أولى

قانون «قيصر» والعلاقات الأردنية السورية ‏

عامر التل*

 

لم تكن تصريحات رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز حول موقف الأردن من قانون قيصر عادية، فقد أكدّ أنّ تطبيق القانون لن يؤثر على العلاقات الأردنيّة السوريّة وحركة التجارة بين البلدين، وليلاقيه وزير الخارجية السوري الأستاذ وليد المعلم بأنّ الموقف الأردني جيد وجريء.

هذه التصريحات الإيجابيّة من الطرفين سبقتها عدة لقاءات واتصالات سرية وعلنية لمسؤولين من كلا الجانبين، تمّ من خلالها الإتفاق على العديد من الملفات. ولكن جائحة كورونا عطّلت المزيد من الزيارات بين الطرفين.

وقد تجاوزت سورية بحكمة قيادتها المواقف الأردنيّة خلال الحرب الكونية عليها، وأكدّ الرئيس الدكتور بشار الأسد خلال لقائه بالوفد البرلماني الأردني: إنّ سورية تتجه بأنظارها بالنسبة للعلاقات الأردنيّة للأمام ولا تنظر للخلف، مما يعني أنّ دمشق تتطلع إلى علاقات ثنائية ممتازة مع الأردن، آخذة بعين الاعتبار الضغوطات التي مورست على الأردن خلال الحرب على سورية.

وتؤكد مصادر سياسية أردنية أنّ القرار الأردني بالانفتاح على سورية ثابت، ولن يؤثر فيه قيصر وغيره، وخاصة بعد الخذلان الخليجي والغربي للأردن، والضغوط التي يتعرّض لها من دول كان يعتبرها حليفة له.بتمرير صفقة القرن ما يعني تعرّض سيادته وأمنه واستقراره للخطر الحقيقي، لا سيما في تحويله إلى وطن بديل للفلسطنيين، وإقامة الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية ضمن البنيلوكس الثلاثي الذي طرحه بيريز، ما يجعل من الأردنيين والفلسطنيين أيادي عاملة رخيصة، والأردن جسراً يصل الكيان الصهيونيّ بدول الخليج.

إنّ ما يعانيه الأردن من أزمة اقتصادية خانقة، ومن تهديد وجودي جراء صفقة القرن، تتطلب مصلحته العليا تنويع الخيارات الخارجية الأردنية، وخاصة بعد التطورات الإقليمية والدولية ولا مجال أمامه إلا للانفتاح على محيطه القومي السوري والعراقي واللبناني لتحسين وضعه الإقتصاديّ وتحصين موقفه السياسيّ، بذلك يواجه المخططات الإسرائيلية المدعومة من بعض الدول العربية. إنّ رهان الأردن على نتائج الإنتخابات الأميركية رهان خاسر، حيث إنّ تغيّر الرئيس الأميركي لا يعني تغيّر الاستراتيجية الأميركية الساعيّة لتنفيذ صفقة القرن، حيث لا يمكن فصل الملفات عن بعضها، فلا بدّ من الضغط على كلّ المعنيين لتمرير الصفقة.

الأردن أمام خيارات صعبة وعليه الإختيار، إما الانتحار بمشاريع تصفية المسألة الفلسطينية المهينة وعلى حسابه، أو الإنخراط ضمن محيطه الطبيعي بدورة اقتصادية مشتركة، وعدم الإلتفات لكلّ الوعود البراقة الكاذبة بإزدهاره الإقتصادي في حال انخرط ومرّر صفقة القرن، وهي نفس الوعود التي أعطيت له من قبل توقيع معاهدة وادي عربة المشؤومة، حيث وعد بالسمن والعسل، فكانت النتيجة مزيداً من الصعوبات الإقتصادية وزيادة المديونية والضغوط السياسية.

إنّ تشكيل المجلس الإقتصادي المشرقي هو الحلّ الجذريّ لمشاكل كلّ المشرق. فالعالم يتجه نحو تشكيل تكتلات اقتصادية جديدة، بعد تفكك العديد من التكتلات والكانتونات الوهمية، لذلك على الأردن المبادرة للتنسيق والتكامل الإقتصادي مع سورية والعراق ولبنان قبل فوات الأوان، والإنفتاح على اللاعبين الدوليين الجدد روسيا والصين حيث التأثير السياسي والإقتصادي في العالم.

*رئيس تحرير شبكة الوحدة الإخبارية في الأردن

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى