الوطن

«أستانا 16».. هل ستنفذ تركيا التزاماتها في فتح طريق إم 4، أم سينفذه الجيش السوريّ بـ «الحديد والنار»؟

موسكو: نأمل أن يعيد الغرب النظر في موقفه من سورية.. والوفد السوري بحث الوفد الروسيّ جدول أعمال الاجتماع

قال ألكسندر لافرنتييف مبعوث الرئيس الروسي لسورية، إن موسكو تأمل أن يراجع الغرب موقفه بشأن سورية، وأن يتحوّل هذا الموقف نحو الاتجاه الإنساني والاقتصادي.

وأضاف لافرنتييف: “نأمل، كما قلت، أن يتّخذ ما يسمّى بالغرب الجماعي قراراً بمراجعة وتعديل موقفه بشأن سورية، لصالح عنصر إنساني أكثر في الاتجاه الاجتماعي والاقتصادي”.

وأشار لافرنتييف إلى أن القمة التي عقدت في جنيف بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن، وتمّت خلالها مناقشة عدة قضايا من بينها التسوية السورية، كانت بناءة ومشجعة.

وقال مبعوث الرئيس الروسي لسورية، إنه ستتم خلال اللقاء مع المبعوث الأممي غير بيدرسن، مناقشة الاجتماع السادس للجنة الدستورية السورية.

وأضاف لافرنتييف: “سنبحث باهتمام استمرار عمل اللجنة الدستورية في جنيف. كما تعلمون، وصل إلى هنا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسن. وسنواصل بحث هذا الموضوع معه وضرورة عقد الدورة السادسة للجنة الدستورية”.

وأوضح لافرنتييف: “بالطبع، يقلقنا كثيراً الوضع المترتب على الأرض، وخاصة في منطقة خفض التصعيد في إدلب. سنناقش بالتأكيد الموضوع المهم المتعلق بإقامة حوار بناء بين قوات سورية الديمقراطية وحكومة دمشق”.

وشدّد على ضرورة بحث مسألة الوضع غير المؤاتي المترتب في منطقة التنف في جنوب سورية. وأشار إلى أنه لا يزال يوجد عدد كبير نسبياً من المسلحين الذين يواصلون زعزعة استقرار الأوضاع، في جنوب وجنوب شرق وجنوب غرب سورية.

وفي السياق، عقد وفد الجمهورية العربية السورية برئاسة الدكتور أيمن سوسان معاون وزير الخارجية والمغتربين لقاء مع الوفد الروسي برئاسة المبعوث الخاص لرئيس روسيا الاتحادية إلى سورية ألكسندر لافرينتييف.

واستعرض الجانبان البنود المدرجة على جدول أعمال الاجتماع الحالي والتطورات في سورية والسياسات الغربية الخاطئة التي تسعى إلى استمرار الحرب على سورية مع كل ما ينتج عن ذلك من معاناة للشعب السوري إضافة إلى نهب ثرواته وموارده الطبيعية من قبل قوات الاحتلال الأميركي.

وكان الوفد السوري قد عقد لقاء مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سورية غير بيدرسون.

وجرى خلال اللقاء استعراض تطورات الأوضاع في سورية حيث أكد الدكتور سوسان ضرورة رفع الصوت عالياً إزاء انتهاكات قوات الاحتلالين التركي والأميركي بحق الشعب السوري سواء ما يتعلق بدعم الإرهابيين والمجموعات المرتبطة بهم أو سرقة الموارد والثروات الطبيعية ومقدرات الشعب السوري لأن هذه الانتهاكات بالإضافة إلى الإجراءات القسرية أحادية الجانب هي السبب الأساسي في معاناة الشعب السوري والأوضاع الصعبة التي يعيشها.

وكانت قد أنطلقت في عاصمة كازاخستان نور سلطان، أمس، جولة جديدة من المفاوضات حول التسوية السورية بصيغة “محادثات أستانا”، التي ترعاها روسيا وتركيا وإيران.

وخصصت المشاورات، التي تختتم اليوم، لبحث الأوضاع الميدانية في سورية، وتبادل الأسرى، وآفاق استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف.

وشاركت في المحادثات وفود من الحكومة السورية و”المعارضات”، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسورية، غير بيدرسن.

وجرت آخر جولة من المفاوضات السورية بصيغة “محادثات أستانا”، في منتصف شباط/فبراير الماضي، في مدينة سوتشي الروسية على البحر الأسود.

وكان من المقرّر أن تستضيف العاصمة الكازاخية هذه الجولة من المباحثات حول سورية، في أيار/مايو الماضي، إلا أنه تم إرجاؤها بسبب جائحة كورونا.

اللجنة الدستورية وإدلب

وبحسب وزارة خارجية جمهورية كازاخستان، فإن أجندة المباحثات المقبلة حول التسوية السورية، تشمل قضايا الوضع الاجتماعي والاقتصادي والصحي والوبائي في سورية.

وتشمل كذلك، المساعدات الإنسانية الدولية لسورية، وآفاق استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف، وإجراءات بناء الثقة؛ بما في ذلك تبادل الأسرى وإطلاق سراح الرهائن والبحث عن المفقودين.

وقال مصدر في المعارضة السورية، إن الجولة ستناقش انسحاب قوات الجيش التركي والفصائل المسلحة الموالية لأنقرة، من بعض مناطق إدلب الغربية وريف الساحل السوري.

وتشهد محافظة إدلب، والتي انتهت فيها الدوريات الروسية – التركية المشتركة، منذ ستة أشهر، انتهاكات لوقف إطلاق النار باستمرار.

وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال الاتفاقات بين روسيا وتركيا بشأن إدلب، الموقعة في 5 آذار/مارس 2020، غير منفذة بشكل كامل.

وبينما أكملت أنقرة انسحاب جميع نقاط التفتيش التابعة لها من المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة السورية؛ فإنه في الناحية الأخرى، في منطقة خفض التصعيد في إدلب، لم يتم ترسيم الحدود بين الجماعات الإرهابية والمعارضة المعتدلة، وهو ما تعهدت تركيا بتنفيذه وفقًا للاتفاقيات.

كما لم يتم ضمان العبور الآمن على طول الطريق السريع “أم 4”، الذي يمرّ عبر إدلب، ويربط مدينتي اللاذقية وحلب.

مشاكل قديمة وآمال جديدة

وتبقى مسألة أخرى متعثرة، تتمثل في عقد الاجتماع المقبل في جنيف لهيئة تحرير اللجنة الدستورية السورية، التي تعمل على وضع القانون الأساسي للبلاد.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في وقت سابق، اجتماع نور سلطان، سيخصص إلى حد كبير، للتحضير لاجتماع اللجنة الدستورية في جنيف.

من جهته عبر ممثل المعارضة السورية في المحادثات أيمن العاصمي، عن تفاؤله؛ قائلاً: “الجولة الجديدة يجب أن تكون مختلفة عن سابقاتها، ويمكن أن تعطي نتائج جيدة”. ووفقاً للعاصمي، تساهم روسيا في إنجاح هذا المسار، إذ لم يطرأ أي تغيير على الملف السوري منذ فترة طويلة.

وأضاف: “والآن يمكن للأجواء الدولية أن تساهم في إنجاح المسار. خاصة أن لقاء الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين في 16 حزيران/يونيو في جنيف يعطي قوة دفع في هذا الاتجاه”.

وقد ساعد التبادل الأخير للأسرى، بين الحكومة السورية وجماعات مسلّحة، في خلق أجواء ملائمة قبل المفاوضات في كازاخستان؛ وجرت عملية التبادل شمالي البلاد، في إطار “صيغة أستانا”.

وخفت حدة النزاع المسلح في سورية، الذي بدأ عام 2011؛ وذلك بعد القضاء على تنظيم “داعش”، واستعادة الحكومة السورية معظم المناطق التي سيطرت عليها الجماعات المسلحة.

وكانت روسيا وتركيا وإيران أطلقت، في 2017، “محادثات أستانا”، بين الحكومة السورية والمعارضة؛ كما تتوسط الأمم المتحدة في محادثات اللجنة الدستورية السورية في جنيف.

إلى ذلك، اعتبر عضو مجلس الشعب السوري، عضو وفد الحكومة إلى اللجنة الدستورية، محمد خير العكام، أن مؤتمر أستانا بنسخته الـ16، سيكون بمثابة رسالة إلى تركيا بضرورة تنفيذ التزاماتها بفتح طريق “إم 4” (طريق حلب – اللاذقية) الدولي.

وقال العكام “لقاء أستانا هو رسالة لتركيا ولمن يقف وراءها، بأن سورية ينفد صبرها، وأن ما عجزت تركيا عن تنفيذه وفق اتفاق 5 آذار/ مارس 2020 الذي ينص على فتح طريق (إم 4) … إما أن توافق على تنفيذه وفق منصة أستانا، أو أننا سننفّذه بالحديد والنار”.

وأضاف “هذه هي الرسالة التي يجب أن تقدم إلى تركيا في هذه الجولة… طريق “إم 4” سوف يفتح، ومن مصلحة تركيا أن يفتح وفق منصة أستانا”.

وتابع “على تركيا أن تجد حلولاً لكل الكيانات الإرهابية التابعة لها في تواجدها المؤقت على الأراضي السورية ولا يوجد بديل عن إخراجهم من سورية”.

وأوضح “تزامن اجتماع أستانا مع التصويت على التمديد أو عدمه للممرات الإنسانية وممري باب الهوى، هذا الذي يجعل الباب مفتوحاً أيضاً لتركيا، لأن هذا مطلب الدول الداعمة للإرهاب لكي تبقى هذه الممرات منصة وغطاء لدعم الإرهابيين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى