المقاومة في مواجهة العدوان… أقلّ من حرب وأكبر من ردّ

عامر التل

أثار العدوان الصهيوني على القنيطرة، واستشهاد عدد من المقاومين، العديد من التحليلات والتساؤلات حول مغزى العدوان وتوقيته، وهل سيقوم حزب الله ومحور المقاومة بالردّ؟ وأين ومتى وكيف؟

إنه مما يُخجل ويصيب النفس بالغثيان ما قاله بعض الكتاب والسياسيين المحسوبين على المحور المعادي للمقاومة، ممّن يتخذون موقفاً عدائياً من الدولة الوطنية السورية، لقد قالوا إنّ العدوان لم يسمّوه عدواناً قامت به «جبهة النصرة»، واعتبروه «إنجازاً جديداً» لها، وهم بذلك يتواطأون مع العدو الصهيوني ويبرّرون له عدوانه، ويثبتون مرة جديدة أنهم هم من يعيش عقلية المؤامرة وكأنهم لم يسمعوا أو يشاهدوا إعلام العدو وحالة الذعر التي يعيشها الكيان الصهيوني بعد هذا العدوان.

نعود إلى العدوان، ولا يهمّنا ما يقوله هؤلاء المبتورون والمنسلخون عن الواقع والمرتمون في حضن الأعداء، لنقول إنه جاء بعد حديث السيد حسن نصرالله إلى قناة «الميادين»، وتأكيده أنّ المقاومة ستقوم بالردّ على الصهاينة بتحرير الجليل وما بعد الجليل، وانها تمتلك من الأسلحة ما يخطر وما لا يخطر في البال.

بعد هذا الكلام شعرت «إسرائيل» بالإهانة وبأنّ مقولة «الجيش الذي لا يُقهر» انتهت تماماً، وانّ المقاومة تتحداها علناً. و»إسرائيل» تدرك جيداً انّ كلام السيد حقيقة وليس من باب التهويل او كمن يتحدث بما لا يملك.

الرسالة الثانية التي أراد العدو إيصالها هي للغرب، وتحديداً الولايات المتحدة الاميركية، التي تخوض المفاوضات مع إيران حول الملف النووي، بالإضافة إلى تصريحات المسؤولين الاميركيين والرئيس الأميركي الذي أعلن أنه سيستخدم الفيتو ضدّ أيّ قرار للكونغرس بفرض عقوبات جديدة ضدّ إيران، والعدو يعرف انّ التقدم بمفاوضات الملف النووي يعني تهميش دور «إسرائيل» في المنطقة، ولهذا أرادت إيصال رسالة بأنها قادرة على خلط الأوراق متى شاءت، إضافة الى أنها تعرف أنّ هناك نشاطاً وجهوداً تبذل من أجل التحضير لإنشاء مقاومة شعبية سورية في الجولان لتحريره، ومنع إقامة شريط حدودي عازل لإقامة دويلة على الحدود السورية مع فلسطين المحتلة شبيهة بدويلة سعد حداد وانطوان لحد في جنوب لبنان. فكانت الرسالة الصهيونية أنّ ما يجري من إعداد لتشكيل مقاومة في الجولان خط أحمر.

كما تعلم «إسرائيل» انّ الدول الداعمة للإرهاب في سورية قد وصلت الى حائط مسدود في ما يتعلق بمخططاتها في المنطقة، وان تداعيات هذا الإرهاب قد وصلت إلى داخل تلك الدول، فها هي فرنسا تستنفر أكثر من 80 ألف جندي، وبلجيكا وألمانيا وبريطانيا وكلّ أوروبا في حالة استنفار أمني. وبالتالي فإنّ الفشل في تنفيذ المخطط في سورية والمنطقة والارتدادات على دول العالم يحتم عليها ان تشرع في إيجاد حلّ سياسي للحرب الكونية التي تخوضها في سورية، وما المواقف الدولية الجديدة حول ضرورة إيجاد حلّ سياسي، وإقرارها بضرورة ان يكون الرئيس بشار الاسد جزءاً وأساساً في أيّ حلّ إلا نتيجة لهذا الفشل ولتلك الارتدادات.

وكما أسلفنا، فإنّ التحليلات لم تقف عند أسباب العدوان وتوقيته، بل تعدّت ذلك إلى التساؤل عن ماهية الردّ؟ وهنا تفاوتت الآراء، فالردّ مشكلة وعدم الردّ مشكلة، وفي حال الردّ فإنّ هذا يعني فتح أبواب جهنم في المنطقة من خلال حرب شاملة، وعدم الردّ يعني انّ مصداقية المقاومة مُسّت. ويبدو انّ هناك حراكاً دولياً جرى ويجري من أجل تهدئة الوضع، ويمكن ان يكون الردّ أقلّ من حرب وأكثر من ردّ، بمعنى ان يكون موجعاً، على أن لا يتحوّل الى كرة نار تتدحرج لتحرق المنطقة كلها، خاصة أننا امام تسويات دولية بخصوص الملفات المشتعلة في المنطقة، ولا احد يريد ان تكبر كرة النار وتتسع لتشمل دولاً أخرى.

رئيس تحرير شبكة الوحدة الإخبارية في الأردن

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى