فلسطين المحتلة للعرب: طعناتكم في ظهورنا زادت.. وسنترككم لشعوبكم

قاطع وموحّد، إضراب عام وتظاهرات عارمة في كل مكان، هكذا ردّ الفلسطينيون على انطلاق ورشة المنامة التي تعقدها الولايات المتحدة الأميركية في العاصمة البحرينية المنامة.

الورشة التي تحمل اسم «السلام من أجل الازدهار»، وتُعرَف بكونها الشق الاقتصادي لـ»صفقة القرن»، انطلقت أعمالها مساء أمس، بغياب أصحاب القضية الفلسطينية وحضور عربي وخليجي لافت.

ومنذ أمس، يتظاهر آلاف الفلسطينيين في رام الله وغزة والضفة، وشهدت العديد من المناطق الفلسطينية إضرابًا عامًا وسلسلة من الاحتجاجات.

الرفض الفلسطيني الذي تواجهه ورشة البحرين بشكل خاص، وصفقة القرن بشكل عام طرحت تساؤلًا مفاده: «إلى أي مدى قد ينجح ترامب في تمرير صفقته».

مؤتمر اقتصادي

يهدف المؤتمر، الذي يختتم اليوم، إلى جمع حوالي 50 مليار دولار أميركي، خلال 10 سنوات، لدعم الاستثمار في الأراضي الفلسطينية.

وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في أكثر من مناسبة، معارضته لهذا المؤتمر، الذي يعتبر جزءاً من خطة صهر الرئيس الأميركي ومستشاره اليهودي، جاريد كوشنر، ومساعد الرئيس، الممثل الخاص للمفاوضات الدولية، جيسون غرينبلات.

ويعتبر الجانب الأميركي أنه، من خلال جمع الأموال في المؤتمر، يمكن توفير مليون فرصة عمل للفلسطينيين، وإنشاء ممر نقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين من قبل العدو، منذ العام 1967.

وافتتحت ورشة البحرين أعمالها مساء أمس في فندق فخم في عاصمة المملكة الخليجية الصغيرة، على أن تختتم اليوم الأربعاء.

وستكون هذه المرة الأولى التي يعرض فيها جزء من الخطة بشكل علني، علماً أن الشق السياسي منها لن يكشف عنه قبل تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

ومن بوابة الاقتصاد، تجمع الإدارة الأميركية مسؤولين من دول خليجية وعربية مع مسؤولين غربيين وممثلين للكيان الصهيوني الذي لا يقيم علاقات دبلوماسية مباشرة مع البحرين، ولكن هناك زيارات متبادلة لمسؤولين من قبل الطرفين.

العالول للعرب: لستم أشقاءنا

شن نائب رئيس حركة فتح محمود العالول هجوما على الأنظمة العربية المشاركة بالورشة الاقتصادية الممهدة لصفقة القرن في العاصمة البحرينية المنامة.

وقال العالول خلال مهرجان خطابي في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، أمس: «رسالتنا لمن نسمّيهم أشقاءنا: طعناتكم في ظهورنا زادت، وإيغالكم بالعبث بقضيتنا زاد عن اللزوم، وهذه المسألة لن نسمح بها». وأضاف: «سنبقى نعتبر أميركا و»إسرائيل» عدونا، ولن نعتبركم أعداء، لكن سنترككم لشعوبكم، ونأمل ألا يطول سباتها».

وأكد أن الشعب الفلسطيني استطاع بوحدته وانسجامه أن يُفشل صفقة القرن، وسيُفشل كذلك ورشة المنامة.

وأضاف: «لا صفقة عصركم ولا ورشة الندامة يمكن أن تمر ما دام هذا الشعب موحداً، ونرفض أن يتكلم باسمنا أحد سوى هذا الشعب وممثله الشرعي منظمة التحرير الفلسطينية».

وشدّد على ان فلسطين لا تباع ولا تشترى، ولم يخلق بعد من يمكن أن يتنازل عن القدس.

وكان الآلاف قد شاركوا في المسيرة التي انطلقت من أمام المجمع الشرقي بنابلس، بمشاركة العديد من الشخصيات الاعتبارية وممثلي المؤسسات الرسمية والشعبية والقوى والفصائل.

ورفع المشاركون أعلام فلسطين ورايات سوداء ولافتات منددة بورشة المنامة، مرددين هتافات منددة بمنظمي المؤتمر والمشاركين فيه.

من جانبه، أكد محافظ نابلس اللواء إبراهيم رمضان في كلمة له ورشة المنامة لا تحظى بقبول الشعوب العربية ومنها شعب البحرين، وأن الشعب الفلسطيني لن يقبل بكيس طحين ثمناً لذل اللجوء. وأضاف: «اذهبوا إلى مكان آخر يمكن أن تنطلي خططكم على شعب آخر خلاف الشعب الفلسطيني».

وأكد أن لا صفقة العصر ولا ورشة المنامة قادرتان على أن تزحزحا حبة رمل واحدة من تراب فلسطين.

وفي السياق، عمّ الإضراب الشامل قطاع غزة صباح أمس، رفضًا لمؤتمر البحرين ووسط رفض فلسطيني وعربي شعبي واسع.

وشلّ الإضراب مؤسسات القطاع الخاص والشركات والمحال التجارية والأسواق.

وكانت، أعلنت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية عن إضراب شامل، في كافة أنحاء قطاع غزة، لتشمل جميع مناحي الحياة احتجاجاً على ورشة البحرين.

كما دعت القوى جماهير شعبنا في غزة والضفة وفي الأراضي المحتلة عام 48 وفي الشتات للمشاركة بالفعاليات والمؤتمرات المناهضة لمؤتمر البحرين الهادف لتصفية القضية الوطنية الفلسطينية.

ورغم رفض بعض الدول العربية المشاركة فيه خوفاً من تطبيق «صفقة القرن» على أرض الواقع، أعلنت دول مثل مصر والأردن والمغرب مشاركتها في ورشة عمل البحرين الهادفة إلى عرض المنافع الاقتصادية التي يمكن أن يجلبها اتفاق تصفية القضية الفلسطينية.

مقاومة فلسطينية

من جانبه قال الدكتور خالد البطش، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الفلسطينية، قال إن «مؤتمر البحرين يعدّ جزءًا من خطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، وفتح الطريق واسعًا أمام كل العرب لتمرير مشاريع مشابهة».

وأضاف، أن «الشعب الفلسطيني، يدين تلك الخطوة البحرينية ويعتبر المؤتمر مجرد جس نبض أميركي للمنطقة العربية كلها، لاختبار إمكانية تصفية القضية الفلسطينية»، مشيرًا إلى أن «الأراضي الفلسطينية غير قابلة للبيع لا بمليارات الدولارات، أو بالوعود السياسية الأميركية».

وبشأن نجاح أميركا في ترويج صفقة القرن، قال البطش: «لا نخاف من مثل هذه المخططات، سبق وأن سعت أميركا بإنجاز اتفاق أوسلو، وهو الآن ينهار وأي حديث عن مشروعات اقتصادية أو سياسية ضمن صفقة القرن لن تثبت كثيرًا».

وأنهى حديثه قائلًا: «مستمرون في المقاومة، وفي مسيرات العودة، وسنواجه أي مشروع أو صفقة تهدف لتصفية القضية الفلسطينية».

تظاهرات حادة

وشهدت مدن فلسطينية عدة، صباح أمس، إضرابًا عامًا، وتظاهرات عنيفة، احتجاجاً على انطلاق فعاليات مؤتمر البحرين.

وأعلنت معظم الجامعات في قطاع غزة تعليق الدوام الإداري والأكاديمي فيها، فيما أغلقت الوزارات الحكومية بما فيها المحاكم أبوابها أيضاً.

والتزمت نقابة الصيادين بقرار الإضراب وأعلنت تعليق العمل من الساعة السادسة صباحاً حتى الساعة السادسة مساء أمس.

ودعت الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار الجماهير الفلسطينية إلى المشاركة في الفعاليات المتزامنة مع الإضراب وأبرزها المؤتمر الجماهيري الذي يُعقد في مركز رشاد الشوا الثقافي مساء اليوم.

رفض رسمي

من جهتها أكدت حركة حماس رفضها لمؤتمر البحرين الذي سيُعقد اليوم، مؤكدة أن قضية فلسطين «لا ينوب عنها ولا يمثلها سوى شعبنا».

وأكد مشير المصري خلال مؤتمر صحافي أن «فلسطين لم تكن يوماً قاصراً حتى يقرر لها غيرها فالمجتمعون بالمنامة لا يملكون أي حق أو تفويض للحديث بالنيابة عن فلسطين».

وشدّد على أن كل ما سيصدر عن مؤتمر البحرين من قرارات ومواقف لا تمثل شعبنا، مضيفاً «هي ليست إلا محاولات فاشلة كتلك في محطات سابقة لم تعبر عن شعبنا وحقوقه الثابتة».

من جهته، شكك رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية بشرعية المؤتمر الاقتصادي الأميركي في ظل المقاطعة الفلسطينية له.

ووصف أشتية، خلال افتتاح الاجتماع الأسبوعي للحكومة الفلسطينية في رام الله، مؤتمر البحرين، بأنه «هزيل المحتوى وعقيم المخرجات»، مشيراً إلى تدني تمثيل مستوى المشاركة العربية فيه.

وقال إن الأهم على مستوى المشاركة في مؤتمر البحرين هو أن «فلسطين غائبة ورفضت المشاركة فيه وهو ما يجعله من دون شرعية».

وأضاف: حلّ القضية الفلسطينية هو حل سياسي متمثل بإنهاء الاحتلال وسيطرتنا على مواردنا وسيكون بإمكاننا بناء اقتصاد مستقل عندما ينتهي هذا الاحتلال.

وتابع: «مَن يريد السلام والازدهار للشعب الفلسطيني فليدعُ إسرائيل إلى وقف سرقة الأرض ومصادرة أموالنا ومقدراتنا الطبيعية وليفرض على إسرائيل إنهاء الاحتلال والاستيطان والتخلص من تبعياته ورفع حصار غزة».

وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أكدت أمس، معارضتها الحاسمة لمؤتمر البحرين المقرّر عقده تحت شعار «السلام من أجل الازدهار» لبحث الجوانب الاقتصادية المرتبطة بخطة واشنطن للسلام.

وقالت اللجنة التنفيذية في بيان عقب اجتماع لها في رام الله، إنها تؤكد رفضها لمؤتمر البحرين «في غياب أي التزام بالقانون الدولي ومتطلبات إنهاء الاحتلال، وبإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1976 وعاصمتها القدس».

ودعت اللجنة «جميع الدول والهيئات والكيانات السياسية والاقتصادية المدعوّة للمشاركة بالمؤتمر، إلى احترام موقف الإجماع الفلسطيني وموقف منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى