أخيرة

لوكربي

من فيه أدينه، أو هكذا تحدثت تقارير غربية عن عدد أولئك الذين قتلوا نتيجة للغارات الأميركية، سواءً بالطائرات الحربية القاذفة او المقاتلة او المسيّرة، في أفغانستان وباكستان والعراق وسورية وغيرها. بالآلاف… انْ لم يكن بعشرات الآلاف… ضحايا من الناس البسطاء… كانوا يمارسون حياتهم اليومية بشكل عادي، فمنهم من كان يمارس الزراعة والتحطيب وقطف الثمار، ومنهم من كان يرعى قطعاناً من الماشية، ومنهم من كان يحتفل بعيدٍ من الأعياد… ومنهم من كان وأهله وأقاربه وأصدقائه يحتفلون بزواج أحد أبنائهم او بتخرّجه أو بختانه… بل وأحياناً حافلات للأطفال تنقلهم الى مدارسهم، هوجموا بقذائف ضلّت طريقها بفعل الاستهانة والإهمال والاستهتار، ومن يدري، ربما عن عمد… فالحياة الإنسانية بالنسبة لهؤلاء الوحوش التي تدبّ على اثنتين بدلاً من أربع، لا تساوي شيئاً… بل إنّ قتلهم بالنسبة لهم هو مدعاة للاستمتاع وتنفيساً لمركبات نفسية ساديّة، لن يحاسبه عليها أحد، فهي في أفضل الأحوال خطأ خلال أعمالٍ حربية… لن يصدروا معها حتى مجرد اعتذار.

هذه هي قيمة إنساننا في هذا العالم الجائر القذر، اما قيمتهم… قيمة هذا الإنسان الذهبي اللامع البرّاق الأزرق العينين أو أخضرها… أطلِق عليه صفة إنسان جزافاً وللتورية، وهو في واقع الحال وحشٌ وان تدفّقت في عروقه دماءٌ كتلك الدماء التي نعرفها… ولكن ذلك للمخاتلة، انه شيءٌ قدّت مادته من قلب ثقبٍ أسود… كلما امتلأ جوفه او تخيّل لنا ذلك… صرخ بملء فيه… هل من مزيد…

إثر سقوط طائرة الـ “بان أم” رقم 103، فوق اسكتلندا، والمعروفة بحادثة “لوكربي”، والتي قتل فيها 270 شخصاً من ذوي الدم الأزرق… تمّ تلبيس القضية تلبيساً للنظام الليبي… وأجبر على دفع 3 بليون دولار، بواقع عشرة ملايين دولار للرأس الواحد، هل نضحك؟ أم نبكي؟ نُقتل بالآلاف للتسلية… وان قُتل أحدهم… فالويل والثبور وعظائم الأمور… هذا هو العالم الذي نعيش فيه.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى