تجدّد محدود للحرائق وعمليات الإطفاء تتواصل وهيئة الإغاثة تحصي الأضرار ومطالبات نيابية وحزبية وسياسية بلجان تحقيق ومحاسبة المقصّرين

تجدّدت الحرائق بشكل محدود في بعض المناطق أمس، في وقت أعلنت هيئة إدارة الكوارث إبقاء اجتماعاتها مفتوحة.

وفي السيّاق، أعلن المدير العام للدفاع المدني ريمون خطار أنّ الحرائق تجددت بشكل محدود في بلدات كفرمتى، وبعورته قضاء عاليه ، نطاق النهرين ودقون الشوف وقرنة الحمرا والزيرة والمطيلب المتن وبعورتا ومزرعة الضهر الشوف ، مؤكداً أن فرق الدفاع المدني تعمل على إخمادها بالتنسيق مع قيادة الجيش.

كما تجدّد الحريق، في مزرعة الضهر وتوسّع ليطال منطقة كبيرة وتمدّد بسرعة بسبب الهواء القوي ليطال بعض القرى المجاورة.

وشبّ حريق كبير، في منطقة المرج -حمّانا، حيث أتى على مساحات من الاعشاب اليابسة والأشجار الحرجية.

وعمل مركز حمّانا والدفاع المدني وأعضاء المجلس البلدي وبحضور رئيسه فادي صليبي على إخماده قبل أن تتوسع رقعة النيران. كذلك ساهم أهالي البلدة بما توفّر من وسائل لإخماد الحريق.

كذلك، اندلع حريق فجراً في محلة وادي التنّور في جبال الأربعين في أعالي الضنية، وقضى على مساحة من الأشجار الحرجية. وعمل عناصر الدفاع المدني والأهالي على إخماده والسيطرة عليه.

وجنوباً، أخمد عناصر من الدفاع المدني حريقاً شبّ في مساحة شاسعة من الأعشاب اليابسة وقندول وأشجار من الزيتون ومثمرة في حولا – مرجعيون.

وفي السياق نفسه، شبّ حريق كبير في بلدة ضهر ليسينة العكارية، وتحديداً في منطقة السهلات وأتى على مساحة كبيرة من أشجار السنديان والزيتون وأعشاب يابسة. وعملت خمس سيارات إطفاء من مركز حلبا الإقليمي في الدفاع المدني ومركزي بزبينا وعكار العتيقة على إخماد النيران وتطويقها وعدم توسعها. وشارك مواطنون وفرقة من اللواء الثاني في الجيش اللبناني في عملية الإطفاء.

والتهم حريق في خراج بلدة النورة، مساحة من الأعشاب اليابسة وامتدّ بفعل الرياح ليطال الأشجار، وعمل عناصر الدفاع المدني بمساعدة الأهالي على إخماده قبل امتداده إلى الأراضي المجاورة.

وأتى حريق في بلدة البقيعة العكارية على مساحة من الأرض العشبية اليابسة وأشجار مثمرة متنوّعة، قبل أن يتمكّن عناصر الدفاع المدني من السيطرة عليه.

والتهمت ألسنة اللهب أشجاراً في بلدة القرقف العكارية وأعشاباً يابسة، سرعان ما أخمدها الدفاع المدني. وسيطر عناصر الإطفاء على حريق في بلدة دير دلوم أتى على مساحة من الأرض العشبية اليابسة. واندلع حريق في خراج القموعة التهم مساحة من الأرض العشبية اليابسة وامتد بفعل الرياح إلى أشجار الشوح، وتمكّن عناصر الدفاع المدني بمساعدة الأهالي من تطويقه والسيطرة عليه.

وفي وادي خالد أيضاً، شبّ حريق في منطقة خط البترول – وادي خالد بمحاذاة الحدود اللبنانية السورية تمدّد بسرعة، وقد وصلت النيران إلى كروم العنب وبعض البساتين المثمرة.

وأعلنت غرفة العمليات المركزية برئاسة الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمود الأسمر، أنه منذ ساعات الصباح الأولى أمس، تابعت غرف العمليات الوطنية مع عمليات الإطفاء العمل الجاري، حيث اندلعت فجراً حرائق عدة متوسطة وصغيرة الحجم في مناطق دقون ودميت ومزرعة الضهر وبعورتا وما بين النهرين وسرجبال جرى العمل على إخماد معظمها من قبل الدفاع المدني ومؤازرة طوافات الجيش اللبناني والطوافات الإردنيّة والطائرات القبرصية. كما لا تزال عمليات المتابعة مستمرة حتى إطفاء الحرائق كافة.

بدورها، اعلنت قيادة الجيش مديرية التوجيه في بيان، أنه إلحاقاً ببيانها السابق المتعلق بالحرائق الكبيرة التي اندلعت أول من أمس في عدد من المناطق اللبنانية، لا تزال وحدات الجيش والقوات الجوية بالإضافة إلى الطوافات الآتية من المملكة الأردنية الهاشمية ودولة قبرص، تقوم بأعمال إخماد الحرائق ومنع تجدّدها في مناطق: مزرعة يشوع، ملتقى النهرين، داريا وبعورتا.

من جهته، أكد الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، أنه يتم إحصاء الأضرار التي نتجت عن الحرائق بالتعاون مع الجيش والبلديات، ثم تحال إلى مجلس الوزراء، كاشفاً أن «الجالية اللبنانية وبالتنسيق مع السفارة في غانا، أكدوا استعدادهم لتشجير الغابات والأحراج المتضررة».

متابعة رئيس الجمهورية

وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تابع التطورات المتعلقة بالحرائق التي اجتاحت عدداً من المناطق اللبنانية، وتلقى تقارير عن أوضاع القرى والبلدات التي استهدفتها، والإجراءات التي اتخذت لمساعدة العائلات التي اضطر أفرادها إلى ترك منازلهم بعد محاصرتها بالنار. كما اطلع على معلومات أولية عن الأضرار التي خلفتها النيران وتفاصيل عمليات مكافحة النار وتبريد الأراضي في المناطق المحترقة.

وتابع عون التجاوب الذي لقيه لبنان من عدد من الدول التي سارعت إلى مساعدة الأجهزة والقوى اللبنانية في إخماد الحرائق، ولا سيما من قبرص والأردن واليونان، منوّهاً بالدعم الذي تحقق في هذا المجال.

وفي هذا الإطار، استقبل عون أمس، النائب الدكتور ماريو عون مع وفد من بلدة الدامور أطلعه على الأضرار التي لحقت بالبلدة وبجوارها نتيجة الحرائق التي اندلعت خلال اليومين الماضيين. وشرح الوفد لرئيس الجمهورية الصعوبات التي واجهت رجال الدفاع المدني والإطفاء في مكافحة النار، واضطرار عدد من سكان البلدة إلى مغادرة منازلهم تحسباً، لكنهم عادوا أمس. وطالب الوفد بالتعويض على المتضررين في الدامور وكل بلدات قضاء الشوف التي استهدفتها النيران.

وأكد عون أن التوجيهات أعطيت للهيئة العليا للإغاثة بإجراء مسح دقيق للأضرار التي حلّت بالدامور وغيرها من البلدات ليُصار إلى تعويض الأهالي وأصحاب المنشآت التي احترقت كلياً أو جزئياً. وأشار إلى أن حملة تشجير واسعة ستشهدها المنطقة فور الانتهاء من معالجة الحرائق وذيولها حتى يعود الشوف أخضر كما كان.

وتطرّق البحث إلى حاجات المنطقة وإلى عزم الدامور على استضافة «أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار» على أرض قدمتها البلدية لهذه الغاية.

دعوات للمحاسبة

وفي هذه الأثناء، شدّد العديد من النوّاب بعد اجتماعات عدد من اللجان النيابية المعنية، تعليقاً على موجة الحرائق، على ضرورة حصول تغيير جوهري لإدارة الدولة وتطبيق قانون تثبيت عناصر الدفاع المدني وتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للإجابة عن الأسئلة الكثيرة حول طائرات «السيكورسكي» التي تبيّن أنها معطّلة.

وفي السياق، قال عضو تكتل « لبنان القوي» النائب فريد البستاني بعد اجتماع لجنة البيئة أن اللجنة «بحثت بالكثير من الخطط ولكن الشعب ينتظر ما الذي سننفذه على الأرض ونحن سنعمل على التشجير وتوزيع البذور في المناطق المنكوبة وسنركز على الأراضي الزراعية المتضرّرة».

وأعلن أنه سيتبرع براتبه لمدة 3 أشهر لمؤسسة فريد البستاني لشراء معدات للدفاع المدني.

وتابع «من المؤسف أن موازنة الدفاع المدني للعام 2019، خُفضت بنسبة 20 في المئة»، متسائلاً «كيف يمكن أن نطلب منهم زيادة الجهود إذا لا نعطيهم الأموال من أجل شراء المعدّات»، مشيراً إلى أن «الشوف بات منطقة منكوبة وسأقدم مشروع قانون لخلق منطقة اقتصادية خصوصاً في الشوف لتكنولوجيا المعلومات».

وتقدّم بالتعازي لعائلة الراحل سليم أبو مجاهد معلناً أنه سيتقدم بمنح دراسية لطفليه.

واستضاف المجلس الاقتصادي والاجتماعي بمبادرة من رئيس المجلس شارل عربيد، لقاءً تضامنياً برعاية وزير الصناعة وائل ابو فاعور، لتحديد آلية مساهمة المجلس والصناعيين والتجار في لبنان في مساعدة الناس الذين تضرروا من الحرائق وفي رفع الضرر البيئي الكبير الذي لحق بالأحراج والغابات في عدد كبير من المناطق.

وفي المواقف، قال النائب فؤاد مخزومي عبر حسابه على «تويتر» «كلام وزيرة الداخلية عن أن الحرائق التي اجتاحت لبنان، أغلبها مفتعل، هو كلام خطير ويفتح الباب أمام التوسّع بالتحقيقات لتحديد المسؤولين ومَن يقف وراءهم. هذه المهمة يجب أن تترافق مع التعويض على المواطنين من قبل هيئة الإغاثة التي لم نسمع منها خبراً منذ اندلاع الحرائق».

ورأت حركة «الشعب» في بيان، أن «الحرائق التي غطت لبنان، تسببت بكارثة وطنية تضاف إلى الكم الكبير من الكوارث التي ينوء لبنان وشعبه تحت وطأتها. وإن تزامن وقوع هذه الحرائق التي تعدّى عددها المئة، والتي غطت لبنان من جنوبه إلى شماله يبعث على الشك في أن أيادي مجرمة افتعلتها، وهذا يستدعي تحركاً سريعاً وجدياً من قبل الجهات القضائية والأجهزة الأمنية المختصة لكشف الحقيقة وملاحقة المجرمين، إذا كانت الحرائق مفتعلة، وإنزال أشد العقوبات بهم».

وأشارت الى أنه في حال «كان افتعال هذه الحرائق يقع في دائرة الشك، فإن التقصير المتمادي من قبل المسؤولين في هذه الدولة فاقم من حجم الكارثة. وكما في أي حادث يقع تظهر بشكل جلي حقيقة هذه الدولة، حقيقة انهيارها، ومستوى اللامسؤولية لدى المسؤولين كافة. وهذا أيضاً يستدعي إجراء تحقيق لمعرفة المسؤولين عن هذا التقصير ومحاسبتهم».

واعتبر أمين عام «جبهة البناء اللبناني» ورئيس «هيئة بيروت الوطن» الدكتور المهندس زهير الخطيب في تصريح، أن «الخطر بزوال المساحات الحرجية في لبنان أصبح واقعاً مؤسفاً لفشل الحكومات المتلاحقة وخاصة وزارة الزراعة في تبني استراتيجية وطنية واستباقية لحماية وتنمية الغابات مما يهدّدها من حرائق وآفات وتعديات».

واستهجن الخطيب «المزايدات الطائفية التي تمنع بخلاف القانون توظيف وجبة من حراس الأحراج وكذلك التصريحات السخيفة من سياسيين تطيّف وتمذهب الحرائق الأخيرة بدلاً من السعي لتطبيق أبسط إجراءات حماية الغابات».

وطالب الدولة «بطائرات للرش الزراعي لمكافحة الآفات الزراعية وآفات الغابات وباستخدامها لإطفاء الحرائق بدلاً من اللجوء للطيران المروحي العسكري غير المؤهل لاستخدامات كهذه برغم جهود الجيش لتكييفها مع ضرورات الحاجة».

ودعا وزارة الزراعة «لوضع وتطبيق برنامج وطني دائم لحماية وتنمية الغابات بزيادة مساحات المحميات وتنظيف موسمي للغابات وشق الطرقات لتسهيل وصول آليات الإطفاء حيث تصعب التضاريس».

من جهته أعرب الخبير المالي والاقتصادي أحمد بهجت عن أسفه لمشهد الحرائق التي لفت لبنان، محمّلاً المسؤولية للحكومة والحكومات السابقة حول تقصيرها وعدم جهوزيتها لأيّ طارئ، داعياً الحكومة إلى فتح تحقيق حول أسباب الحرائق وعقد جلسة طوارئ بيئية.

وناشد الرئيس عون الإسراع بتوقيع مرسوم تثبيت حراس الأحراج.

وأعلن عن تقديم 100 ألف شتلة سوف يتمّ غرسها في موعد يُحدّد لاحقاً بعد حصر الأضرار والانتهاء من عمليات الإطفاء.

وقال الرئيس العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم عبّاس فواز، في بيان «آلمتنا مشاهد الحرائق التي لم توفّر لا

شجراً ولا حجراً وكادت تودي بحياة البشر أيضاً في وطننا الغالي الذي لطالما كنا نتغنى كمغتربين بأنه لبنان الأخضر. إننا كجسم اغترابي نحيي جهود الجيش والدفاع المدني وكل المواطنين الأبطال ونقدم تعازينا العميقة إلى عائلة المواطن سليم أبو مجاهد الذي ارتقى وهو يؤدي الواجب الوطني والإنساني».

وأعلن «اننا لن نقف متفرجين بل نضع في تصرف الدولة والشعب والمواطنين إمكاناتنا عبر توفير الآلاف من كل أنواع الأشجار والشتول التي تعيد ترميم سواد الأرض المحروقة باللون الأخضر مجدداً».

وختم: «حمى الله لبنان واللبنانيين أينما وجدوا».

وأعلنت السفارة الفرنسية في بيان، «تضامنها مع لبنان، في أعقاب حرائق الغابات العنيفة التي اجتاحت عدداً من مناطقه».

وأشارت إلى أن «فرنسا، التي لديها برنامج كثيف للتعاون مع الحماية المدنية، ضمت جهودها إلى الجهود اللبنانية لوقف هذه الحرائق»، لافتةً إلى أن «العقيد غايل ميفيرت شارك في خلية الأزمة الوطنية التي قام بتفعيلها رئيس الوزراء سعد الحريري في السراي الكبير، بالتنسيق مع وزيرة الداخلية ريا الحسن. وساعد بشكل خاص في تقديم طلب مساعدة رسمي للحصول على قاذفات المياه، لدى الآلية الأوروبية للحماية المدنية. ونحن لا نزال مستعدين للاستجابة لاحتياجات السلطات اللبنانية».

تشييع أبو مجاهد

إلى ذلك، ودعت بلدة بتاتر ابنها سليم أبو مجاهد الذي سقط ضحية الحرائق اول من أمس، في جنازة مهيبة حاشدة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى