نُقطة انتهى الدَرس

عدنان كنفاني

منذ بداية الأحداث… كنت حريصاً على أن لا أدخل في دوّامة الأسماء، وكنت دائماً أركّز على مسألة الوطن والانتماء، لكنني اليوم سأخرج عن حرصي هذا، وأقولها بالفم الملآن، وبكلّ ثقة ومحبة ويقين…

كلّ الذين شاركوا في العدوان على سورية، وعلى مدى سنوات خمس، لم يتركوا سبيلاً قذراً إلا وسلكوه، ولم يتركوا زنديقاً شقياً في العالم إلا واستأجروه، ولم يوفّروا أيّ نوع من أنواع السلاح الحديث والقديم، والمسموح به أو الممنوع، الثقيل والخفيف، الكيماوي والجرثومي إلا وجلبوه، ولم يتركوا خائناً ولا عميلاً إلا وسخّروه واشتروه، ولم يبق منبر لممارسة الكذب والتشويه والافتراء إلا واعتلوه… وبعد أن فرغ جرابهم أو كاد، عادوا إلى النغمة النشاز يصوّرون للعالم أنّ المشكلة والأزمة والحرب، كلّ المشكلة وكلّ الأزمة وكلّ الحرب مختصرة في هيئة شخص واحد، إذا تنحّى أو خرج من اللعبة فالأمور ستعود سيرتها الأولى برداً وسلاماً وكأنّ شيئاً لم يكن، هكذا كما «مسحة معجزة»!

كلّ ما في الأمر، وكما نرى «إذا تنحّى كما يتوهّمون» أنّ سورية، كدولة وجغرافيا وكيان وموقع وموقف وسياسة ستنحاز بالكلية إلى المعسكر الغربي، وباختصار معسكر المعترفين والمتعاونين مع «إسرائيل»، وتغيير خطّها السياسي والاجتماعي والديني أيضاً، والتخلّص من «قصة فلسطين» ومشاكلها وشعبها وتنظيماتها، وضرب «صعود إيران» عسكرياً وسياسياً في المنطقة، وتطوير التعاون مع عملاء أميركا، دولاً وأفراداً في المنطقة، واستغلال ثروات البلاد من دون رادع ولا رقيب ولا معارض، وضرب الخط المقاوم بالكامل، الفصائل الفلسطينية وحزب الله، وتقزيم تواجد وحضور الدور الروسي في السياسة الدولية… بمعنى، ونعلنه بوضوح، وأكثر اختصاراً للموضوع برمّته، لا يمكن أن يختزل في شخص الرئيس بشار الأسد على أنه المسبّب والسبب، وبتنحّيه، أو تنحيته ستمخر سفينة السلام بحر الخلاص.

هذا ما يروّجون له في إعلامهم وفي العلن وعلى رؤوس الأشهاد، عملاء وخونة وأقزام، ومن أكثر من جهة، على رأسها أميركا والتابعين لها من كلّ حدب وصوب، على الرغم من أنّ هذا السلوك لا يعبّر إلا عن غباء سياسي، وجهل أو استخفاف بعقول الناس، وهذا الحراك الغبي والموارب والخارج عن كلّ فهم ونظم سياسية يفترض أن لا تسلكه دولة عظمى.

هذا كله دفعني لأخرج عن حرصي القديم بأن لا أتناول في حديثي الأشخاص، لأتحدّث الآن عن شخص الرئيس بالذات كرئيس منتخب ومختار من غالبية الشعب السوري، وهو يحمل الحلم العربي مرفوعاً على كرامة أصيلة وكبرياء له ما يبرّره وهوية قومية عربية يجب أن تبقى ذات سيادة لها المكان الباهي تحت الشمس.

ليتحدّث من يتحدّث كما يشاء أن يتحدّث، وليكذب ويفبرك ويدّعي من يشاء أن يكذب ويفبرك ويدّعي، وعلى أيّ مستوى دولي ومؤسّساتي وشخصي، ليرفض من يرفض، وليكره من يكره، لكن الفيصل الأخير سيبقى، وبكلّ يقين وصدق وشفافية، للشعب العربي السوري واختياره، ولا أحد، مهما كان، يستطيع أن يفرض ما لا يريده الشعب السوري، وسيرفض الشعب السوري، وبشكل قاطع ما يعتقد أنه يمسّ بطريقة أو بأخرى كرامته وكبرياءه، ولن يقبل أن تمسّ أيضاً سيادة الوطن وقراره الحرّ المستقل.

السيد الرئيس الدكتور بشار حافظ الأسد قائد وطن، ويمثّل للشعب السوري، والشعب الفلسطيني، وللشعب العربي الحرّ أنموذجاً وطنياً نقياً ومخلصاً، وقبل ذلك كله، وبعد ذلك كله، شجاعاً وصادقا وحرّاً، بعد خمس سنوات من عمر الحرب الظالمة على سورية، يثبت سيادة الرئيس بشار الأسد أنه رجل بحجم وطن… شاء من شاء، وأبى من أبى، لكنها تبقى الحقيقة الساطعة التي لا تقبل أيّ تزييف أو تزوير…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى