النحات الحافي… يعبّر عن المنحوتة كقصيدة غير مكتوبة بأدواته على جذوع الأشجار

بلال أحمد

عند زيارتك للفنان النحات فائز الحافي تجده على شرفة منزله مع جذع شجرة يابس ينفخ فيه الحياة بإزميله ومطرقته وإلى جانبه حافظة مليئة بأدوات الحفر والجلخ ليتحوّل بلمساته الفنية إلى عمل نحتي تتجلّى فيه كل معاني الفن والإبداع.

الفنان الحافي الذي يحفل بمنحوتات تحكي التاريخ الأسطورة والفنّ والجمال، أوضح أنه ولد من رحم الفنّ ومارسه بالمشاهدة والفطرة ولم يتعلّمه أكاديمياً، ولكنه اشتغل بنفسه على تطوير تجربته وأدواته الفنية على المستويين الفكري والحرفي ليضع فيهما لمساته الفنية وحسّه الإبداعي، مشيراً إلى تعلّمه الرسم وأصوله بسبب العلاقة الوثيقة بين الرسم والنحت.

وبيّن الحافي دور مسقط رأسه قرية سيانو في ريف جبلة التي كانت تُعرف زمن الفينيقيين بمملكة سيانو حيث يعتبر نفسه حفيداً لتلك المنطقة ولأولئك القوم الذين نشروا الحضارة والفكر والفنّ في العالم قبل آلاف السنين وما تزال آثارهم باقية، لافتاً إلى ضرورة إحياء هذا التراث الفكري والمادي وتوثيقه وفاء لهؤلاء الأجداد.

وأشار الحافي إلى علاقة المرأة كرمز بفنّ النحت، فهي منذ القدم ترمز إلى العطاء والخصوبة والجمال وهي تشبه الأرض فتجلّت برموز في المنحوتات أو الرقيمات وما تزال ترخي ظلالها الحسيّة والنفسية على الفنّ ونجسّد واقعنا عبر إسقاطاتها عليه.

وأوضح الحافي أنّه في عمله النحتي يواجه كتلة صماء يسبر مساحتها لتناسب الفكرة التي يخطّط لاشتغالها ثم يقوم بتقنية الشجرة الكتلة اليابسة من التلف وينزع اللحاء ويُفرغها ليعمل ضمن الجذع الفارغ في رسم بياني وضعه مسبقاً ومن الممكن استغلال بعض التفاصيل في الجذع اليابس كما يمكن أن يقوم بإلغاء بعض التفاصيل التي تضمّنتها الرسوم البيانية أو تصغيرها مع ترك دلالة عليها لأن العمل قيمة فكرية إضافة إلى قيمته الجمالية.

النحات الحافي الذي يجيد الشعر فصيحه ومحكيّه يرى أن المنحوتة قصيدة غير مكتوبة يعبر عنها بأدواته على جذوع الأشجار، كما يقوم بالرسم حين يخونه القلم والإزميل ولا تختلف اللوحة عنده عن المنحوتة عن الشعر طالما يحملها هاجسه الأول والأخير وهو سورية الفينيق الذي ينتفض من رماده.

وتحدّث الحافي عن منحوتته الأسطورة التي شارك بها في معرض «سورية تنبض بالحياة» بثقافي جبلة مؤخراً، وتمثل عصوراً عدة من تاريخ سورية القديم وتقرأ من وجوه عدة وتحكي الكثير من القصص والرموز والمراحل التي عاشتها سورية الفينيقية كما شارك الحافي بمعارض عدة في مختلف المحافظات السورية وأعماله مقتناة في سورية ولبنان وبلجيكا.

وتوجّه الفنان والنحات الحافي في الختام إلى الجهات المعنية بالثقافة بتقديم المزيد من الاهتمام بالفنانين والنحاتين في المحافظات وتفعيل الحركة الفنية أكثر وتقديم التسهيلات لهم في نقل أعمالهم وتسهيل عملية انتسابهم إلى اتحاد الفنانين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى