الوطن

كاد المعلّم أن يكون في خطر!

} نزار قانصوه

يتأرجح لبنان اليوم على أوهام المنعطف السياسي الخطير المنبعث من دخان الأزمة الاقتصادية، والذي يشتدّ سواداً كلّما ابتعدنا عن مدارج التربية والتعليم يوماً بعد يوم، والإشكالية التي تطرح نفسها، إلى أيّ مدى انعكست الأزمة الصحية والاقتصادية على الواقع التربوي؟ وكيف حال المعلّم في لبنان في ظلّ هذه الظروف الصعبة؟

لا شك في أنّ الأزمة الصحية التي عانى منها العالم وخصوصاً لبنان الذي احتلّ مراتب أولى في عدد الإصابات بجائحة كورونا، أثرت تأثيراً مباشراً على الواقع التربوي بعد معاناة ازدواجيّة ما بين تعلّم مدمج ومخاطره الصحية وآخر الكتروني مهدّد بانقطاع التيار الكهربائي والتبشيرات التي تلوّح بالتعتيم العام، ليحارب المعلم بأسلحته الأخيرة بعد معركة طويلة كي لا يترك المتعلم وحده في ساحة المعركة على الرغم من تباطؤ حملة التلقيح المخصصة للحقل التربوي، لتأتي بعد ذلك الأزمة الاقتصادية وتقضي على ما تبقى من حقوق المعلم سواء في التعليم الرسمي او الخاص.

وفي المقلب الآخر يشهد لبنان أزمة محروقات خانقة، فسعيد الحظّ من يحظى بليترات قليلة من البنزين بعد انتظار يدوم نصف يوم تحت أشعة الشمس وضمن أيام محدودة في الأسبوع، هذا عدا عن ارتفاع سعر الصفيحة وبيعها في أغلب الأحيان بسعر سوق السوداء خصوصاً في المناطق الحدودية، أضف إلى ذلك أسعار قطع السيارات والزيت وتسعيرها بالدولار، فراتب المعلّم المتعاقد الذي لا ضمان له ولا حقوق تحمي شيبة رأسه حال العودة إلى التعليم لا يكفيه للحصول على حصة بنزين شهرية وقطع تبديل باهظة الثمن، كلّ هذا بعد توظيفه وظيفة أخرى من دون مقابل وهي الوقوف في طابور الانتظار الذي يوصل منطقتين او ضيعتين ببعضهما بعضاً ضمن سلسلة أفقية، وهذا حال أجرة نقل الطلاب بالباصات إلى المدارس التي ارتفعت أضعافاً مضاعفة.

من ناحية أخرى نجد أنّ التجار من كبيرهم إلى صغيرهم الذين يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع لم يتأثروا بالأزمة الاقتصادية نوعاً ما، لأنهم حافظوا على هامش أرباحهم بالعملة الصعبة ايّ ازداد بالعملة اللبنانية بشكل كبير، بينما انخفضت القدرة الشرائية لدى الموظف والمعلم والعامل إلى ما دون 10% مما كان عليه الراتب، فأضحى المعلم يعيش في شظف العيش لا حقوق تحصّنه ولا ضمان يحميه ولا دولة تنصفه ولا بطاقة تموينية أو تمويلية مقترحة تسنده وتعطي الحقل التربوي أهميّة باعتباره أساس بناء المجتمع وأصل التنمية والحصانة الفكرية.

لذا، ينبغي النظر في وضع المعلم بأسرع وقت ممكن خصوصاً المتعاقد من ناحية الحفاظ على حقوقه وصون كرامته باستحداث خطط وبرامج تراعي مسيرته الكادحة وتضمن أدنى مقومات عيشه كي يكمل في بناء جيل من المتعلمين القادرين على نهضة المجتمع وتطوره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى