أخيرة

رأسمالية…

حينما تحدّث آدم سميث، أبو الرأسمالية، عن المنفعة المطلقة التي تترتب على تحقيق المرء لذاته انعكاساً على المجتمع… لم يُسعفْه منطقه الى استنباط أيّة ترتيبات غير مادية على البناء النفسيّ والأخلاقيّ للإنسان وهو يقوم بعملية المراكمة للقيمة المادية على إطلاقها… فهو يخلص في خواتيم منطقه المادي الى أنّ الواحد منا في معرض مراكمة المنفعة المادية لذاته يحقق بالحتميّة مصلحة للمجتمع برمّته… كارل ماركس وأنجلز يندفعان خطوة أبعد من ذلك في اتجاه التبعات اللاماديّة، فهما يريان بأنّ «التراكمات الكميّة تؤدّي بالضرورة الى تغيّر كيفيّ»… ثم أنهما خلصا الى حتميّة حالة التوحّش التي تعتري أولئك الذين يجعلون المراكمة ديدنهم… ويسعون من المراكمة الى مزيد من المراكمة… وهي في واقع الحال حالة علميّة فيزيائيّة، إذ أنه كلما زاد تكدّس المادة واكتنازها، زادت كمية الجذب المركزيّ… ولكن الإسلام وقبل أربعة عشر قرناً لخّص الموقف برمّته وبكلمات معدودات… «إنّ الإنسان ليطغى، أن رآه استغنى».

ثروات ربانية فكرية فلسفية موجودة بين أيدينا… ولكننا بطبيعتنا التابعة المأسورة بالمنتج الغربي والجاهلة عموماً بالمكنونات المدفونة في تراثنا وفي ديننا والتي غيّبت من شدة الدكدكة التي طحن بها وجودنا الماديّ والمعنويّ، لم نعد نعلم ما لدينا من كنوز، وأصبح الغرب متَّجهنا ومبعث الإشعاع والتنوير… ضياع وضلال وانصياع وإرادة مسلوبة.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى