عون في عيد الجيش: الأمن خط أحمر… والطائف مظلة الميثاق الوطني جنبلاط يرفض التصويت… وجعجع لرفض المجلس العدلي لأنّ كلّ شيء 8 و14

كتب المحرّر السياسيّ

في مناخ الاقتراب الإماراتي المدروس أميركياً من إيران تفادياً للأسوا، ومناخ التفوق الصاروخي اليمني على الدفاعات الأميركية في الأجواء السعودية مع بلوغ صواريخ أنصار الله الدمام، على بعد 1200 كلم من صنعاء، بعد عمليات متكرّرة في صناعة النجاحات، من عدن إلى أبها، فرض الجيش السوري إيقاع المعارك والمفاوضات حول إدلب، فبعدما استوعب وامتصّ الهجوم المعاكس للجماعات الإرهابية التي جمعها وسلحها الأتراك لفرض أمر واقع يتأسس عليه كل تفاوض لاحق، نجح الجيش السوري في استعادة المناطق والتلال التي سيطر عليها المهاجمون الذين بلغوا آلاف عدة مجهزة بكل أنواع الأسلحة. وبدأ بالتقدم بثبات على محاور جعلت معركة خان شيخون تقترب، وبيد الجيش أوراق التفوق الجوي والبري والناري، ليحقق المزيد. فجاء التوقيت ذهبياً مع موعد انعقاد لقاء أستانة الثالث عشر ليفرض المندوب السوري السفير بشار الجعفري الروزنامة السورية على المشاركين، وفيها وقف للنار وفقاً لخطة الانسحاب المؤجلة من الجانب التركي، والتي تضمن إخلاء الجماعات المسلحة والأتراك لعمق 30 كلم من منطقة خفض التصعيد، إفساحاً في المجال لخطة فتح الطريق الدولي بين حماة وحلب. وقال الموفد الروسي إن الأمر عائد الآن للجماعات المسلحة لقبول وقف النار أو تحمل تبعات الرفض، ومعلوم أن الرفض يعني مواصلة العمليات العسكرية السورية بدعم الحلفاء وبقبول تركي، لم يعُد بيد أنقرة التراجع عنه.

لبنانياً، كانت كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في عيد الجيش تأكيداً على التمسك بالجيش حامياً للأمن، تحت عنوان الأمن خط أحمر، وكانت إشارات رئيس الجمهورية لاتفاق الطائف ذات معنى واضح في التمسك بالسلم الأهلي والعيش المشترك تحت عنوان التنازلات المتبادلة التي لا غنى عنها لتحصين البلد، تحت شعار أن اتفاق الطائف مظلة ميثاق العيش المشترك.

في مسار المساعي لعقد الحكومة وتخطّي حاجز قبرشمون، سقطت مرة أخرى محاولات الذهاب للتصويت بالتوافق، على الإحالة إلى المجلس العدلي وارتضاء النتائج، بعدما رفض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط مبدأ بحث مجلس الوزراء في الأمر، لأن في ذلك إقراراً بأن ما جرى أكبر من حادثة عادية، ما يعني القبول الضمني بأنها ترتقي لمستوى نقلها إلى المجلس العدلي، ولو كان قلق جنبلاط من مسار التحقيق في المحكمة العسكرية بدأ يظهر في تعليقات نوابه، بينما كان الجديد ما قاله رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لجهة اتهام السعي لنقل ملف قبرشمون إلى المجلس العدلي بالنيات المبيتة ضد جنبلاط، حيث كل شيء لا يزال في البلد بين 8 و14 آذار، معتبراً أن هناك إمكانية كبيرة لتركيب ملف في قضية قبرشمون، وفي المجلس العدلي القطبة المخفيّة هي تعيين محقق عدلي، يعينه وزير العدل .

جنبلاط أجهض الاقتراح الأخير!

لم تشهد حركة النشاط السياسي أمس، أي تواصل لمعالجة أزمة قبرشمون التي ما زالت تطغى على الساحة الداخلية وتتحكّم باتجاهات وتوجّهات الدولة رغم انهماك لبنان الرسمي أمس، بالاحتفال بعيد الجيش الرابع والسبعين الذي لم يخلُ من الكلام السياسي لا سيما في خطاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث كان لافتاً تأكيده التمسك باتفاق الطائف بعد يوم واحد فقط على توجيه رسالته الى المجلس النيابي لتفسير المادة 95 من الدستور، ولم يُعرف مَن قصده عون بقوله لا ينفع لبنان في هذه المرحلة أن يستحضر البعض لغة الماضي، وممارساته، عازفاً على وتر الحساسيات، وطاعناً في صميم إرادة العيش المشترك ومتطلباته، التي ثبتها اتفاق الطائف». رغم أن بعض المصادر رأت بأن رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط وفريق رؤساء الحكومات السابقين هم المعنيون!

وبحسب مصادر «البناء» فإن جنبلاط أجهض اقتراح الحل الأخير الذي قضى بمناقشة مسألة الإحالة على المجلس العدلي في مجلس الوزراء وإن تعذّر التوافق تعرض على التصويت وتسليم جميع الأطراف بالنتيجة. فبعد موافقة الرئيس عون والنائب طلال أرسلان على الصيغة اشترط رئيس الحكومة سعد الحريري موافقة الطرفين عليها أي جنبلاط وأرسلان، لكن جنبلاط أرسل الوزير وائل ابو فاعور الى الحريري لإبلاغه رفض ذلك. وهذا ما فسّر إلغاء الاجتماع الذي كان مقرراً مساء الأربعاء بين رئيس الاشتراكي واللواء عباس ابراهيم، أما الحريري فاعتصم بالصمت وعقد العزم على السفر لأيام معدودة في اجازة خاصة ما يؤشر الى أن لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع.

وتراجع منسوب التفاؤل الذي ساد أمس الأول، ولم تصطحب حركة اللقاءات اي بركة، وعلمت البناء أن جنبلاط لم يرفض التصويت على الإحالة الى العدلي فحسب، بل يرفض مبدأ وضع القضية على جدول أعمال الجلسة ومناقشته في مجلس الوزراء، لأن ذلك يعتبر إقراراً منه بأن الحكومة هي المرجع الصالح لتحديد طبيعة القضية وتوصيفها والموقع القضائي الذي يجب أن تُحال اليه . ولفتت معلومات البناء الى أن الرئيس عون مصرّ على المسار القضائي، وهو قال للمعنيين بأن اعتبار البعض أننا في دولة عشائرية وقبائلية أمر مرفوض ، كما علمت أن رئيس الجمهورية مصرّ أكثر من أي وقت مضى على المجلس العدلي ولو أنه يرى بالإحالة الى المحكمة العسكرية طريقاً للعدلي، لكنه بات أكثر تصميماً واقتناعاً بالعدلي بعدما وقعت تسجيلات صوتيّة بأيدي الوزيرين جبران باسيل والياس بوصعب تكشف عن تحضيرات وتعليمات لمسؤولين وعناصر في الاشتراكي لقطع طرقات والتصدّي بالسلاح لأي محاولة لدخول مواكب الوزراء الى بعض القرى . وعلمت البناء ايضاً أن رفض جنبلاط التصويت مرده الى عدم ثقته ببعض حلفائه أو أنه غير واثق من تصويت وزراء حركة أمل الى جانبه أو الى عدم تأكده من حضورهم الجلسة أو مقاطعتهم إن حصل التصويت ، علماً أن الرئيس نبيه بري بحسب المعلومات لم يتخذ قراراً نهائياً حتى الآن من مسألة التصويت ولم يُبلِغ أياً من الاطراف ماذا سيقرّر في حال تم الاتفاق على عقد جلسة لمجلس الوزراء بين الرئيسين عون والحريري . وعُلم أن جنبلاط أبلغ هواجسه للمفاوضين من خيار المحكمة العسكرية لوجود وزراء وجهات سياسية وحزبية يؤثرون على قرارها، بحسب قوله.

وأشارت مصادر الحزب الديموقراطي لـ البناء الى أن جنبلاط يحاول أن يفرض نفسه على البلد وإما يعبث بالاستقرار والسلم الأهلي ويعطل الحكومة ، وتوقفت المصادر عند حركة جنبلاط باتجاه سفارات الدول الأجنبية في لبنان، مشيرة الى انه يستقوي بحلفه مع القوات ويعوّل على أن لا يخذله الرئيس الحريري وأن لا يصوّت ضده الرئيس بري ، ولفتت الى أن هناك مصلحة خارجية في استثمار تصعيد جنبلاط في تهديد الأمن الداخلي والضغط على حزب الله كحليف لطهران في إطار الصراع بين ايران واميركا . واعتبرت المصادر أن حادث البساتين ليس عرضياً وهناك جهات حزبية اشتراكية كبرى أعطت الأوامر ، وتمنت المصادر أن لا يكون جنبلاط على معرفة واطلاع على هذه الأوامر .

وكرّرت مصادر الديمقراطي موقف النائب طلال ارسلان بأن لا أحد يريد إلغاء جنبلاط ولا تطويقه وإضعافه ، مضيفة: هل مَن تلقى الدعم من حزب الله في الانتخابات النيابية الأخيرة يتحدّث عن تطويق؟ وهل مَن استحوذ على كل التعيينات والحصص الدرزية والمسيحية في الجبل يتحدّث عن إلغاء وتهميش؟ . واعتبرت أن السلوك الجنبلاطي محاولة لتضخيم الحرب عليه لاستدراج دعم حلفائه والعطف الخارجي وتقديم أوراق اعتماد للقوى المستفيدة من ضرب السلم الأهلي في لبنان ، وأكدت أن أرسلان لن يذهب الى مصالحة مع جنبلاط على حساب دماء الشهداء وقبل أن تسلك القضية طريقها القضائي الصحيح وتحقيق العدالة .

في المقابل اعتبر عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله ، في حديث تلفزيوني، «أن مسألة التصويت الى المجلس العدلي لن يقبل بها الحزب الاشتراكي لأنها بمثابة تعليب للقضية»، مشيراً الى «ان في كل زيارات اللواء ابراهيم لجنبلاط ، كنا متعاونين، في حين كان الرفض يأتي من الفريق الآخر»، مشدداً على ان «الحزب الاشتراكي يقبل بكل الاقتراحات الدستورية، في حين أن من يُسيّس الامور، هو من يمنع القضاء من القيام بدوره».

وقال جنبلاط عبر تويتر: «التهنئة للجيش في عيده السنوي فهو درع الوطن وحامي السلم الاهلي والاستقرار مع كافة الاذرع الامنية»، مضيفاً «على امل ان يخرج البعض من عقلية الجبهات وان يكون قولا وعملا مع الطائف بعيدا عن التفسيرات والتأويل». وتابع «المستقبل أهم من الماضي المتحجر هكذا تقول الارصدة المتقدمة والعلمية».

عون: الطائف مظلة الميثاق

وأكد رئيس الجمهورية خلال كلمته في عيد الجيش في ثكنة شكري غانم في الفياضية، أن اتفاق الطائف يشكل المظلة لحماية الميثاق الوطني، عبر صون حقوق الجميع، وإحقاق التوازن بين مختلف شرائح المجتمع ومكوّناته. ولا يمكن أي ممارسة أو موقف، أن يناقضا روحيّته . ولفت إلى أن الجيش الوطني أثبت أنه فوق المصالح والتجاذبات، وأنه ضمانة الوطن ، واذ حذّر من عودة العزف على وتر الماضي والحساسيات، اعتبر، ان إنجازات الجيش تستكمل بإبقاء العين ساهرة على حدودنا الجنوبية مع وجود عدو يتربّص بهم وينتهك باستمرار القرارات والمواثيق الدولية خصوصاً القرار 1701. وشدّد عون على أن لبنان يمر بأزمة اقتصادية واجتماعية قاسية لكنهم قادرون على تجاوزها قائلاً إن لم نُضحِّ اليوم جميعاً ونرضَ بالتخلي عن بعض مكتسباتنا فإننا نخاطر بفقدها كلّها .

وكان لافتاً ثناء رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة على كلام عون مؤكداً في تصريح أن «كلام فخامة الرئيس يستحق التنويه، والإشادة وهو يدفع للوقوف الى جانبه لكي يتأكد ويتعمم ويترسخ ويتم الالتزام به من قبل جميع الوزراء وغيرهم من المسؤولين لكي يقترن القول بالفعل لأن العبرة في نهاية الأمر بان يكون الاداء والممارسة مطابقاً لما قاله رئيس الجمهورية»، مشيراً الى أن «الرئيس عون هو حامي الدستور وراعي تطبيقه».

كما أكد عون خلال استقباله قائد الجيش العماد جوزف عون واعضاء المجلس العسكري، الذين هنأوه لمناسبة عيد الجيش، أن الأمن مقدس والتفريط به ممنوع، خصوصا أن لبنان دفع الغالي والنفيس من اقتصاده واستقراره بسبب حروب الآخرين، ونحن لم نعد مستعدّين ولاي سبب كان، ان نعود الى حال اللاستقرار التي اختبرناها في السابق ، مشيراً إلى أنه لا يزال يعطي فرصة لحل ملف الخلاف الناشئ من حادثة قبرشمون. وعاهد قائد الجيش العماد جوزف عون رئيس الجمهورية على أن تبقى المؤسسة العسكرية قبلة أنظار اللبنانيين ومدعاة فخرهم ، مشيراً إلى أن ثقة الناس والجيوش العالمية تعوّضان ما تعجز عنه الموازنات في تخصيص ما يكفي للجيش من احتياجاته ومتطلباته.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى