أولى

اليمن السعيد ودلال المغربي

} حمزة البشتاوي

كانت يافا بلا قمر وكان قلبها صامتاً ومغلقاً نتيجة المعاناة ورحلة اللجوء القاسية التي خاضتها أسرة دلال المغربي براً من يافا إلى صبرا بسبب النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948، ولكن ياسمينة البلاد دلال المغربي ذات العشرين ربيعاً عادت إلى يافا بحراً في قارب واثق الخطوة يمشي ملكاً، لتكتب سطراً ملحمياً مدوياً في حكاية نضال الشعب الفلسطيني.

وكما قال الشاعر نزار قباني، إنه وبعد ألف سنة سيقرأ الأطفال العرب تلك الحكاية عللى الشكل التالي: في الحادي عشر من شهر آذار عام 1978 تمكّن أحد عشر رجلاً وإمرأة من تأسيس جمهورية فلسطين المستقلة داخل أوتوبيس.

ومن أبطال تلك الحكاية إضافة للشهداء الفلسطينيين واللبنانيين كان هناك شهيدان من اليمن السعيد هما الشهيد محمد حسين الشمري والشهيد عبد الرؤوف عبد السلام اللذان يحضران في الذاكرة الفلسطينية وقصص البطولة والتضحية والفداء من خلال ما عرف عنهم من شجاعة وقدرة فائقة على الإقدام وتحمّل الصعوبات، إضافة لإيمانهم بعدالة القضية الفلسطينية، وهذه الميزات وغيرها يتمتع بها الشعب اليمني الذي يُعتبر من أشدّ الشعوب تفاعلاً مع القضية الفلسطينية، وقدّم في سبيلها أكثر من ألف شهيد منذ نكبة العام 1948، ومن بينهم الملازم الطيار عمر غيلان الشرجي الذي قام بقصف منشآت نفطية في ميناء حيفا وقاعدة جوية «إسرائيلية» في طبريا خلال حرب العام 1973.

وبرز التفاعل اليمني مع القضية الفلسطينية في الكثير من المحطات والأحداث ومنها استقبال المقاتلين الفلسطينيين بعد الخروج من بيروت إبان الاجتياح «الإسرائيلي» عام 1982. واليوم يزداد هذا التفاعل بشكل كبير حيث يجسّد الشعب اليمني صغيره وكبيره مثقفوه وعاميته نصرتهم للقضية الفلسطينية وقد شهد العالم كله مسيرات يوم القدس العالمي التي أكدت على وقوف الشعب اليمني مع القدس وفلسطين بوضوح وثبات رغم ما يتعرّض له من عدوان وحصار.

اليوم… وبعد عقود على وصول دلال المغربي ورفاقها من فلسطين ولبنان واليمن إلى شواطئ يافا حيث استقبلهم الرمل والموج والبرتقال وضوء الفجر بحفاوة كبيرة بعد أن أشعلوا الحرائق بوجه الصقيع وزرعوا الأرض شموساً وقمحاً وأقحوان، وارتفع صوت النشيد في الكرمل وجبل عامل واليمن، ويتردّد صداه عالياً حين يقول: بحق القسم تحت ظلّ العلم بأرضي وشعبي ونار الألم سأحيا فدائي وأمضي فدائي وأقضي فدائي إلى أن أعود.

وعلى إيقاع هذا النشيد ستبقى الأجيال الفلسطينية تتذكر دلال المغربي ورفاقها الذين كانوا أجمل من نجمة الصبح في الطريق من يافا إلى القدس وإنّ دلال المغربي التي كانت تحب الموسيقى والشعر، قد كتبت أجمل القصائد على سواحل فلسطين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى