بوتين وروحاني ينجحان بفرض مواجهة الإرهاب ومعادلات الدولة السوريّة على أردوغان المحكمة الدولية تدخل على خط التصعيد ضد حزب الله بتقرير اتهامي ركيك… والهدف فتنة

كتب المحرر السياسي

لا يزال زلزال أرامكو الذي أصاب السعودية الحدث الدولي الأول، وقد ترتّب عليه وقف إنتاج وتصدير نصف طاقتها النفطية، كما أصاب بناها التحتية الخدمية في توفير الكهرباء والماء والغاز والمشتقات النفطية، واصاب السوق العالمية بالتوتر وتسبب بارتفاع أسعار النفط، وفرض تراجعات واسعة في أسعار الأسهم في بورصات العالم. ووقف الغرب مرتبكاً في كيفية التصرف بانتظار ما ستفعله واشنطن، التي سارعت لتحميل إيران المسؤولية، لكنها وعلى لسان الرئيس دونالد ترامب بدت مترددة في كيفية التصرف، حيث التصعيد على إيران يفتح الباب لمواجهة معلوم سلفاً أنها ستأخذ الأمور نحو حرب تدمر المصالح النفطيّة والتمركز العسكري الأميركي في المنطقة وتصيب «إسرائيل» في الصميم بأضرار لا يمكن إصلاحها، بالرغم مما ستتسبب به من خسائر لدول وقوى محور المقاومة. وفي المقابل بدا التراجع تسليماً بهزيمة كبرى، وإقراراً بأنّ اليد العليا في المنطقة هي لمحور المقاومة.

الإرباك الأميركي الخليجي عشية انتخابات الكنيست في كيان الاحتلال، أضاف لمأزق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو المزيد من التعقيد، بالحلفاء العرب الذين يتحدث عنهم وهم مهددون بالخسائر ومصابون بالضعف. وواشنطن التي يعتد بتحالفه معها، بدأت تسوّق لمشروع تصالحي مع إيران، معتبرة أنها قدّمت لكيان الاحتلال أكثر مما يحلم به بنقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لكيان الاحتلال وتأييد ضمه للجولان، ونيته بضمّ بعض الضفة الغربية، وتبني الرؤية الإسرائيلية لأي تسوية للقضية الفلسطينية وفقاً لما تتضمنه صفقة القرن. وتبدو صورة الاستعصاء الحكومي مرشحة للاستمرار في الكيان وربما تكون الأمور بين حكومة وحدة تضم الليكود وتحالف أزرق أبيض على أساس إدارة الأزمات بلا استراتيجية محددة، بل بطريقة المياومة، أو الذهاب مرة أخرى للانتخابات.

تركيا وحدها بين حلفاء واشنطن في حربها على سورية، تضحك في سرّها لأنها بادرت مبكراً بالتموضع ضمن مسار أستانة المشترك مع روسيا وإيران، واتخذت لنفسها سياسة خاصة تنبع من حساباتها ومصالحها، وهي تشعر اليوم بقيمة ما فعلت. فجاءت القمة الثلاثية التي ضمّت في أنقرة الرئيس التركي رجب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الإيراني حسن روحاني، منصة حملت معها تثبيتاً للمواقع المتقدّمة لروسيا وإيران، ومحاولة تركية للحفاظ على مكتسبات التموضع خارج السرب الأميركي السعودي الإسرائيلي، وكان لافتًا مسعى بوتين وروحاني لتناول الوضع شرق الفرات وفقاً لمعادلة التمسّك بوحدة سورية ورفض تقسيمها، ومطالبة واشنطن بسحب قواتها، والتمهيد لترتيب العلاقة السورية التركية تحت سقف اتفاقية أضنة المعقودة بين الدولتين سابقاً بديلاً من المنطقة الآمنة التي يتحدث عنها الأتراك، أما بالنسبة لإدلب فقد كان واضحاً الإصرار على استئصال الجماعات الإرهابية، وهو ما لم يعلق عليه سلباً الرئيس التركي للمرة الأولى. وهو ما قالت مصادر متابعة أنه إشارة لتفاهمات تمّت في القمة، عنوانها مواصلة الحرب على الإرهاب ـ وتكريس ثوابت الدولة السورية بالنسبة لاحترام السيادة والوحدة.

لبنانياً، كان لافتاً توقيت صدور التقرير الاتهامي للمحكمة الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، في قضايا ومحاولات اغتيال طالت الوزير السابق مروان حمادة، ونائب رئيس الحكومة السابق الياس المر، واغتيال الأمين العام للحزب الشيوعي السابق جورج حاوي، وتوجيهه الاتهام لحزب الله من خلال اسم سليم عياش المتهم في قضية الرئيس الحريري. وقالت مصادر قانونية إنّ التقرير الاتهامي ركيك ويخلو من كثير من التفاصيل الضرورية لمنحه التماسك اللازم، بما يوحي أنه تقرير غبّ الطلب لضرورات التوقيت في تخديم التصعيد بوجه حزب الله ومحاولة إرباكه وإشغاله، والسعي لإرباك علاقته بكل من الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الشيوعي وآل المر، وهو ما وصفته المصادر بمشروع فتنة، لن تجد لها أرضية مناسبة بعدما كان ما صدر متوقعاً وتمّت الإحاطة الاستباقية لفرضية صدوره بمواقف تحول دون قدرة الاتهام على خلق توترات يريدها أصحابه لإرباك حزب الله.

يبدو أنّ الإجراءات الأميركية ضدّ المصارف اللبنانية متواصلة بذرائع مختلفة، فبعد إدراج «جمال تراست بنك» على لائحة العقوبات الأميركية، بدأ المطلعون على الموقف الأميركي يتحدثون عن انّ جرعة عقوبات جديدة سوف تقدم عليها وزارة الخزانة الأميركية تجاه ثلاثة مصارف من دون ان تأتي على اسماء هذه المصارف. ومع ذلك، فإنّ مصادر مصرفية تؤكد لـ»البناء» أن لا علم لديها بأيّ موقف او قرار أميركي، معتبرة انّ ما يجري يأتي في سياق التهويل على القطاع المصرفي التي تعي وزارة الخزانة الأميركية انه يلتزم القوانين الدولية ويلتزم كلّ القوانين التي أقرها مجلس النواب والمتصلة بمكافحة تبيض الاموال وتمويل الارهاب.

وعلقت جمعية المصارف في بيان، على ما تمّ تداوله من معلومات صحافية عن إجراءات أميركية تصعيدية ستطال 4 مصارف لبنانية، مؤكدة أن «هذه الأخبار غير صحيحة ولا تمت الى الحقيقة بصلة».

الى ذلك، رفع قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال فرانسين السرية عن قرار صدّق فيه قرار اتهام بحق السيد سليم جميل عياش في ما يتعلق بالاعتداءات التي استهدفت مروان حماده وجورج حاوي والياس المر في 1 تشرين الأول 2004 و21 حزيران 2005 و12 تموز 2005 على التوالي. وتُسنَد في قرار الاتهام خمس تهم إلى السيد سليم جميل عياش: مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي واستطرادًا من تهمة المؤامرة بهدف ارتكاب عمل إرهابي، تهمة جمعية الأشرار وارتكاب أعمال إرهابية وقتل غازي أبو كروم وجورج حاوي وخالد مورا عمدًا ومحاولة قتل الياس المر، ومروان حماده، وسبعة عشر شخصًا آخر عمدًا. وقد أصدر قاضي الإجراءات التمهيدية مذكرة توقيف موجهة إلى السلطات اللبنانية لتنفيذها ومذكرة توقيف دولية بحق عياش.

واعتبرت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ»البناء» أن قرار الاتهام السابق الذكر يأتي في سياق قرارات المحكمة التي كانت قد اعلنت انها سوف تصدر أحكامها بين منتصف الصيف وبداية الخريف، لافتة الى ان هذا القرار قد يكون إما تراجعاً عن الحكم في قضية الرئيس الرفيق الحريري او تمهيداً لإصدار الحكم. وجزمت المصادر ان هذه الأحكام لا تؤثر على الاطلاق على العلاقة بين الأطراف السياسية والوضع الداخلي، مشيرة الى ان هذه الوقائع المتصلة بالمحكمة والعقوبات لا تهزّ حزب الله ولا يعيرها اهتماماً خاصة أن الجميع يدرك ان اللعبة باتت في مكان آخر عملية أفيفيم ومنشآت أرامكو ، فأحكام المحكمة وما يدور في فلكها من عقوبات اشبه بوقائع قاصرة عن تحقيق الهدف المطلوب، لكنها في الوقت عينه سيوف مسلطة يستخدمها الأميركي غبّ الطلب، كرسو البارجة الأميركية في مرفأ بيروت.

وفيما يُنتظر أن تستجوب قاضية التحقيق العسكرية القاضية نجاة أبو شقرا اليوم العميل عامر الفاخوري بعد ادعاء النيابة العامة العسكرية عليه، بموجب ورقة طلب تضمّنت ملاحقته بجرم الانضواء في صفوف العدو، والحصول على جنسيته والتسبب بقتل لبنانيين. وسبق أن لوحق الفاخوري خلال التسعينيات باثنتين من المواد المدعى عليه بها وهي التعامل مع العدو ودخول مناطق نفوذه. أشارت قناة «المنار» الى ان عدد عملاء «إسرائيل» الذين تمّ شطبهم من البرقية رقم 303 يتخطى الستين عميلاً بعشرات الأرقام، وذكرت أن المقبل من الأيام سيكشف هذه الارقام.

واوضحت ان العميل عامر الياس الفاخوري حاول نكران مسؤوليته المباشرة عن معتقل الخيام واتهام ابن عمه بذلك، كما انه كان مصدوماً خلال التحقيقات مما حدث بعد ان كان مطمئناً ان الوضع سيكون على ما يرام عند وصوله الى لبنان.

وذكرت المعلومات أن التحقيق لا زال مستمراً مع العميد الذي رافق الفاخوري الى مركز الامن العام عند وصوله الى المطار .

ونفذ عدد من المواطنين اعتصاماً أمام قصر عدل بيروت احتجاجاً على السماح بدخول الفاخوري الى لبنان وللمطالبة بمحاكمته وإنزال أشد العقوبات بحقه. وتقدمت هيئة ممثلي الأسرى والمحررين من سجون الاحتلال الإسرائيلي بدعوى قضائية ضد الفاخوري، كما تقدم رئيس اللجنة القانونية في اللجنة الدولية لحقوق الإنسان المحامي معن الأسعد أيضاً بدعوى مماثلة بجرائم قتل أسرى وتعذيب جرحى وإخفاء جثامين شهداء ودخول أراضي العدو والإقامة فيها وحمل جواز بصفته إسرائيلياً وحجز حرية مواطنين وتعذيبهم.

على خط آخر، تعقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم في السراي برئاسة الرئيس سعد الحريري ستناقش جدول اعمال عادياً تتخلله تعيينات، حيث تم التفاهم على تعيين مازن سويد رئيساً لمجلس إدارة إيدال فضلاً عن أسماء أعضاء إدارتها الخمسة، كما جرى التفاهم على اسم فرحات فرحات أميناً عاماً للمجلس الأعلى للخصخصة.

وفيما تجري الحكومة خلال الجلسة قراءة «أوّلية» لمشروع موازنة 2020، اكد رئيس الحكومة سعد الحريري في حفل إطلاق موازنة المواطنة والمواطن، في معهد باسل فليحان المالي، «الالتزام بإقرار موازنة 2020 ضمن المهل الدستورية وكلفة القرارات التي يجب اتخاذها أقل بكثير من كلفة الأزمة إن حصلت». واضاف «التحديات أمامنا واضحة والحلول معروفة واتفقنا عليها في مؤتمر «سيدر» والمهم اليوم أن ننتقل الى مرحلة التنفيذ ولا نضيّع المزيد من الوقت، وحرصاء على التعامل بين القطاع الخاص والعام وعلى الحوار مع المجتمع الدولي وأكدنا هذا الموضوع في مؤتمر سيدر. والمطلوب من كافة الإدارات الاستثمار من أجل متابعة الورشة الإصلاحية للوضع الاقتصادي بهدف النهوض بلبنان».

واعتبر وزير المال علي حسن خليل ان «الموازنة أعدّت في وقت صعب واستثنائي ولكن لم تقدّم للرأي العام كما جاءت عليه رغم تميّزها». وشدّد على اننا «نشهد اليوم على إنجاز حقيقي يتجاوز الشكل للدخول في مضمون المسؤولية الملقاة على عاتقنا، وجملة القرارات الصعبة يجب أن نتحملها لأنّ تجاهل الأمر لم يعد مسموحاً». وتمنّى «إقرار الموازنة في مجلس الوزراء في موعدها الدستوري قبل منتصف تشرين الأول المقبل وهذا ما يسمح لنا بإقرارها لأول مرة منذ عقود قبل نهاية العام الحالي وقبل بداية السنة المالية في 2020 وإن تم هذا الأمر نكون قد خطونا خطوة مهمة في الإصلاح».

وبينما رجحت مصادر وزارية عقد جلسة لمجلس الوزراء يوم غد الاربعاء للبدء بمناقشة مشروع الموازنة، لفتت المصادر لـ»البناء» الى ان زيارة الرئيس الحريري الباريسية في 20 الحالي حيث سيلتقي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تأتي في سياق متابعة البحث في تنفيذ مقررات سيدر، خاصة أن الرئيس الحريري كان قد توصل الى اتفاق مع المبعوث الفرنسي بيار دوكان الذي زار لبنان منذ ايام حول ضرورة انطلاق الخطوات التي سيتخذها لبنان لملاقاة الدعم الدولي، في ما يتصل بالاصلاحات المرتبطة بتنفيذ سيدر لا سيما في قطاع الكهرباء وتخفيض العجز واصلاح القطاع العام، مشيرة ان لقاء الحريري ماكرون سيحدد اجتماع اللجنة الاستراتيجية في تشرين الثاني المقبل.

وليس بعيدا، زار وفد من مؤسسة التمويل الدولية IFC برئاسة نائب رئيس «مؤسّسة التمويل الدوليّة» لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وعضو مجموعة البنك الدولي سيرجيو بيمنتا، والمدير الإقليمي للبنك الدولي للشرق الأوسط ساروج كومار جاه كلاً من رئيس الحكومة ووزير المال وتم البحث في القيام بعدد من مشاريع البنى التحتية في الكهرباء وفي مطار بيروت.

وفي السياق، عقد في السراي اجتماع وصف بـ»المهم والإيجابي»، للجنة الوزارية الخاصة بمتابعة خطة الكهرباء، عرضت خلاله وزيرة الطاقة ندى بستاني دفاتر الشروط لمناقصتي معملي الزهراني وسلعاتا. ولفتت معلومات «البناء» الى ان اللجنة سوف تجتمع الاسبوع المقبل بعد ان يكون الوزراء اطلعوا على دفتر الشروط ووضعوا ملاحظاتهم لمناقشتها في جلسة الاثنين تمهيداً لإحالة دفتر الشروط الى مجلس الوزراء، مرجحة اطلاق دفاتر الشروط المتعلقة بمناقصات الكهرباء قبل آخر الشهر. وأعلنت بستاني أن «أهم الاستشاريين أعدوا دفاتر الشروط لبناء المعامل بالتعاون مع البنك الدولي ، وأنا آمل أن نسير سريعا بالموافقة وذلك لنكون على السكة الصحيحة».

في غضون ذلك، عقد اجتماع في وزارة الدفاع ضم الى وزير الدفاع الياس بوصعب، وزيرة الداخلية وقادة الاجهزة استكمالاً لاجتماع السراي لمناقشة التدبير رقم 3. حيث فرَّق المجتمعون بين تعويض بدل الانتقال اليومي والضمائم الحربية، وتمّ التوافق على إبقاء تعويض بدل الانتقال اليومي كما هو معمول فيه حالياً وفقاً لتدبير الاستنفار رقم 3.

أمَّا في ما خصَّ الضمائم الحربية، فتم التوصل إلى صيغة تقضي بتوزيع استفادة العناصر من هذه الضمائم بين تدبير الاستنفار رقم 3 وتدبير الاستنفار رقم 2 وفقاً لمقتضيات الخدمة. وتدبير الاستنفار رقم صفر أي لا تدبير لذوي الأوضاع الاستثنائية نقاهة، سجن، مأذون داخل وخارج البلاد….. .

الى ذلك، وعشية توجّهه الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العام للامم المتحدة، اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لطلب لبنان إنشاء «اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار» مركزها في بيروت، هو حدث تاريخي وإنجاز يسجّل لوطن التعددية والعيش المشترك بهدف إرساء ثقافة السلام والتفاهم بين الشعوب المختلفة. وأكد رئيس الجمهورية ان ما يجمع الشعب اللبناني بمختلف طوائفه ومذاهبه هو الانتماء الى وطن واحد على رغم وجود اختلافات في الرأي السياسي، الا ان هذه التعددية في الآراء دليل ديمقراطية. واكد رئيس الجمهورية ضرورة العودة لحمل شعار القضية الاساسية والجوهرية وهي قضية فلسطين، داعياً الى «التنبه للمخطط الاسرائيلي الذي يهدف الى فرض الحلول على الدول العربية عبر «صفقة القرن» لا سيما أن اسرائيل ترى ان الظروف مؤاتية لتحقيق مبتغاها في ظل التشرذم القائم بين الدول العربية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى