لمن تنادي؟!

د. عدنان منصور

يا أقصانا اليتيم لمن تنادي؟ والمنادى بعيدُ…

يا أقصانا المعذب بمن تستغيث؟ والمستغاث به صديد…

لمن تصرخ وتُناجي؟! ألِعبيد وسُراة؟!

وزئير الليث لا صدى له في الفلاة!

الأعراب أسقطوك من ضمائرهم… فكفّ عن المناجاة ولا تنادي…

فالمنادى بعيد،

يستلقي داخل قصر،

قابع مع عاشقة…

يلهو في يمّ من الجواري،

وقد أصابه الصممُ…

حكام محنطون، لا إحساس لهم،

ولا كرامة توقظهم

وإن صبت عليهم الحممُ…

عن الساحة غاب الرجال

وحل محلهم المنافق واللص والقزم…

معهم ضاعت الأوطان، وانقرض الناموس

وتبخر الحلمُ…

جحافل الطغاة، تهدد، تتوعد، تهدُم…

والعربان في أوكارهم محنطون،

لم يشهد مثلهم أبو الهول ولا الهرمُ…

نائمون، كدِرون في كوكب آخر،

ما عرفت شاكلتهم عرب ولا عجمُ…

جلدهم يابس لا يحركه وخز السهام

ولا ألمُ…

خيبر من جديد تعود ثانية، تُنبت غانية…

منها يُنجب القتل، وتُنشر الخيمُ…

تحمل خنجراً وإسفيناً تدقه في خاصرة مسجد…

يراها ملوك وأمراء وحشمُ…

سلاطين وأعيان وزعماء وخدم…

يغازلون الطغاة في عقر دارهم

وأرضهم تُداس وعرضهم يُهان والقيمُ…

أتناديهم!

أتناجيهم وغيارى الأقصى من لف لفهم…

لا يُوقظهم صراخ ولا يوخزهم ضمير وشيمُ…

يغضّون أبصارهم، يصمّون آذانهم

لا يُثيرهم إحساس ولا يحركهم ندم…

جفت الشهامة في عروقهم…

فيها توقف النبض وجفّ الدمُ…

يغرفون من قاعات المؤتمرات زبد الشعارات والتصريحات…

منها يُغدق جودهم والكرمُ…

يغمضون أعينهم عن المأساة،

وغزة تستحلفهم،

والأقصى يستغيثهم…

ولا نخوة تنبعث منهم،

ولا وقفة عزّ تمسح جبينهم،

وإن لملمتهم القممُ…

ضج الموتى من سباتهم فانتفضوا في قبورهم،

والعربان ما استفاقوا وما نطقوا…

فمن فرط خزيهم، وعارهم، نطق البكمُ…

وإن هُدم الأقصى فلم الذهول والضيمُ والعتبُ…

وإن تحرك الأعراب، ودبت فيهم الحمية،

فذلك هو العجبُ…

يا أقصاي الجريح، المتألم،

إليك الخبر المهين…

فاسمع وإن كان في الخبر الأنين…

به نُعيت القيمُ…

العد العكسي بدأته خيبر عنوة وجهارة…

فيها ومعها تعد الأممُ…

ثالث الحرمين يتصدع، يترنح، يُدنس،

وسوره الشامخ يتهدمُ…

والبقية تأتي ولو بعد حين

الأول والثاني الحرمُ…

لا تقل هذا وهم أو حلمُ

لا تستغرب، لا تستهجن، لا تغضب،

إن عاد إليك الصنمُ…

فكيف لا يكون ذلك،

ما دام في أمة بقايا رجال، أذناب عبيد،

في خدمة صهيون

هو الحكم والحكمُ…

أمة في غفلة من الزمان،

أنجبت حثالة، صنفوا أنفسهم جهارة،

أنهم نعاج وغنمُ…

فلمَ لا تستباح الأمة وتُداس الأرض وتذلُّ…

وفيها سلالات خيانة أصيلة متأصلة،

وأسيادها عدمُ…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى