أخيرة

دبوس

طاقة الوضع

بعض فلاسفة الحرب عبر التاريخ يقولون إنّ أعظم القيادات الاستراتيجية هي التي تستطيع أن تكسب الحرب بدون إراقة حتى قطرة دم واحدة في حالة القيام بمجموعة من التحركات الاستراتيجية، بدون مواجهة دموية، يترتب عليها جعل العدو في وضع بائس استراتيجياً…
في الشطرنج، لعبة الحرب، أنت تبدأ المعركة وقد اصطفت جميع قطعك في وضع قتال معيّن، وتكون كلّ قطعة في حالة طاقة وضع صفرية، ثم يبدأ اللاعب في إكساب قطعه حركة بعد أخرى طاقة وضع معينة إيجابية تجعل وضعه الاستراتيجي في حالة انتصار، وفي واقع الحال يستطيع لاعب أحمق أن يقوم بحركات غير مدروسة تكسب قطعه طاقة وضع سلبية مما يترتب عليه خسرانه للموقف، وفي واقع الحال أيضاً، فإنّ المنتصر في نهاية المطاف هو من يحرك قطعه بطريقة تجعل مجمل طاقات الوضع لقطعه أكثر من طاقات وضع قطع خصمه.
حركة الجنرال الروسي سيرغي سوروفيكين القائد العسكري الجديد في منطقة خيرسون، قام بإكساب قطعاته في منطقة خيرسون طاقة وضع إيجابية رائعة حينما أعاد تموضعها على الضفة الشرقية من نهر الدنيبر، نقيض ذلك في التاريخ العسكري المعاصر وليس على رقعة الشطرنج، هي حركة الأحمق جورج دبليو بوش وجنرالاته حينما قام بغزو فجّ للعراق، وبعث بقواته الى أرض العراق لتذوق مرارة الهزيمة في شوارع وأزقة المدن العراقية، ثم تخرج بعد ذلك وهي تجرّ أذيال الهزيمة في تلك الحركة البائسة، وهو قام بالعمل ذاته قبل ذلك في افغانستان!
غطرسة القوة حملته للقيام بتحركات كهذه، ظناً منه أنّ القوة الطاغية ستكسب الحرب في كلّ الأحوال، متجاهلاً عن قصد أو عن غير قصد أنك تستطيع أن تحتلّ أيّ بقعة على وجه الأرض انْ كنت تمتلك قوة طاغية، ولكن الإمساك بالأرض والمحافظة عليها بعد ذلك هو شيء آخر .
سميح التايه

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى