مقالات وآراء

المفاوضات مع الصندوق راوح مكانك والخشية من تحميل ودائع اللبنانيين وزر الانهيار بدلا من المصارف

} عمر عبد القادر غندور*

لا تبدو حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وقد عقدت أولى جلساتها في وضع تحسد عليه، وهذا لا يعني انّ ايّ حكومة برئاسة أيّ كان، لا ينطبق عليها هذا التوصيف، في ضوء الضائقة الاقتصادية الضاغطة وعشرات لا بل مئات من الملفات التي تنتظر الحلول والمخارج وكلها من العيار الثقيل… كالهبوط المريع للعملة الوطنية، الى السوق السوداء والاحتكار، وفقدان الأدوية، الى الأموال المهرّبة وضرورة استعادتها، الى ودائع اللبنانيين في المصارف، إلى أزمة الكهرباء والمحروقات، إلى الكابيتال كونترول، الى التدقيق الجنائي، الى معضلة انفجار المرفأ، إلى وجود عدة أسعار لصرف الدولار الى تسعير السلع بين المدعوم وغير المدعوم الى الإصلاح القضائي، وليس آخراً التباين والاختلاف بين وزارة المالية والمصرف المركزي، الى الخلافات على التعيينات، الى تشكيل الوفد الذي سيفاوض صندوق النقد الدولي، الى مئات القرارات النائمة في الادراج التي تنتظر الإفراج عنها! وغير ذلك… المهمات جلل أمام الحكومة الجديدة، وليس من الإنصاف أبداً التصويب على الحكومة الجديدة التي ارتضت الإمساك بكرة النار وتحمّل تبعات إيجاد الحلول لفساد تطاول وترعرع وتفاقم واستشرى في الدولة ومفاصلها على مدى عقود حتى باتت الأكثرية من اللبنانيين تحت خط الفقر وهاجر المتعلمون من ذوي الاختصاص والشباب في مقتبل العمر.

ومن أولى المهمات التي يجب المباشرة في إنجازها الإسراع في تحضير الملفات المتكاملة والوافية الى مفاوضات صندوق النقد الدولي والإسراع في إقرار الإصلاحات المطلوبة، وهي إصلاحات لا بدّ من القيام بها بغض النظر عما يمكن أن يطلبه الصندوق أو غيره من الدول المانحة.

كلّ ما عدا ذلك يبقى مضيعة للوقت والمزيد من هدر الوقت من غير طائل، وخصوصاً عندما يختلف السياسيون على تشكيل الوفد المفاوض وفق مصالحهم الذاتية!

وليس مستبعداً أن تشهد المرحلة الحالية تباينات حول شكل الإصلاحات المطلوبة والتي تعتبر قاسية جداً كزيادة ضريبة TVA وهو الأمر الذي ستثيره بعض القوى الفاعلة التي تراه لا يتوافق مع التحضير للانتخابات النيابية، وهو ما ينطبق أيضاً على هيكلة الدين العام، تزامناً مع حركة ديبلوماسية يقوم بها عدد من الزائرين الى جانب حركة ناشطة لعدد من السفراء الأجانب الذين لمّحوا الى انعدام الثقة بين صندوق النقد الدولي والطبقة السياسية التي عبثت بالاقتصاد اللبناني على مدى ثلاثة عقود وما زالت تحاول لملمة أوراقها، ما يجعل صندوق النقد الدولي أكثر تشدّداً وأقسى شروطاً، ولا يستطيع تصديق النوايا الحسنة الني تبديها حكومة الرئيس ميقاتي معوّلاً على الأرقام وليس على النوايا.

وُيفترض ان يكون مجلس الوزراء قد بحث في جدول التفاوض المرتقب مع الصندوق الدولي في جلسة الأمس، ولا خطوات عملية حتى الآن، والخشية من تحميل المودعين اللبنانيين عبء الانهيار المالي بدل ان تتحمّله المصارف التي لم تحسن الحفاظ على أمانة الأموال المودَعة في صناديقها.

*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى