معركة مأرب… ما بين الغرق السعودي في المستنقع اليمني ومؤشرات الحرب الاقليمية

هشام الهبيشان

تزامناً مع حديث قوى العدوان على اليمن ناتو العرب عن استعدادها لمعركة غزو صنعاء، يراقب العالم ككل مسار الحرب الشعواء السعودية الأميركية بغطاء «ناتو العرب» على القطر اليمني الشقيق، هذه الحرب العدوانية خصوصاً مع حديث قوى العدوان عن استعدادات تجريها وتنفذها لإعلان ساعة الصفر لانطلاق معركة صنعاء، التي ستبدأ بغزو مأرب شمال شرقي اليمن، هذه المعارك بمجموعها تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة قد تسقط المنطقة كل المنطقة بمسار فوضوي قد يمتد لسنوات عدة.

اليوم، من الواضح أن المعركة المرتقبة في مأرب تحديداً، ستكون لها تأثيرات سلبية جداً على قوى العدوان، فما مدى الفائدة التي ستعود على السعودية ونظامها من تداعيات هذه الحرب الشعواء التي تشن اليوم على اليمن؟ فالنظام السعودي المنغمس اليوم في مجموعة أزمات افتعلها في الإقليم بدءاً من الازمة السورية وليس نهاية بالحرب العدوانية على اليمن، راهن على كسب معركة واحدة من هذه المعارك والأزمات المفتعلة وهو رهان فاشل. السعوديون يعلمون بحقيقة هزيمتهم في ميادين عدة في الآونة الأخيرة، ولكن هم في الوقت نفسه لا يريدون أن يتلقوا هزيمة جديدة، وقد تكررت هزائمهم أخيراً في ميادين عدة ليس أولها ولا آخرها الميدان السوري.

ومن المتوقع أن يستميت السعوديون في معركتهم العدوانية على مأرب مرتكزين إلى قاعدة حلفهم وتحالفهم العشري «ناتو العرب»، فهم اليوم يعلمون جيداً ما معنى أن يفتحوا جبهة جديدة وصراعاً جديداً على حدودهم الجنوبية الغربية ويعلمون ما مدى الخطورة المستقبلية وحجم التداعيات المستقبلية التي ستفرزها هذه المعركة وبالأحرى هم يعلمون حجم الإفرازات المباشرة للانغماس السعودي بهذه المعركة على الداخل السعودي شرقاً وجنوباً، ومع كل هذا وذاك قرر السعوديون أن يخوضوا هذه المغامرة والمقامرة الجديدة، لعلهم يستطيعون أن يحققوا انتصاراً حتى وإن كان إعلامياً، لعل هذا الانتصار يعطيهم جرعة أمل بعد سلسلة الهزائم المدوية التي تلقوها في أكثر من ساحة صراع إقليمي.

أما بالنسبة إلى واشنطن حليف النظام السعودي منذ سبعة عقود مضت منذ أن رسخ دعائم هذا التحالف عبد العزيز السعود وفرانكلين روزفلت، فهي الآن تنظر وتتابع بحذر تطورات ما يجري من مستجدات بساحة الصراعات الجديدة للنظام السعودي ومسرحها الجديد هو»مأرب»، واشنطن بدورها قدمت للسعوديين خدمات مجانية كثيرة بحربهم على اليمن وليس أول ولا آخر هذه الخدمات تزويد السعوديين بقائمة وبنك أهداف لقواعد عسكرية ومخازن أسلحة للجيش اليمني ولأنصار الله، والواضح اليوم ومن خلال حديث بعض ساسة وجنرالات واشنطن أن الدعم والتأييد الأميركي للسعوديين بحربهم على اليمن سيتواصل، على رغم قلق دوائر صنع القرار الأميركي من التداعيات المستقبلية لهذه الحرب، فالقلق الأميركي ينبع من براغماتية واشنطن النفعية التي تتلخص بخشيتها من اندلاع حرب مفتوحة بالمنطقة ستضر بانسيابية تدفق النفط الخليجي من باب المندب الى الغرب وقد تتطور الى حرب إقليمية مفتوحة قد يكون «الإسرائيليون» جزءاً منها، وهذا ما تخشاه واشنطن اليوم وتعمل على إضعاف كل العوامل التي قد تؤدي إلى تبلور معالم هذه الحرب.

اختتاماً، إن جميع القوى الإقليمية والدولية تدرك أن مغامرة السعوديين الأخيرة على حدودهم الجنوبية الغربية، وإشعال فتيل حرب وصراع جديد في المنطقة مسرحه الجديد هو مدينة «مأرب ، سيكون له بشكل عام تداعيات خطرة على مستقبل استقرار المنطقة الهش والمضطرب بشكل عام، وستكون لنتائج هذه المعركة الجديدة للسعوديين الكلمة الفصل وفق نتائجها المنتظرة في أي حديث مقبل عن تسويات للأزمة اليمنية ومعظم ملفات الإقليم العالقة وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع قوى الإقليم، فالمرحلة المقبلة ستحمل بين طياتها الكثير من التكهنات والتساؤلات بل واحتمال المفاجآت الكبرى، حول طبيعة ومسار عدوان السعودية على اليمن، فالمعركة لها أبعاد عدة مستقبلية ومرحلية، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ مرحلياً بنتائجها المستقبلية، فمسار ونتائج المعركة تخضع لتطورات الميدان المتوقعة مستقبلاً، ومن هنا سننتظر الأسابيع الثلاثة المقبلة لنستوضح مزيداً من المعلومات التي ستمكننا من قراءة المشهد المستقبلي أمنياً وسياسياً بخصوص تطورات ونتائج العدوان السعودي بغطاء «ناتو العرب» على اليمن بكل أركانه.

كاتب وناشط سياسي-الأردن.

hesham.awamleh yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى