الوطن

برّي «بقّ البحصة»: الجميع يعطّلون تأليف الحكومة عين التينة تُفعّل مبادرتها وتوجّه رسائل حاسمة

} محمد حمية

بقَّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري البحصة باتهامه جميع القوى السياسية بتعطيل تأليف الحكومة لأسباب داخلية. ووجّه عبر منبر المقاومة والتحرير رسائل في أكثر من اتجاه لا سيما إلى بعبدا وبيت الوسط واضعاً الجميع بين خيارين إما العمل سوياً لتأليف الحكومة سريعاً وإلا فإن الأزمات المتراكمة ستطيح بلبنان.

يمضي رئيس المجلس النيابي في مساعيه الحثيثة على الخط الحكوميّ وبحسب المواكبين لحركته السياسية يؤكدون لـ«البناء» بأنه يعمل بعيداً عن الأضواء في اجتراح الحلول للعقد الحكوميّة والتواصل مع كافة الأفرقاء لا سيما رئيس الجمهورية عبر وسطاء مقرّبين بين الرئاستين الأولى والثانية ومباشرة عبر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

فاليأس الذي أصاب اللبنانيين، لم يتسلّل إلى عين التينة التي تشكّل نهراً دافقاً من اقتراحات ومخارج الحلول للأزمة الحكومية العقيمة. فرئيس المجلس لم يوفر فرصة إلا واستغلها لتحريك المياه الحكومية الراكدة، وكان آخرها جلسة المجلس النيابي المخصصة لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية، حيث نجح بسحب فتيل التوتر واحتواء المواقف التصعيديّة على جبهة بعبدا – بيت الوسط، إذ حوّل قاعة قصر الأونيسكو إلى برد وسلام بعد أن كادت تتحول إلى كتلة نار ملتهبة. فالتصريحات والأجواء التي سبقت الجلسة أنبأت وبشرت بنزال سياسي – طائفي لم يكن ليبقى محصوراً بين جدران القاعة بل ستنتقل شرارته إلى الشارع وهذا كفيل بأن يُطيح بكل المساعي التوفيقية وبما تبقى من استقرار سياسي وأمني في البلد.

فالرئيس بري ورغم ميله السياسي والعاطفي العلني إلى بيت الوسط، لكنه وكعادته في المفارق الوطنية، يزحف نحو مسافة واحدة من طرفي الخلاف ويلعب دور الإطفائيّ لإنقاذ لبنان.

وبحسب مصادر مطلعة لـ«البناء» فقد خاض بري جولة مفاوضات شاقة مع كتلتي المستقبل ولبنان القوي، عبر مروحة اتصالات واجتماعات متتالية مكنته من فرض رؤيته وتأمين المخرج المناسب على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، حيث انتزع تعهدات من جميع المكوّنات النيابية الأساسية بالحفاظ على الهدوء وبأن تخلو كلمتي الحريري وباسيل من أي استفزاز أو توتر طائفي وأن يقتصر النقاش على الكلمات المسجلة لتجنب السجالات.

وبحسب المصادر أيضاً فإن بري قاد مشاورات على هامش الجلسة بعدما خرج الجميع منها باسترخاء سياسي قاد الرئيس المكلف إلى مكتب جانبي حيث كان ينتظره «الأستاذ» ودار حديث حول كيفية الخروج الأزمة، حيث أبدى بري استعداده لتدوير زوايا العقد طالباً من الحريري المزيد من المساعي والتعاون مع رئيس الجمهورية ورؤساء الكتل النيابية لتذليل العقد وإنقاذ البلد من الانهيار التام. وبعد ذلك استقبل باسيل في المكتب نفسه متنمياً العمل مع رئيس الجمهورية للبحث عن حل حيث أبدى باسيل استعداده للعب دور إيجابي.

وقد حاول بري جمع الحريري وباسيل بحسب المعلومات، لكن مصادر مطلعة نفت لـ«البناء» هذا الأمر مشيرة إلى أن «الرئيس بري لا يُقدم على مسعًى إن لم يكن مضمون النتائج».

وفي ضوء مشهديّة قصر الأونيسكو أطلّ بري من موقعيه كرئيس لحركة أمل والسلطة التشريعيّة من منصة المقاومة والتحرير كمعنيّ أول بهذه المناسبة، مطلقاً سلسلة مواقف شكلت خارطة طريق لمسار جديد باتجاه تأليف الحكومة.

وأعاد بري تفعيل مبادرته السابقة وأرفقها بتحذير خطير بأن استمرار الأزمات سيطيح بالبلد، وأكد «أن المدخل الالزامي للانقاذ يكون بمبادرة المعنيين بالتأليف والتشكيل وبعد ذلك التوقيع اليوم وقبل الغد ومن دون شروط مسبقة ومن دون تلكؤ الى إزالة العوائق الشخصيّة التي تحول من دون تشكيل حكومة وطنيّة أعضاؤها من ذوي الاختصاص غير الحزبيّين لا أثلاث معطلة فيها لأحد وفقاً لما نصّت عليه المبادرة الفرنسيّة وبرنامج عملها الوحيد إنقاذ لبنان واستعادة ثقة أبنائه به وبمؤسساته كوطن للعدالة والمساواة حكومة تستعيد ثقة العالم به وبدوره وخاصة ثقة أشقائه العرب كل العرب».

وشخص بري المرض بأن أسباب التعطيل داخلية وشخصية «وسوس الخشب منّو وفيه». واتهم الجميع بعرقلة تأليف الحكومة بقوله في ردّه على سؤال: «لحد هلئ الظاهر الكل عم يعطل».

ولم تخلُ كلمة بري من رسالة باتجاه بعبدا تحمل في طياتها طمأنة وتحدياً في آن معاً حول التدقيق الجنائي بقوله: «إبدأوا ساعة شئتم ومن حيث أردتم في هذا التدقيق وكفى تضليلاً للناس». وأكد استعداده لتطبيق قانون التدقيق الجنائي لكنه دعا في المقابل رئيس الجمهورية إلى تطبيق «القوانين الإصلاحية التي أقرها المجلس النيابي وتجاوز عددها السبعين قانوناً».

وربط بري حلّ كل الأزمات التي يواجهها اللبنانيّون بتشكيل الحكومة الجديدة بدعوته إلى «استحضار روحيّة وقيم التحرير لتحرير لبنان من الاحتلالات المتمثلة بعقد الأنانيّة والحقد الطائفي والمذهبي ومن احتلال المحتكرين للقمة عيش الناس وأمنهم الصحي والدوائي والغذائي وتحرير أموال المودعين».

فهل ينجح برّي بحنكته وحكمته وتحت ضغط الانهيار بدفع الأطراف كافة لتطبيق مبادرته؟

لا تغلق مصادر عين التينة أبواب الحلول بل تؤكد أنها لا زالت مفتوحة ولا شيء مستحيل في السياسة إذا توافرت النيات والإرادات وتكاملت وتكاتفت للالتقاء في منتصف الطريق. وأكدت بأن الرئيس بري لن يستقل من مهمته ولن يعدم وسيلة إلا وسيستعملها للنفاذ إلى الحلول. متوقعة إمكانية إحداث خرق خلال الأيام المقبلة في حال صدقت الوعود والعهود التي سمعها من الحريري وباسيل بالعمل سريعاً لتأليف الحكومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى