عربيات ودوليات

محادثات اللحظة الأخيرة حول اتفاق ما بعد «بريكست» تراوح مكانها

 

بعد يوم مفاوضات غير منتج، تواصل التعثر أمس، بين البريطانيين والأوروبيين الذين يحاولون التوصل إلى اتفاق لمرحلة ما بعد «بريكست«، فيما الوقت ينفد لتجنّب فشل ستكون عواقبه الاقتصاديّة قاسية.

وأعلن متحدث أوروبي، أمس، أن «رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيسة المفوضيّة الأوروبية أورسولا فون دير لايين، سيتحدثان هاتفياً عند الساعة 17:00، الرابعة عصراً بتوقيت غرينتش، حول ما آلت إليه المفاوضات».

واتفق المسؤولان، يوم السبت الماضي، على منح يومين إضافيين للمفاوضين للتوصل إلى اتفاق حول العلاقات في مرحلة ما بعد «بريكست» مع وجود أقل من شهر على انتهاء المرحلة الانتقالية في 31 كانون الأول.

واستبعدت الحكومة البريطانية، أمس أيضاً، إجراء مفاوضات العام المقبل في حال فشل التوصل إلى اتفاق خلال العام الحالي.

وأبلغ المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه، سفراء الدول الأعضاء الـ27 أنه «لم يتمّ إحراز أي تقدم منذ استئناف المفاوضات يوم الأحد التي استمرّت حتى منتصف الليل».

ويشار إلى أن «النقاط العالقة لا تزال نفسها، وهي الصيد وشروط المنافسة العادلة والآلية المستقبلية لحلّ الخلافات».

وسيقيّم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، مساءً حصيلة هذا «الجهد الجديد» الذي يُعتبر بمثابة فرصة أخيرة.

وقال مصدر أوروبي، إن «يوماً إضافياً محتملاً للمفاوضات الثلاثاء سيكون رهن هذا اللقاء».

وأكد دبلوماسي أوروبي «أننا نصل إلى آخر السباق، الوقت بدأ ينفد. رغم المفاوضات المكثفة، لم يتمّ سدّ التباينات»، مشيراً إلى أن «الاتحاد الأوروبي مستعدّ للقيام بخطوة إضافية للحصول على اتفاق عادل ومستدام ومتوازن، وعلى المملكة المتحدة أن تختار بين هذا الانفصال الإيجابي أو (الخروج) من دون اتفاق».

وبدا بارنييه، حذراً جداً في بداية هذه الجولة الجديدة من المفاوضات بسبب استحالة التوصل إلى تسوية بين لندن والاتحاد الأوروبي منذ آذار، حيث قال «سنرى ما إذا كنا سنتمكن من تحقيق تقدم».

وأشار نظيره البريطاني ديفيد فروس، لدى وصوله إلى بروكسل، أول أمس الأحد، إلى أنه «سنعمل جاهدين في محاولة للتوصل إلى اتفاق».

وسجّل الجنيه الاسترليني تراجعاً بنسبة 1,2% في مقابل الدولار، أمس، بعدما أفادت صحيفة «ذي صن» أن جونسون قد «يتخلّى عن المحادثات مع الاتحاد الأوروبي».

وكتبت الصحيفة على موقعها الالكتروني «جونسون مستعدّ للانسحاب من المحادثات في غضون ساعات بسبب مطالب الاتحاد الأوروبي».

ويعمل المفاوضون تحت ضغط شديد بسبب الجدول الزمني إذ إن البرلمانين البريطاني والأوروبي يجب أن يصادقا على اتفاق تجاري محتمل مؤلف من أكثر من 700 صفحة، قبل أن يدخل حيزّ التنفيذ في الأول من كانون الثاني.

وأكدت النائبة الأوروبية ناتالي لوازو، أن «الأمر يصبح مريباً أكثر فأكثر (…) سيصبح ذلك لا يُحتمل في الأيام المقبلة»، مضيفةً أن البرلمان الأوروبي يعتزم العمل «حتى آخر أيام كانون الأول».

وتأمل الدول الأعضاء في التوصل إلى اتفاق، لكنها تخشى تقديم تنازلات كبيرة جداً للبريطانيين.

من جانبه، جدّد وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، أول أمس، تأكيده على أن في حال تم التوصل إلى اتفاق «غير مطابق» لمصالح فرنسا، خصوصاً مصالح صياديها، فقد تستخدم باريس حق «الفيتو» لعرقلة الاتفاق.

ويذكر أنه لا يزال وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية مسألة حساسة جداً بالنسبة لبعض الدول الأعضاء. وقالت مصادر حكومية بريطانية إنه «لم يحصل أي اختراق» أول أمس.

وفي ما يخصّ شروط المنافسة العادلة التي يُفترض أن تضمن نقطة التقاء من حيث المساعدات الحكومية والمعايير الاجتماعية والبيئية، فإن الصعوبة تكمن في إيجاد آلية تحترم السيادة التي استعادتها لندن بعد انفصالها مع الحفاظ على المصالح الأوروبية.

وما يزيد التوتر هو أن البرلمان البريطاني ينظر، في مشروع قانون يثير جدلاً لأنه يعيد النظر في بعض الالتزامات التي تعهّدت بها بريطانيا بموجب اتفاق انفصالها عن الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني 2020، خصوصاً بشأن إيرلندا الشمالية، ما يفاقم ريبة الأوروبيين.

وذكّرت ألمانيا التي تتولى حالياً رئاسة الدورة للاتحاد الأوروبي، بأنها لن تقبل باتفاق «بأي ثمن».

وحذّر وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن، من أنه «إذا تحمّلت المملكة المتحدة مسؤولية فشل المفاوضات (…) ستكون الدول الأوروبية الوحيدة من دون اتفاق تجاري» مع سائر دول القارة.

وقالت لوازو «إذا كانت النفوس غير مستعدّة، فلنتقابل العام المقبل» متهمةً لندن بـ»عدم تبني لهجة بناءة لحكومة تستعد لتوقيع اتفاق، بل لهجة انتقام من الاتحاد الأوروبي».

ومهما كانت نتائج المفاوضات، فإن العلاقة المستقبلية مع لندن ستكون على أي حال أحد المواضيع الساخنة في القمة الأوروبية التي ستُعقد الخميس والجمعة في بروكسل.

ومنذ خروجها الرسمي من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني الماضي، لا تزال بريطانيا تطبق القواعد الأوروبية. إلا أن خروجها من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي سيُصبح فعلياً في نهاية الفترة الانتقالية في 31 كانون الأول الحالي.

وفي غياب اتفاق، ستخضع المبادلات التجارية بين لندن والاتحاد الأوروبي اعتباراً من الأول من كانون الثاني، لقواعد منظمة التجارة العالمية أي أنه سيتمّ فرض رسوم جمركيّة وحصص، ما يثير خطر حصول صدمة لاقتصادات ضعيفة أصلاً بسبب أزمة وباء «كوفيد-19».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى