«داعش» في الحراك المدني

حسين حمّود

بالتزامن مع الحراك المدني المستمرّ بشكل شبه يومي في بيروت والمناطق، وعشية التحرك التصعيدي الذي تزمع الحملات التي تقود الاعتصامات والتظاهرات، تنفيذه اليوم في وسط بيروت والهادف إلى إقفال كلّ المنافذ المؤدّية إلى ساحة النجمة حيث تعقد الجلسة الثانية من الحوار في المجلس النيابي، كشفت المديرية العامة للأمن العام، ما كان حذّرت منه قيادات وأحزاب عدّة من استغلال المطالب المحقة للمعتصمين من قبل المدسوسين المنتمين إلى تنظيمات تكفيرية تخريبية.

فقد أعلن الأمن العام عن توقيف لبنانيّيْن اثنين لانتمائهما إلى تنظيم «داعش» الإرهابي واشتراكهما مع لبنانيين آخرين على تأليف شبكة إرهابية للتنظيم المذكور كانت تخطط للقيام بعمليات تفجير وإعداد العبوات الناسفة لاستهداف مراكز وآليات وعناصر الجيش اللبناني والقوى الأمنية، بالإضافة الى تكليف هذه المجموعة لبعض المندسّين بالانخراط في تظاهرات الحراك المدني الأخيرة في وسط بيروت، والقيام بشتم المسؤولين وكتابة عبارات مسيئة ونابية على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري وذلك بهدف إثارة الفتنة والنعرات الطائفية.

وبذلك، يسقط الأمن العام مزاعم بعض منظمي الحراك من تعدّي قوى الأمن الداخلي على المتظاهرين»السلميّين»، ونفي وجود مندسّين في الحراك واستغلال أطراف أخرى له.

كما يؤكد إنجاز الأمن العام، تشابه سيناريو بيروت، سيناريوات الفوضى التي جلبها ما يُسمّى «الربيع العربي» والتي تشهدها دول الجوار العربية.

«داعش» في الحراك المدني، والأمن العام دق في شكل غير مباشر ناقوس الخطر، أما الحراك المدني فمستمرّ من دون وجهة ظاهرة أو واضحة أو معلنة سوى رفع مطالب يتفق عليها كلّ اللبنانيين، وهم مع التغيير نحو الأفضل، ولا سيما لجهة شطب النظام الطائفي المذهبي الذي هو علة الأزمات في لبنان منذ ما قبل الاستقلال عن الانتداب الفرنسي وبعده. وما يمنع إنتاج نظام بديل هو قانون تكوين السلطة أيّ قانون الانتخاب القائم على توزيع المقاعد النيابية على أساس الطائفة والمذهب والمنطقة أو القضاء، حارماً التيارات والأحزاب الوطنية والعلمانية من التمثّل في شكل صحيح، ووفق تمثيلها الشعبي الفعلي على امتداد الجغرافيا اللبنانية، في الندوة البرلمانية ومن ثم في السلطة التنفيذية.

لكن الأمر الأهمّ، بعد إنجاز الأمن العام الأمني، تطهير الحراك الشعبي من شوائبه، ولا سيما على مستوى قياداته ودرس الخطوات التي يحضّر لها وانسجامها مع بقاء التحرك سلمياً وإقفال المنافذ التي يمكن للمندسّين الارهابيّين التسلل منها وعبرها إلى افتعال فوضى حارقة ومدمّرة، للحراك ذاته قبل أيّ شيء آخر.

الحراك بات في وضع غير مريح للمشاركين فيه أولاً، وللمتعاطفين معه عن بعد ثانياً، وسيتفاقم المأزق إذا لم تتمّ المراجعة للتوجهات والخطوات المنوي تنفيذها، ولا سيما أنها تتخذ بسرية تامة في حلقة ضيقة جداً جداً ومن دون أيّ تشاور ديمقراطي وعلني مع بقية المشاركين في الحراك، خصوصاً النخب فيهم من ذوي الخبرة الطويلة والتاريخية في الحركات الاحتجاجية. كما من الخطورة بمكان الاستمرار في استفزاز القوى الأمنية من خلال الاعتداء عليها وكيل الشتائم لها من دون مبرّرات، وهنا الثغرة الأكبر والأخطر لعبور الدواعش قلب المدينة لنشر عقيدة القتل والإرهاب والتدمير والتي لا يعرفون سواها، والجوار لناظره قريب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى