الوطن

الكيان الإسرائيلي المحتل
في عدن بعد سقطرى؟

} د. وفيق إبراهيم

دولة عبد ربه منصور هادي اليمنية المزعومة التي تؤيدها السعودية، أصيبت بخرس مفاجئ عند مباشرة الإمارات ببناء قواعد عسكرية ومنشآت لوجستية في ارخبيل سقطرى اليمني.

وسارعت الى الاختباء في أقبية في قصور آل سعود في الرياض، حيث يقيم منصور هادي وذلك لعدم الإحراج، خصوصاً عندما تناهى اليها بالتواتر إن إسرائيليين يشرفون على الانشاءات في كبرى جزر أرخبيل سقطرى.

فماذا تراها فعلت عندما تأكدت أن تحويل سقطرى الى قاعدة إماراتيةإسرائيلية بإشراف اميركي وعدم ممانعة سعودية، تبدو «اغتراباً» متعمداً عن الواقع؟

لم تفعل بالطبع اي شيء لأن احتلال سقطرى إماراتياً وإسرائيلياً هو نتيجة قرار اميركي أقرّ بالتطبيع بين الكيان المحتل والإمارات بشكل كامل للزوم النفوذ الأميركي في المنطقة، وهذا يؤدي «آلياً» الى التنفيذ خليجياً مع الإعلان عن الفرح والغبطة.

لماذا سقطرى وماذا بعدها؟

استكملت الإمارات و»إسرائيل» التطبيع الدبلوماسي والسياسي بسرعة، وباشرتا المهمة الاولى التي تظهر مدى إقليمية هذا التطبيع وبعده الإسلامي وتغطيته لتطبيع سعودي وشيك يريد جذب دول عربية عدة وإسرائيلية الى محوره قبل انخراطه فيه علنياً.

لذلك عاجل فريقا التطبيع تنفيذ الخطة الاميركية في واحدة من أهم المواقع الجيواستراتيجية في الشرق العربي.

للاشارة فإن أرخبيل سقطرى يضم سبع جزر ويقع بين المحيط الهندي والقرن الأفريقي وبحر عدن وباب المندب وبحر الخليج ويطل على مضيق هرمز وشط العرب مروراً بكامل السواحل الإيرانية والعراقية والكويتية والسعودية والإماراتية والعثمانية والقطرية وبالطبع اليمنية.

بذلك تبدو الجزيرة الكبرى من سبع جزر أرخبيل سقطرى في وسط منطقة بحرية شديدة الأهمية للسيطرة على عشرين في المئة من التجارة العالمية التي تمرّ من هذه المعابر ونحو 18 مليون برميل يومياً وكميات هائلة من غاز هذه المنطقة التي تحملها البواخر او التي يجري تحضيرها لنقلها بالأنابيب.

كما ان بإمكان هذه الجزيرة ان تمارس تأثيراً محورياً في القرن الأفريقي الذي لا يبعد عنها أكثر من 240 كيلومتراً تقريباً، وهذا يعني إمكانية تحويلها قيادة هامة لتعزيز الهيمنة الاميركية على أفريقيا مقابل الادوار الروسيةالتركية والاوروبية.

لناحية اليمن فتشكل سقطرى خط دفاع كبيراً عن جنوب اليمن، خصوصاً في مناطق عدن وتقطع الطريق على باب المندب وبالتالي قناة السويس، هذا الى جانب تحكمها بخط المحيط الهندي.

هذه اذاً اهميات غير مسبوقة تشكل مدداً كبيراً يحول دون التراجع الأميركي في المنطقة العربية فاتحاً الباب واسعاً لحلف إسرائيلي خليجي مصري أردني لديه مهام كبيرة أولها إنهاء القضية الفلسطينية وتشديد الحصار على ايران ومنع روسيا والصين من تعزيز نفوذيهما في منطقة الشرق الأوسط وفتح ابواب المنطقة العربية والإسلامية امام الكيان المحتل.

اما المهام السريعة لهذا الحلف فهي إعادة الإمساك بسورية والعراق عبر تشديد الخناق الاقتصادي عليهما وإثارة فوضى مذهبية وطوائفية وعرقية، هذا الى جانب وقف الدور الإقليمي لحزب الله ودوره في حماية لبنان من «إسرائيل».

المطلوب اذاً دمج «إسرائيل» في المنطقة العربية وإنتاج آلية إسرائيلية عربية تعمل في النهاية في إطار خدمة الجيوبوليتيك الاميركي والحيلولة دون تقهقره.

ضمن هذه المناخات تعمل الإمارات على فرض الكيان الإسرائيلي طرفاً مقبولاً في اليمن، فتخطط لادخاله الى عدن بالتعاون مع المجلس الانتقالي اليمني بقيادة الزبيدي التابع لها.

لماذا هذه المخاطرة؟ لتشتيت الرفض الشعبي لحركتها في سقطرى، فبدلاً من التركيز اليمني مع اتجاهات جنوبه وشماله للتوحّد حول تحرير ارخبيل سقطرى تأتي خطة الاحتلال الإسرائيلي لعدن، شديدة الإحكام لنسيان سقطرى ودفع اهلها الى القبول بالأمر الواقع المعروض بقوة السلاح.

«إسرائيل»، اذاً في وقت لم يعد بعيداً في مدينة عدن عاصمة الجنوب بحلف مع الإمارات وتغطية سعودية، اما الرعاية الكبرى فهي للاميركيين المهتمين بالاستمرار في تطويق ايران لإلغاء أدوارها التحالفية مع حزب الله والدولة السورية والحشد الشعبي العراقي وأنصار الله في اليمن بالإضافة الى تحالفات وازنة في باكستان وأفغانستان ومعاهدات أمنية واقتصادية واستراتيجية بين الجمهورية الإسلامية وكل من الصين وروسيا.

بذلك يخدم التطبيع الإسرائيلي الإماراتي «إسرائيل» والأميركيين وانظمة الخليج ومصر مع تحفظ باطني للأسرة الهاشمية الاردنية التي لا تستطيع الرفض فيرفع الأميركيون عنها الغطاء والحماية فتنكشف.

وهذا واضح في تصريح على التويتر للأمير علي شقيق الملك الاردني عبدالله انتقد فيه التطبيع الإماراتي، مؤكداً انه معاكس للمصالح الفلسطينية والاردنية، لكنه وجد نفسه مضطراً لسحب التويتر بضغط سعوديأميركي شديد. هذا ما يؤكد ان الاميركيين يبحثون عن قوى عربية جديدة للتطبيع مع الإسرائيليين ولن يتفاجأ اليمنيون عندما يرون بأم العين قوات إسرائيلية منخرطة في قوات المجلس الانتقالي في عدن، تسهم في تسريع التطبيع العلني مع دولة هادي المزعومة وعُمان وقطر والسعودية والبحرين.

فهل يسكت اليمنيّون عن هذا التطبيع؟

ان الاتجاهات الوطنية في جنوب اليمن تتجه للتشكل بشكل متتالٍ لمنع هذا الانحراف التاريخي الخطير. ولن تتأخر في تحقيق تقاربات عميقة مع دولة صنعاء لمنع جماعات المجلس الانتقالي والدولة المزعومة لعبد ربه منصور هادي من توجيه إساءة لتاريخ يمني معروف عنه استبساله في سبيل المحافظة على الكرامة والكبرياء وسط انحطاط خليجي لا تاريخ له محاولاً تجريد اليمن من حاضنة التاريخ، التي تحميه دائماً من عبث عائلات نصبها الاستعمار الانجليزي في شبه جزيرة العرب وتحاول الاستقواء بـ«إسرائيل» لصيانة مصالحها في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى