حديث الجمعة

بيتنا مكتبة

نَسقطُ في الفراغ بعد مغادرةِ الأحبة.

الأماكنُ ترسمُ صورَ أصحابِها.

تعبقُ الممراتُ والمباني بأنفاسِ ساكنيها وإن هَجَروها.

الجدارُ الأبيض خلفه، نحن أمامه.

بيننا مكتبُه

وظلالُ الحزنِ على محياه.

وجهُه السبعينيّ يبدو مهموماً رغم انعكاس الأبيض الناصع لمريوله المكوي المتهدل على جسد يبدو اكثرَ هزالاً مما مضى.

لم ينطلق بأحاديثِه عن أحوالِ البلاد كعادتِه. رمى جملةً واحدة اكتفى بها. سبعةٌ من زملائِه في قسمٍ عِياديٍ من أحد المستشفيات المتوسطة في بيروت تَوزّعوا في رحابِ الدنيا الواسعة.

يلتفتُ الى الجدار مئزر معلقٌ على المشبك يقول: هذا ما بقي منهم.

يتمددُ الفِقدُ بين العيادةِ ومنزلِه الخاويّ.

صورٌ هناك لابنين يعيشان في قارتين مختلفتين. تحاكي وحدته. يسخرُ من المأساة بأننا نغتبط لهجرة أولادنا كي لا يُدفنوا أحياء هنا.

هكذا يقضي الباقون أيامهم.

يحتسبون أنفاسَ الغياب حتى انقطاعِ النَفَس.

دلال قنديل ياغي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى