مانشيت

الجيش السوري يتقدّم نحو معرّة النعمان… وموسكو تستخدم صواريخ «الكاليبر» في رسالة واضحة هيل يركّز على عدم اهتمام واشنطن بشخص رئيس الحكومة… والحريري يردّ في الشارع دياب يبدأ مشاوراته النيابية اليوم… ويعد بحكومة اختصاصيين ومستقلين خلال شهر

كتب المحرّر السياسيّ

ترتسم معالم مرحلة جديدة إقليمياً عنوانها الخروج الأميركي من سورية، بعدما حدّدت دمشق وموسكو ساعة الصفر للحسم العسكري في إدلب، وبدأتا معاً معركة تحرير معرة النعمان، حيث حقق الجيش السوري بغطاء ناري روسي كثيف تقدماً في بلدات وقرى عدة في ريف إدلب الشرقي، واستخدم الروس صواريخ الكاليبر الاستراتيجية في رسالة تتعدّى حدود المعركة تكتيكياً، قرأت فيها مصادر عسكرية تكريساً لمكانة روسيا في حوض المتوسط ودورها العسكري فيه، رداً على الرعاية الأميركية لأنبوب الغاز الإسرائيلي اليوناني الإيطالي نحو جنوب أوروبا لمنافسة الأنبوب الروسي التركي (ساوث ستريم)، وحيث تدور المساعي الأميركية على كيفية توظيف المسرح اللبناني وتجاذباته لخلق مناخات تتيح تمرير المشروع الإسرائيلي بالضغط على لبنان والتدخل في استحقاقاته الحكومية.

بتوقيت متزامن كانت صواريخ «الكاليبر» تعبر المتوسط نحو مواقع جبهة النصرة في إدلب، فيما كان معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل يزور بيروت ويلتقي الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، بعدما تلقى هزيمة لمشروعه بتسمية السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة، كعرّاب لمشروع تدويل الحدود اللبنانية، ورسم خط أزرق بحرّي يتيح مرور الأنبوب الإسرائيلي، الذي تعتبره موسكو تحدياً لها، لكن هيل بدا وقد تأقلم مع الخسارة وتقبّل نتائجها، مكتفياً بتوجيه رسالة واضحة تؤكد التخلي الأميركي عن دعم تسمية الرئيس الحريري، بإعلان عدم اكتراث واشنطن بشخص رئيس الحكومة، بدلاً من الإضافة التقليدية لكل كلام أميركي حول الحكومات وعدم تدخل واشنطن في التسميات، واهتمامها بقدرة الحكومة على القيام بالإصلاحات، بإضافة جملة غابت أمس، عن كلام هيل، هي الحديث عن «الحرص على توازن تمثيل الجماعات اللبنانية»، في إشارة مبطنة كانت تدعم عبرها واشنطن ترؤس الحريري للحكومات المتعاقبة. ورسالة هيل التي أكدت رسالة معراب عن التخلّي الأميركي عن الحريري، قرئت جيداً في بيت الوسط، فكان الردّ في الشارع بتظاهرات وشغب وهتافات عنوانها الاحتجاج على تسمية رئيس الحكومة المكلّف حسان دياب، ومضمونها تأكيد مرجعية الحريري، بوجه مَن يشكّك فيها ويطعن بقدرتها التمثيلية. والمعنيّ حكماً ليس دياب ولا النواب والقوى التي قامت بتسميته، بعد عزوف الحريري عند تبلّغه الرسالة الأميركية ببريد قواتي.

مصادر متابعة لزيارة هيل قالت إنه تفادى التوغّل في ملف ترسيم الحدود البحرية، مكتفياً بالتركيز على الحكومة الجديدة وبعدها الإصلاحي، وخطورة توريطها بالتحوّل لحكومة تخضع لحزب الله، ليسمع من رئيسي الجمهورية ومجلس النواب الحرص على حكومة غير تصادمية منفتحة على علاقات لبنان الدولية والعربية، تضمّ اختصاصيين وتحاكي مطالب الشارع، وهو ما شدّد عليه الرئيس المكلف في لقاءات إعلامية وصف خلالها الحديث عن حكومة حزب الله التي سيشكّلها بالسخيف، مضيفاً أنه سيستعرض مع الكتل النيابية اليوم خلال المشاورات غير الملزمة التي يُجريها الرئيس المكلّف مع النواب، صيغة لحكومة من المستقلين والاختصاصيين، متعهّداً بتشكيل حكومة خلال شهر أو ستة أسابيع.

الوضع الميداني طغى ليلاً على المشهد اللبناني، حيث تواصلت أحداث شغب وقطع طرقات، ومواجهات عنيفة مع الجيش اللبناني، قادها تيار المستقبل في الشمال وعلى طريق الجنوب، وكانت الأشد عنفاً في منطقة كورنيش المزرعة، سقط خلالها عدد من الجرحى في صفوف الجيش، وهدأت بعد منتصف الليل.

وبعد تكليف حسان دياب لتأليف الحكومة وعشية انطلاق المشاورات مع الكتل النيابية لتأليف الحكومة، توالت المواقف الدولية من استحقاق التكليف، حيث أكدت الخارجية الفرنسية رداً على سؤال حول ما اذا كانت تسمية حسان دياب كرئيس وزراء في لبنان يمكن أن تسهل القيام بالإصلاحات الضرورية للحصول على مساعدات مالية دولية، بالقول: “ليس لنا أن نقرّر في تشكيل الحكومة اللبنانية المستقبلية، هذا الأمر يُترَك للمسؤولين اللبنانيين للقيام به مع مراعاة المصلحة العامة لجميع اللبنانيين ويجب أن يكون المعيار الوحيد كفاءة هذه الحكومة في خدمة هذه الإصلاحات التي ينتظرها الشعب”.

أما الموقف الأبرز فكان لمساعد وزير الخارجية الأميركية السفير ديفيد هيل، الذي جال على الرؤساء الثلاثة، حيث التقى رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أبلغ ضيفه أنمسار تشكيل الحكومة الجديدة بدأ مع تسمية الرئيس المكلف حسان دياب وستكون أمام الحكومة مهمات كثيرة أبرزها إجراء الإصلاحات المطلوبة لا سيما أنّها ستتألف من فريق عمل منسجم قادر على مواجهة الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان سياسياً واقتصادياً. وتمنى من واشنطن المشاركة مع المجموعة الدولية لدعم لبنان منوّهاً خصوصًا بالمساعدة التي تقدّمها للجيش اللبناني عتاداً وتدريباً”. وأكد هيل أنهليس لدينا أي  دور في قول مَن الذي ينبغي أن يتولى رئاسة الحكومة وتشكيلها».

كما التقى هيل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، حيث أيّد بري مطالب الحراك في قيام الدولة المدنيّة والقانون الانتخابي على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة ومحاربة الفساد، مؤكداً أننا «اليوم نمرّ بمسار تشكيل حكومة جديدة مع الرئيس المكلف حسان دياب وأول واجباتها الإصلاحات ومحاربة الفساد والشفافية والإصرار على إخضاع كافة التلزيمات  لمناقصات شفافة». وكرر هيل من عين التينة الموقف الذي قاله من بعبدا، مؤكّدًا ألا دور للولايات المتحدة في تحديد مهام رئيس الوزراء أو توزيع الحقائب في الحكومة. وقال «نحث السياسيين على المضي قدمًا بالإصلاحات واعتماد سياسات مخالفة لتحسين الوضع الاقتصادي، ونشكر قوى الأمن على الجهود التي تبذلها من أجل حماية المتظاهرين». كما زار بيت الوسط على أن يلتقي اليوم وزير الخارجية جبران باسيل وقيادات من 14 آذار.

الى ذلك يبدأ الرئيس المكلف اليوم استشاراته مع الكتل النيابية في المجلس النيابي، حيث سيسمع منهم رؤيتهم لتأليف الحكومة، وقد أشارت معلومات «البناء» الى أن «الاتجاه الأغلب لتأليف حكومة تكنوقراط مطعّمة ببعض السياسيين غير البارزين، مشيرة الى أن «رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحزب الله وأمل سيسهّلون مهمة تأليف الحكومة ولن يكون شكل تمثيلهم عقدة أمام التأليف»، مشيرة الى أن المهم انسجام الفريق الحكومي وتضامنه وكفاءته واختصاصاته ونزاهته وأن يكون لديه برنامج لإنقاذ الوضع الاقتصادي الاجتماعي وتفعيل عمل المؤسسات ووقف الفساد والاهتمام بشؤون المواطنين وأمنهم وتنقلهم وحمايتهم، وحماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية والتمسك بسيادة لبنان وحدوده المعترف بها دولياً». كما علمت «البناء» أن «التيار الوطني الحر سيتجه الى المشاركة في الحكومة عبر وزراء اختصاصيين وليس سياسيين». وهذا ما أكده رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان بأننا «نتجه الى حكومة اختصاصيين بالكامل وما ينطبق على سائر الكتل ينطبق علينا ولا يجب أن يأخذ التأليف أكثر من 10 أيام. فالمواقف واضحة والكثير من العقد قد ذُلّل»، مضيفاً «حريصون على حكومة أولى اولوياتها إنقاذ لبنان وما تسرّب عن لقاءات هيل مع المسؤولين إيجابي».

في حين تحدّثت المعلومات عن حكومة من 18 وزيراً لفتت الى «اتجاه الرئيس المكلف لاعتماد مبدأ فصل النيابية عن الوزارة، وبالتالي عدم مشاركة بعض الوزراء السياسيين في الحكومة الماضية»، وتوقع الرئيس المكلف أن لا يأخذ تأليف الحكومة أكثر من ستة أسابيع، وأكد أن «اتهامه بأنه مرشح حزب الله غير صحيح والحكومة المقبلة ستكون حكومة كل اللبنانيين وستضم الحراك وعلينا الانتظار حتى ولادة الحكومة لنتفحّص ميثاقيتها».

وجال دياب على رؤساء الحكومات السابقين سعد الحريري وتمام سلام وفؤاد السنيورة، وكان اللقاء الأبرز مع الحريري الذي نقل عنه دياب تعاونه وانفتاحه في مسألة تأليف الحكومة. وتشديده على ضبط الشارع ومنح فرصة للتأليف والعمل لإنقاذ الوضع. وأكد دياب بأن دار الفتوى هي دار كل اللبنانيين، ولفت الى أن أميركا واوروبا ستتعاونان مع الحكومة الجديدة وستدعمانها مالياً.في المقابل استمرّ مسلسل قطع الطرقات من أنصار تيار المستقبل في مختلف المناطق اللبنانية رفضاً لتكليف دياب ودعماً لإعادة تسمية الحريري الذي طلب منهم الانسحاب من الشارع، إلا أن مناصريه لم يستجيبوا لطلبه واستمروا في قطع الطرقات والاعتداء على الجيش اللبناني والقوى الأمنية لا سيما في الناعمة وخلدة والجية والبقاع وكورنيش المزرعة، حيث وقع اشتباك مع الجيش أدّى الى سقوط عدد من الجرحى العسكريين بينما تواصلت عمليات الكرّ والفرّ بين الجيش ومناصري المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى