هذه الشخصيات على الرصيف المقابل للحرب وتعرّضت لبعض الشظايا لكنها تحاول التفكير بالمستقبل البعيد والماضي السحيق معاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى