حديث الجمعة

أبتسم لك، لأنّك إنسان…

في طفولتي، كان يلفتني لطفُ أمي الشديد في التعامل مع الناس، فأجدها تبتسم لذاك وتلك ولكل من تقابله في طريقها وتحترم الصغير والكبير من الرجال والنساء والأطفال، من الحارس وعامل النفايات وعاملة المنزل إلى أصحاب المقامات التي ميّزوا بها أنفسهم عن الآخرين ورفعوا من شأنهم بألقابها.

كنت أتابع كل ذلك ودون أن أشعر صرت مثلها. لا تهمني المقامات ولا الأجناس ولا الفئات العمرية ولا الاختلافات الفيزيولوجية او الطائفية والدينية و… كل ما كان يهمني هو التعامل مع الآخر بالإنسانية. إلّا أنّ أمي حينها تركت للحياة والتجارب مهمة إكمال الدرس.

كنتُ ودون أن أشعر أوزّع ابتساماتي للجميع ممّا عرّضني للكثير من المواقف منها أنّ بعض الرجال كانوا يترجمونها على أنّها رسالة إعجاب فاضطررت للتخلي عنها أو ربما دوزنتها.

كنت أعامل الجميع بلطف ومحبة وتسامح وقوبلت بالكثير من الطعنات والغدر وخيانة الأمانة.

لم أنتظر يومًا مقابلًا لما أعطيه إلّا أنني اكتشفت أن الكثيرين لم يتعلّموا إلّا ثقافة الأخذ والأنانية والمصلحة الذاتية.

لم أندم على كل ذلك، لأنني كنت أعلم أنه في الجانب الآخر هناك مَن يشبهني وأن الحياة لا تكتمل بلا الأضداد لذلك لن أسمح للتيار بأن يدفعني إلى الضد السلبي طالما أنا مقتنعة أن داخلي ليس فيه إلّا الحب.

ختامًا أقول:

أنا أبتسم لك ليس لأنك رجل، بل لأنك لا تختلف عن الطفل والعجوز والمرأة.. أبتسم لأنك إنسان.

أعاملك بلطف ليس لأنك صاحب مقام رفيع، ولا لأنك أهم من الآخرين، بل لأننا في جميع مقاماتنا متشابهون، وما يميّزك هو أخلاقك… أخلاقك فقط…

ناريمان علوش

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى