الوطن

مواجهة العدوانية الصهيونية. دلالات تكرار مشهد رعب وهلوسة العدو… وأهمية التمسّك بالمقاومة والتحرّر من التبعيّة الاقتصاديّة

 

} حسن حردان

مرة ثانية في غضون شهر يتعرّض جيش الاحتلال الصهيوني إلى فضيحةٍ جديدة ويتحوّل عنواناً للسخّرية، فيظهر فاقداً للسيّطرة على أعصابه مشتبهاً بأنّ رجال المقاومة بدأوا هجوماً وإطلاق النار عبر الحدود على مواقعه، فسارع إلى إطلاق قذائف مدفعيته، بشكل جنوني، على المناطق السهلية، بين البلدات اللبنانية الحدودية، فيما راحت طائراته الحربية تحلق في المنطقة، مفتعلاً معركة من جانب واحد، في منتصف الليل، وداعياً مستوطنيه في المستعمرات، القريبة من الحدود مع لبنان، إلى التزام الملاجئ.. لكن ما أن انقشعت عتمة الليل، وبزغ فجر الصباح، حتى تبيّن أنّ كلّ ذلك كان مجرد هلوسة عاشها جيش الاحتلال لساعات.. فيما كانت المقاومة تتفرّج على فيلم واقعي، من إعدادها وصناعتها، يؤكد نجاح حربها النفسيّة في جعل الجيش «الأسطوري»، الذي يقف على «رجل ونص»، يظهر مرعوباً وفي حالة هستيريا لا يدري ما يحصل في الواقع.. فقدَ الصبر وقدرة التحمّل في انتظار هجوم المقاومة، فانحلت أعصابه وراح يضرب خبط عشواء ضدّ أشباح غير موجودة إلّا في مخيّلات ضباطه وجنوده، الذين باتت تنتابهم نوبات الهلوسة..

إنّها الحرب النفسيّة التي تحسن المقاومة خوضها ببراعة ضدّ كيان العدو وجيشه.. لتدفيعه ثمن اعتداءاته أضعافاً مضاعفة، وتلقينه دروساً جديدة في الحرب، وأنّ عليه التفكير جيداً والعدّ للمليون قبل أن يفكر مجدّداً في القيام بأيّ عدوان على رجال وكوادر المقاومة في سورية أو لبنان، ويحاول خرق قواعد الاشتباك ومعادلات الردع التي فرضتها المقاومة في الصراع معه، لا سيما بعد انتصارها المدوي على العدوان الصهيوني في تموز عام 2006.

بعد هذا المشهد الجديد والمتكرّر لحالة الهستريا والرعب والخوف التي باتت تسيطر على جيش الاحتلال الصهيوني.. أليس من حقنا أن نعتبر أنّ كلّ من يحرّض ضدّ المقاومة وسلاحها في الداخل والخارج، أو يدعو إلى نزع سلاحها، إنّما هو مشبوه ويخدم كيان العدو الذي يتمنَّى أن يصحو يوماً وقد تخلّص من المقاومة وسلاحها الرادع، الذي يشلّ قدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق أطماعه في لبنان، ويكشف ضعفه وعجزه ووهنه وفقدانه لقدرته الردّعيّة وخوفه من مواجهة رجال المقاومة في ميدان القتال

انطلاقاً مما تقدّم يمكن القول:

أولاً، أنّه ليس هناك من أيّ وطني حريص على سيادة واستقلال وطنه ومنعته، وكما ليس هناك من أيّ إنسان يشعر بالعزة والكرامة والفخر، يُمكن له أن يشترك في حملة العداء والتحريض ضدّ مقاومته، التي ردّت له الاعتبار، وقلبت معادلات الصراع، بأن هزمت القوة الصهيونية المحتلة، التي كانت تصوّر أنّها فزّاعة وقوة لا تهزم، وأنّ على العرب الرضوخ لسلطانها وجبروتهاوأكدت المقاومة بالتالي أنه بقدرة لبنان والأمة العربية تحرير الأرض المحتلة بلا قيد ولا شرط، وحماية الثروات، وردع وكبح العدوانية والغطرسة الصهيونيتين.

ثانياً، إنّ حالة الفزع والرعب والخوف، التي تسيطر على كيان العدو، من تنامي قدرات المقاومة على كلّ المستويات، هي التي تُفسّر لنا لماذا تكرّس الولايات المتحدة كلّ جهودها، وتستنفر أعوانها وأتباعها لمحاصرة المقاومة ومحاولة تشويه سمعتها لاضعافها وإقصائها، هي وحلفاؤها، عن السلطة

ثالثاً، إنّ الواجب الوطني إنّما يستدعي من كلّ مسؤول أو سياسي أو مثقف أو إعلامي أو حتى مواطن عادي حريص على وطنه وسيادته واستقلاله، أن يهبّ للدفاع عن مقاومته وسلاحها ويتمسّك بهما، وبالمعادلة الذهبيّة، «جيش وشعب ومقاومة»، لحماية لبنان وثرواته، وأن يتصدّى لكلّ من ينخرط في الحرب الأميركيّة التي تستهدف هذه المقاومةالتي صنعت المجد وحقّقت الكرامة لجميع اللبنانيين بأن جعلت ما كان مستحيلاً في الماضي أمراً ممكناًبذلك فقط يتحقّق الانتماء الوطني، ويتمّ تحصين لبنان في مواجهة الفتن والمخططات الأميركيّة، التي تقف وراء محاولات العبث بالأمن والاستقرار وتسبّب بالأزمات للبنانيين، وتجعل لبنان في حالة من الاضطراب، بهدف تحقيق أهدافها، التي تخدم مصالح العدو الصهيوني

رابعاً، إنّ إخراج لبنان من أزماته لا يُمكن أن يتمّ بمعزلٍ عن التصدي للضغوط الأميركيّة وكسر الحصار والتحرّر من التبعيّة للولايات المتحدة والدول الغربيّة الاستعماريّة الساعية إلى تجديد مشروع هيمنتها، على لبنان عبر محاولة تنفيذ انقلاب سياسي على السلطة السياسية، ومحاصرة المقاومة في سياق خطة للقضاء عليها، وتمكين كيان العدو الصهيوني من استعادة زمام المبادرة، وتحقيق أهدافه وأطماعه في ثروات لبنان النفطية والمائية.. على أنّ أولى خطوات التحرّر من هذه التبعيّة إنّما تكمن في:

1 ـ إعلان التمسك بالمقاومة ضمانة لحماية لبنان وثرواته من العدوانيّة والأطماع الصهيونيّة وتحرير ما تبقى من أراضيه المحتلة، وعودة الأخوة العرب من اللاجئين الفلسطينيين الى أرضهم وديارهم في فلسطين المحتلة، التي هجروا منها بقوة الارهاب الصهيوني

2 ـ المسارعة من قبل الحكومة المقبلة إلى اتخاذ قرارٍ حاسم يقضي بتنويع خيارات لبنان الاقتصاديّة عبر التوجّه نحو الشرق، بدءاً من الشقيقة سورية، وقبول عروض المساعدات الصينيّة والعراقيّة والإيرانيّة والروسيّة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى