فيلتمان: لن نترك لبنان لروسيا والصين شينكر: لا يهمّ رئيس الحكومة والوزراء

كتب المحرّر السياسيّ

تلاحقت التطورات السياسية والقضائية بصورة دراماتيكية بعد الإصابة التي تلقاها مجلس النواب أول أمس، بما أثار غضب رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وتلميحه إلى الضارة النافعة ، وكانت في الخلفية الإقليمية والدولية تطورات متسارعة تمثلت بتأكيد التقارير الواردة من إيران إلى عواصم الغرب لنجاح السلطات الإيرانية بالسيطرة على الاضطرابات التي وصفها الإمام علي الخامنئي بالأحداث الأمنية، رافضاً منحها صفة الاحتجاجات الشعبية على خلفية رفع أسعار البنزين، من دولارين للصفيحة الواحدة إلى ثلاثة دولارات. وتلاقت هذه التقارير مع مواقف أميركية وأوروبية في مقاربة الوضع في لبنان، حملت مواقف جديدة لافتة، كان أبرزها كلام الدبلوماسي الأميركي الخبير في الشؤون اللبنانية أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، الذي جاءت فيه الدعوة لخطة طويلة المدى، لا يمكن لها بلوغ هدف طموح كنزع سلاح حزب الله، بل تأمل بإضعاف حلفاء حزب الله في الانتخابات النيابية المقبلة، واضعاً تحذيراً بالخط العريض من خطورة وقوع لبنان في أحضان روسيا والصين. وفي هذا السياق دعا فيلتمان للإفراج الفوري عن المساعدات المخصصة للجيش اللبناني، ولدعوة الدول الخليجية والمشاركين في مؤتمر سيدر للقيام بمساهمات مالية تمنع الانهيار المالي والفوضى، لافتاً إلى أن مجموع ديون لبنان الخارجية 35 مليار دولار لا تعادل الإنفاق السعودي على سنة واحدة من سنوات الحرب في اليمن 45 مليار دولار ، مضيفاً شروطاً يجب أن تتمسك بها واشنطن، لا يجب أن يكون بينها اسم رئيس الحكومة ولا مَن يشارك فيها المقصود عدم اشتراط رئاسة الحريري وإبعاد حزب الله ، بل إقرار الإصلاحات التي طلبها مؤتمر سيدر، ونصائح بقبول ترسيم الحدود البحرية بما يحقق المصالح الإسرائيلية، تحت شعار تسهيل البدء باستثمار قطاع النفط والغاز.

في باريس كان اجتماع ثلاثي أميركي فرنسي بريطاني حضره مدير الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية السفير كريستوف فارنو، وضمّ الاجتماع إضافة إلى فارنو، المبعوث الفرنسي لمؤتمر سيدر السفير بيير دوكين والمسؤول عن الشرق الأوسط في قصر الرئاسة باتريك دوريل، ومساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأوسط دافيد شينكر ومديرة الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية ستيفاني القاق، خصص للوضع في لبنان، وبعد الاجتماع تحدث ديفيد شنكر لصحافيين أوروبيين وعرب بصفة مصدر دبلوماسي أميركي، مكرراً بعضاً من كلام فيلتمان، سواء لجهة عدم التركيز على شخص رئيس الحكومة ومن يشارك فيها، أو لجهة التمسك بشروط سيدر حصراً لتمويل لبنان، وخصوصاً التشجيع على قبول لبنان ورقة ديفيد ساترفيلد لترسيم الحدود البحرية والمعلوم أنها وضعت بما يحقق مصلحة إسرائيل .

في ظل هذا المناخ تحركت الاتصالات الداخلية بين أطراف رباعي الحكم وحمل جديدها، تبدلاً في موقف رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري لجهة قبول العودة للبحث في مشاركته بالتعاون مع التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله، للبحث بين صيغتي حكومة يترأسها الحريري نفسه أو يتم التوافق معه على رئاستها، ومن دون الشروط السابقة التي تستبعد السياسيين عن الحكومة. وقالت مصادر متابعة إن الأجواء إيجابية، لكنها أضافت أن الوقت الممنوح للوصول إلى اتفاق هو عطلة نهاية الأسبوع، لأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حدد مطلع الأسبوع المقبل كسقف للدعوة للاستشارات النيابية، وفي حال نضوج النتائج سلباً أو إيجاباً قبل ذلك لا مانع من الدعوة لاستشارات في عطلة نهاية الأسبوع.

على المستوى القضائي كان الحدث بما صدر عن المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، من اتهامات وجّهها لوزراء الاتصالات السابقين نقولا الصحناوي وبطرس حرب وجمال الجراح، ومدراء مؤسسة أوجيرو وشركتي الخلوي، وكان ردّ الجراح فورياً برفض الاتهام واعتبار عمل القاضي إبراهيم مخالفاً للقانون، لأن اتهام الوزراء محصور بمجلس النواب، والإحالة لمجلس محاكمة الرؤساء والوزراء، بما أعاد التذكير بأسباب إسقاط جلسة أول أمس التشريعية وتجيير إسقاطها للحراك الشعبي الذي ارتضى توظيفه لإبقاء الحرم على ملاحقة القضاء العدلي للوزراء بمنع إقرار قانون يبيح هذه الملاحقة.

نشطت الاتصالات السياسية أمس، في محاولة جديدة لإحداث خرق في الملف الحكومي ويجري التداول بثلاثة أسماء لتأليف الحكومة الجديدة، فيما لا يزال الرئيس سعد الحريري على موقفه بتأليف حكومة اختصاصيين لمعالجة الأزمة. وهذا ما أبلغه الى كتلته النيابية في اجتماعهم أمس، وأشارت مصادر كتلة المستقبل الى أن الرئيس الحريري أبلغ المجتمعين بأن الحكومة الحالية هي حكومة تكنو – سياسية كما معظم الحكومات السابقة، وقد فشلت في معالجة الأزمات المتراكمة، وبالتالي لا بدّ من تجربة جديدة بدم جديد . كما أبلغ نواب الكتلة أن الاتصالات تجدّدت بينه وبين المعنيين، لا سيما حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، على أمل التوصل الى اتفاق معين يُنهي الأزمة الحكومية، ويعالج مطالب الشارع .

وتلاقت الأجواء الإيجابية في بيت الوسط مع ما أوردته قناة أو تي في بأن هناك مساعي للاتفاق على أسماء للتكليف تظهر خلال اليومين المقبلين.

ويوجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء اليوم عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة رسالة الى اللبنانيين يتناول فيها الأوضاع الراهنة والتطورات الأخيرة، وذلك لمناسبة الذكرى السادسة والسبعين للاستقلال. لكن مصادر البناء استبعدت أن يدعو عون الى الاستشارات خلال رسالته اليوم، مشيرة الى أن الأمور تحتاج الى أيام عدة لإنضاج الحل ، لكن مصادر سياسية حذرت من التدخلات والمحاولات الأميركية للتأثير على عملية التكليف والتأليف عبر الضغط على الرئيس الحريري وأحزاب 14 آذار والتحكّم ببعض مجموعات الشارع، وذلك للتأثير في عمل الحكومة وبرنامجها لا سيما بمسألة سلاح المقاومة وملف ترسيم الحدود البحرية .

الى ذلك بقيت تداعيات ما حصل في محيط مجلس النواب خلال جلسة الثلاثاء في واجهة المشهد السياسي، فقد اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقاء الاربعاء النيابي أن الخاسر الأكبر كانت الفتنة ومن كان يؤججها، والرابح الأكبر كان لبنان وسلمه الأهلي، لأن الرهان كان على تعميم الفراغ الذي حذرنا منه تكراراً ومراراً».

وأضاف: «أهم ما فيه انه لم تسقط نقطة دم واحدة، لأن المطلوب كان في الغرف السوداء التخطيط لإراقة الدماء وهو ما لا نقبله. فالأولوية بالنسبة إلينا كانت ستبقى لبنان وسلمه الأهلي».

وشدّد بري على تفعيل عمل المطبخ التشريعي من خلال لجانه النيابية، وخاصة لجنة المال والموازنة من أجل مناقشة وإقرار موازنة 2020. اضاف: «أننا أمام واجبنا الوطني الذي لن يسمح بخراب البلد، ومجلس النواب هو بمثابة الأم التي تحافظ على أبنائها جميعاً».

وتساءلت أوساط نيابية لم تستطع الوصول الى مجلس النواب: «ما هو دور الاجهزة الامنية إذا لم تستطع تأمين وصول نواب الأمة الى المجلس؟ وقال لـ»البناء»: «هل بات بعض الأجهزة يتلقى تعليماته من سياسيين؟».

على صعيد آخر، سجلت خطوة قضائية نوعية، تمثلت بادّعاء النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم على وزراء الاتصالات السابقين نقولا صحناوي، بطرس حرب وجمال الجراح، وأحالهم على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. كما ادعى على مديري شركتي «ألفا» و»تاتش» ومدير عام هيئة «أوجيرو»، بجرم هدر واختلاس أموال عامة وإثراء غير مشروع.

وأفادت المعلومات أن ادعاء القاضي إبراهيم في ملف الاتصالات على الوزيرين نقولا صحناوي وبطرس حرب جاء بتهمة هدر المال العام وعلى الوزير جمال الجراح بتهمة الهدر واختلاس المال العام».

وبحسب ما علمت البناء فإن إحدى الشركات ربحت مناقصة في بعض المشاريع في وزارة الاتصالات، علماً أنها ممنوعة من الحصول على مناقصات بسبب حكم صادر بحقها في الولايات المتحدة الأميركية بغرامة 10 ملايين دولار بتهمة سوء الأمانة وتخلف عن التنفيذ . وبحسب المصادر فإن صاحب هذه الشركة قام بوضع دفتر الشروط وفتح المظاريف بنفسه ما يخالف قانون المناقصات العمومية .

وردّ الجراح على خبر الاستدعاء بالقول لـ»الوكالة الوطنية للاعلام»، بأن «المدعي العام المالي ليس له حق الادعاء، بل يحيل الملف على مجلس النواب للنظر في أمر الادعاء، علماً أن ذلك يستوجب موافقة ثلثي أعضاء المجلس». واستغرب «تسريب مثل هذا الخبر الى الإعلام، باعتبار أن المسألة قضائية بحتة ولا يمكن تداولها قبل أن تبلغ خواتيمها وفق الأصول».

في المقابل قال النائب جهاد الصمد لـ البناء إن ما قام به القضاء خطوة أولى على طريق كشف الحقائق ومحاكمة المتورطين في الفساد لكني سأتابع الجرائم الواردة في الادعاءات ومسار التحقيقات مع القضاء لا سيما وأن الملف مفتوح منذ 6 شهور ولم يتحرك القضاء .

وعن قول الجراح أن القاضي ابراهيم يخالف الأصول القانونية بالاستدعاء، ردّ الصمد بالقول: كاد المريب أن يقول خذوني ، ولفت الى أن التلطي خلف الاعتبار الطائفي والمذهبي لم يعد يجدي نفعاً مع الجراح وشقير بعدما استدعى إبراهيم كل وزراء الاتصالات السابقين ما يضع الجميع تحت القانون . ولفت الصمد الى أنه بحسب الأصول القانونية فإن محاكمة الوزراء والرؤساء تكون في محكمة خاصة لها شروطها، لكن السؤال: هل هذا يعني أنه لا يمكن أن يخضع الوزراء والرؤساء للتحقيق وتكوين ملف قضائي لهم يُحال على أساسه الى المحكمة الخاصة؟ . أضاف: بالطبع يستطيع القضاء ذلك وإلا من تكون الجهة المخوّلة التحقيق مع الوزير أو الرئيس وإحالة الملف الى المحكمة الخاصة؟ .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى