الوطن

إغلاق المجال الجويّ السوريّ شمال سورية واتهام إيرانيّ لأنقرة باستهداف نقاطها تمهيداً للإطباق على طريق حلب – دمشق الدوليّ العمري: جهود روسيّة إيرانيّة لمنع اشتباك تركيّ سوريّ يخدم الأجندة الأميركيّة ويستهدف أستانا ويطيل أمد الحرب

سعد الله الخليل

مع انتهاء المهلة التي أعلنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لدمشق لإنهاء العملية العسكرية في ريف إدلب، وعودة الجيش السوري إلى ما وراء حدود النقاط التركية، تبدو المعارك في محيط مدينة سراقب على أشدّها، ووسط اقتراب الجيش السوري وحلفائه من السيطرة على المدينة بعد ساعات من إعلان مصدر عسكري إغلاق المجال الجويّ فوق المنطقة الشمالية الغربية من سورية وخاصة فوق محافظة إدلب، والتعامل مع أي طيران يخترق المجال الجويّ على أنه طيران معادٍ يجب إسقاطه ومنعه من تحقيق أهدافه العدوانيّة، أسقط الجيش 6 طائرات مسيرة تركية في إدلب، في إشارة واضحة بأن الطيران التركيّ بات في مرمى النيران السوريّة.

وبعيداًً عن استعراض أردوغان بارتداء البزة العسكرية وإشراف وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، وقائدَي القوات البرية أوميت دوندار والجوية حسن كوتشوك أكيوز على قيادة العمليات ضد الجيش السوري من منطقة التماس بولاية (هاتاي) الحدوديّة مع لواء الإسكندرون السوري الذي سلبته أنقرة من سورية، فإن التورط التركي وضع الجيش السوري أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما الامتثال للرغبة التركية بإحداث منطقة آمنة تلقى مع مرور السنين مصير لواء الإسكندرون، أو المضي في المواجهة العسكرية مع أنقرة إلى نهاياتها متسلحة بقوة الحجة بالدفاع عن الأراضي السورية وثبات دعم حلفائها جواً وبراً، فكان خيار المضي في المعركة.

التطوّرات المتسارعة في الشمال السوري وخاصة المعارك المحيطة بمدينة سراقب، جعلت من معركة سراقب مواجهة سورية روسية إيرانية أمام العدوان التركي في ظل غزارة المدفعية التركية لأيّ عمليات تقدم على الأرض، ما جعل معركة السيطرة على سراقب كرّاً وفرّاً ضمن عمليات التقدم للجيش السوري وحلفائه لامتصاص صدمة الهيستيريا التركية، فيما حملت الأيام الأخيرة تطوّرات خطيرة بالاستهداف التركي للمواقع الإيرانية، ما دفع المركز الاستشاري الإيراني في سورية والمطلع على الأوضاع في شمال سورية بالتصريح  لوكالة يونيوز واتهام سلاح الجو التركي، باستهداف عناصر قوة سورية تديرها عناصر من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وبمشاركة فصائل من المقاومة بالدعم الناري والصواريخ الدقيقة، ما أدّى إلى استشهاد عدد من المجاهدين رغم تحذير الوسطاء للجانب التركيّ، وتأكيد أن الموقف الإيراني ملتزم بعدم استهداف نقاط المراقبة التركية رغم أن تلك النقاط على مرمى النيران الإيرانية منذ شهر.

الإعلان الإيراني لا يترك مجالاً للشك باستحالة قبول إيران بالمضي في المغامرة التركية، والإصرار السوري الروسي الإيراني على تأجيل أية مفاوضات لما بعد تأمين الطريق الدولي حلب دمشق بالكامل، المعروف باسمM5وإبطال مفعول إعاقة القوات التركية بتهديد الطريق.

العمريّ

ويرى الكاتب والباحث السياسي محمد العمري أن المتابع للتصريحات الروسية الإيرانية، والبيانات الرسمية والاتصالات الدبلوماسية المكثفة بين الجانبين، يلمس بأن هناك محاولة لاحتواء الفورة التركية في عدم حصول اشتباك تركي سوري يخدم الأجندة الأميركية أولاً ويستهدف أستانا ثانياً ويطيل أمد الحرب ثالثاً.

ويضيف العمري في حديث لـالبناءهذا لا يعني بأن روسيا وإيران ستقفان على الحياد في حال حصول اشتباك وانجرار التركي خلف عنجهيته الاستعمارية.

 ويتابع بالقولتصريح المركز الاستشاريّ الإيراني يحمل أكثر من مدلول ورسالة، أولها بالمعنى العام اتهام النظام التركيّ بزجّ نفسه في عداء المركز، وربما إيران كدولة ومحور مقاومة وهذا كان واضحاً من تصريح المركز بالعمل بناء على طلب الحكومة السورية لفتح الطريق (أم5) ومساعدة المدنيين، وعدم مهاجمة القوات التركية رغم إعلامهم عبر وسطاء، ولكن الجيش التركي لم يأخذ الطلب بعين الاعتبار”. وتابع البيان بالقولالمركز حتى اللحظة لم يرد عسكرياً وهذا برز في تصريحه بأن مدفعية الجيش السوري ردّت على مصادر النيران. وفي حال الرد فهذا يعني بأن محور المقاومة أصبح في إطار الاشتباك الفعلي والمواجهة العلنية مع تركيا”.

وثالث المدلولات بحسب العمريبأن تنويه المركز بما يمتلكه من خيارات سواء بقوله نذكر الشعب التركي أن أبناءه في مرمى قواتنا منذ شهر، أو في ما يتعلق بأنه لا يزال القرار بعدم التعرّض للقوات التركية في سورية ساري المفعول حتى الساعة، فإن ذلك يبقى زمام المبادرة في يد الجانب الإيراني”.

وعن رسائل البيان يقول العمرييحمل البيان رسائل في المضمون العسكري والسياسي، فمن حيث التسمية لأول مرة يخرج باسم المجلس الاستشاري الإيراني، رغم أن البيانات كانت تخرج باسم غرفة حلفاء سورية خاصة مع بدء عمليات تحرير شرق حلب، والنقطة الثانية أنه رغم ما يدور الحديث عن وجود مستشارين إيرانيين وحزب الله في شرق سورية، ثبت البيان ما ورد في حديث الرئيس الأسد في ذكرى انتصار حلب بشكرحلفاء سورية”.

وتابع العمريالتوصيف الأبرز للبيان حمل سياسة العصا والجزرة بين الاتهام والدعوة للتعقل تجنباً للنتائج الكارثية للمنطقة، بالتزامن مع وسائل الضغط التي تستخدم في آخر المطاف، والتأكيد بأنه ما زال همّ الحلفاء محاربة التنظيمات الإرهابية وليس نقاط المراقبة التركية والتي هدّدها البيان بقوله حتى الساعة، ما يفتح المجال أمام سيناريوات أخرى في مقبلات الأيام. وهذه الرسائل للداخل التركي للضغط على أردوغان لوقف سياساته بعد أن فقد صوابه”.

وعن مدلولات الإعلان السوري إغلاق المجال الجوي  يقول العمري “الإعلان له شقان سياسي بتوجّه القيادة السورية للتصدّي لأي عدوان حفاظاً على السيادة السورية، وبذلك ترسل الرسائل لأنقرة لمنع أي مغامرة مقبلة والشق العسكري بالتصدي للتنظيمات الإرهابية التي بدأت استثمار الغطاء الجويّ للتركي بالاعتداء على نقاط الجيش السوري”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى