المخيّمات الفلسطينية: نار تحت رماد الفتنة مجدّداً

حسين حمّود

قتيلان و11 جريحاً ودمار هائل، كانوا حصيلة المواجهات المسلحة التي شهدها مخيم عين الحلوة أول من أمس، بين مسلحين من حركة فتح وبين مجموعة تابعة لتنظيم «الشباب المسلم»، ما أعاد المخيمات الفلسطينية إلى واجهة الاهتمامات مجدّداً.

القيادات الفلسطينية تعاطت مع الحادث، على أنه إشكال فردي، علماً أنّ صور ساحة المعركة أظهرت انّ ما حصل بمثابة حرب حقيقية بسبب ما خلفته من الدمار الهائل الذي طال البيوت والمحال والسيارات.

لكنّ الإشكال ومهما بلغت درجة التقليل من أهميته، يكشف مرة جديدة عجز القوى الأمنية الفلسطينية عن سدّ الثغرات الأمنية الكثيرة التي يشهدها المخيم بين فترة وأخرى، من دون لمس تدابير فعّالة لسدها، مع العلم أنّ مصادر فلسطينية تدرج هكذا حوادث في إطار مخطط لإشعال الفتنة في المخيم خدمة لأجندات خارجية، بغية توظيف العامل الفلسطيني في أتون الصراعات الجارية في المنطقة أو حتى في لبنان. فيما تعتبر مصادر أخرى أنّ هذه الإشكالات ما هي إلا شرارات أولى لتفجير المخيمات الفلسطينية في لبنان لتهجير أهلها وإزالة المخيمات تمهيداً لإلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى فلسطين المحتلة. ومع ذلك، تبدو القيادات الفلسطينية عاجزة عن صدّ هذا المخطط بالرغم من أنّ أمن المخيمات مرتبط به، والقيادات الفلسطينية على دراية بذلك وتحذر منه في أيّ لقاء أو اجتماع أو مناسبة، بحسب الأوساط الفلسطينية.

وتلفت الأوساط إلى تحميل «الشباب المسلم» مسؤولية الخلل الأمني في المخيم مشيرة، لكن الخطوة الأخيرة للجنة الأمنية العليا قرب مركز التنظيم في عين الحلوة، لا تلائم حجم التحذير الكبير والدائم من خطورة هذا التنظيم المدرّب تدريباً محترفاً على حروب العصابات ومجهّز بوسائل قتالية متطورة. ومع ذلك لم تفعل اللجنة الأمنية سوى وضع حاجز أمام مركز التنظيم!

وتأتي في هذا السياق، شكوى أحد قادة التحالف الفلسطيني في لبنان من وجود صعوبات وعراقيل تحول دون نشر القوى الأمنية الفلسطينية في المخيمات، محذرة من بقاء الوضع الميداني على ما هو عليه في ضوء تصاعد حدّة المواجهات السياسية والعسكرية في في دول الجوار، وتفاقم أزمة النازحين الفلسطينيين من سورية، وتقليص خدمات وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئن الفلسطينيين «أونروا» وتخفيض الدول المانحة تقديماتها للوكالة التي أعلنت عن عجزها توفير الخدمات المطلوبة منها للاجئين.

وأمام هذه الأوضاع المتردّية وإجماع القيادات الفلسطينية على وجود محاولات حثيثة لاستدراج الفلسطينيين في الشتات، ولا سيما في لبنان، إلى اتون ما يجري في المنطقة من أحداث، يؤكد قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب «أننا قادرون بوحدة موقف القوى الوطنية والإسلامية وبالتعاون والتنسيق مع القوى السياسية والأمنية اللبنانية على مواجهة هذا المحاولات».

وفي حين يتكرّر هذا الموقف في كلّ حادث أمني يشهده المخيم لفت النداء المشترك الذي صدر عن السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وممثل «حركة حماس» في لبنان علي بركة بعد مواجهات أول من أمس دون غيرهما، «لوقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة فوراً وسحب كافة المسلحين من الشوارع والطرقات».

نار المخيم تحت الرماد وتشتعل من أية نفخة عليها تسمّى «إشكالا فرديا»، بينما المطلوب إطفاء النار لكثرة النافخين فيها. المخطط معروف لكن ما العمل؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى