أخيرة

أيار انتصار يتجدّد على أرض فلسطين

} عبير حمدان

كان إيقاع الحياة مختلفاً في تلك اللحظة التي عانق فيها الفجر صدى الخطى المتسارعة الى قلب الوطن… حينها بدا التاريخ منتصباً يلتمس وجوده ويبحث عن وجوه العابرين كالشهب على مشارف القرى، 21 عاماً من عمر الريح ولم تزل نسائم الصبح المنبعثة من شقوق المنازل على امتداد الطريق الذي سلكته نحو الجنوب تلفح روحي…

ورقة وقلم وعدسة ونبض مجبول بالشوق، في تلك الأيام شعرت بالقيمة الفعلية لمهنة الصحافة فكلّ ما تكتبه الأرض يمتزج بحبر الخبر… قد آن زمن الانتصارات. هناك أدركت كيف يلبس الشهداء بياض الغيم وكيف ينسكب القمر على وريقات الشجر وكيف نحيا برأسِ مرفوع ونقاوم… وسنبقى نقاوم.

كلّ الشموع تضمحل إلا شمعة النصر المتعمّد بجمر القلوب.. هناك على أرض الجنوب خطونا نحو السماء، كانت الريح مزنرة بأطيافهم، هم كتلك الأشجار المنتصبة لا يكسرها الضيم..

هم برق المواسم وزعتر الحقول وينابيع تتفتح بين تفاصيل الصخور… على أرض الجنوب سار القلب قبل الروح ليخطّ الخبر اليقين، إنه النصر المبين، نصر أيار الذي لا يشبه إلا ذاته، ولا يكبر إلا برجاله في ميدانهم…

 هناك تعلمت كتابة التاريخ لأول مرة، لولا تلك الروابي ووجوه الأطفال التي كبرت اليوم حرة لما وجدت ذاتي المهنية ولما افتخرت بانتمائي الى هذه الأرض.

هناك صُقِلت روحي وحملت طي لغتي شارع الحمرا حيث الطلقة المقاومة الأولى وأزقة بيروت العصية على الاجتياح ورايات ضاحيتها وقمح البقاع بما اختزن سهله من الشهداء.

ما أشبه اليوم بالأمس والنصر يرسمه أهل الأرض بالدم والنار، في أيار تتجدّد الانتصارات ولا خوف على بلاد ينقذ أطفالها السمكة والعصفور من إجرام المحتلّ التدميري.

لا خوف على بلاد شعوبها تلغي الحدود الاستعمارية ويرتقي أقمارها على درب فلسطين التي قالت اليوم كلمتها وردعت جبروت المحتلّ بتوقيت القلوب والقبضات وصليات الصواريخ واحتفلت بصمودها واعدة بالتحرير.

 أيار 2000 زمن محفور في نبضنا وبين سطورنا… مبارك لنا أننا عبرنا حيث سارت قوافلهم وكان لنا مجد توثيق التحرير وبهم سنمضي وننتصر… أيار 2021 انتصار يتجدّد على أرض فلسطين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى