مقالات وآراء

نظام عالمي يتأسس على صمود محور المقاومة

} سعيد نصر الدين

  يملك لبنان 286.8 طناً من الذهب ويحتلّ المرتبة 20 عالمياً باحتياطات المعدن النفيس، بحسب تقرير أصدره مجلس الذهب العالمي في آذار 2021، تعادل قيمتها وقتذاك حوالي 17 مليار دولار، وحول هذا الاحتياط هناك من يتحدث عن إمكانية أن يكون التصرف باحتياطي الذهب حلاً وحيداً لخروج لبتان من أزماته المالية والنقدية والاقتصادية.

والسؤال، هل من فرص لوضع تصوّر منطقي مبني على قواعد مالية يُحدّد مخاطر مثل هذه الخطوة والمدة الزمنية التي تتطلبها؟

وللحؤول دون السير في الاتجاه الآنف الذكر، تصدّرت الثروة النفطية ومخزون الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية قائمة الحلول للخروج من الأزمات، غير أنّ الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وضعوا قيوداً بهدف منع لبنان من استخراج هذه الثروة، عبر طرح ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، بين لبنان والعدو الصهيوني، ما يشكل تخلياً عن موقف لبنان التاريخ الداعم للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني المشروع في كلّ فلسطين المحتلة.

إضافة الى ذلك، فإنّ الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية، دعمت وموّلت عبر سفاراتها ما يسمّى ثورة 17 تشرين، فقدمت حكومة الرئيس سعد الحريري استقالتها في العام 2019، ثم حصل الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت ليشكل منصة ضغط إضافية على لبنان، وهنا كان دور ما يسمّى مجموعات «المجتمع المدني» (مجموعات NGOs أو مجموعات السفارات الأجنبية) التي أغدقت عليها الأموال لتقديم المساعدات إلى المتضرّرين، ليتبيّن أنّ الهدف من وراء ذلك هو الحصول على الأكثرية النيابية وانتخاب رئيس للجمهورية وتسمية رئيس للحكومة، ما يعني تنفيذ انقلاب كامل لجعل لبنان جزءاً من ما عرف بـ «صفقة القرن».

انّ ما جرى التخطيط له أميركياً وغربياً اصطدم بثبات محور المقاومة وانتصاراته في اليمن والعراق وسورية ولبنان، ما أعاق المخططات الموضوعة وعطل الكثير من المؤامرات، لا بل أنّ الأزمات التي عصفت بلبنان لتشكل أداة ضغط عليه، تمّت مواجهتها، وتحوّلت الى فرص لمواجهة الأزمات وتخطيها. ففي ظل تدني سعر العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي انطلقت الدعوات الى اعتماد اقتصاد الإنتاج فاتجه اللبنانيون إلى الصناعة والزراعة، ما قلّص فاتورة الاستيراد، بالتوازي مع تدفق الأموال على أبواب الانتخابات النيابية، الأمر الذي ساهم في هبوط سعر صرف الدولار بعدما وصل إلى 35 الف ليرة لبنانة خلافاً لما جرى التخطيط له أميركياً.

وفي وقت حاول الأميركي إعطاء الدولار دفعاً جديداً للارتفاع مقابل الليرة، فإنه اصطدم بما لم يضعه في حسبانه. ففي سياق مواجهة العقوبات الأميركية والغربية المفروضة على الاتحاد الروسي بسبب الأزمة الأوكرانية، اتخذت الحكومة الروسية إجراء تمثل بطلب سداد ثمن إمدادات الغرب بالنفط والغاز بالعملة الروسية «الروبل» ومواد أخرى، وهذا ما يؤدّي حكماً إلى تدني سعر صرف الدولار عالمياً.

الآن تدرس روسيا والصين ودول أخرى عديدة، إمكانية الاستغناء عن الدولار الأميركي في العمليات التجارية بين الدول، وحصول هذا الأمر بات قاب قوسين أو أدنى، ما يعني أنّ النظام الأحادي العالمي قد ولّى إلى غير رجعة.

كلّ ما تقدّم، يشي بأنّ منطقتنا والعالم أمام مرحلة جديدة، لا بل أمام نظام عالمي متعدد القطبية، جرى التأسيس له بصمود محور المقاومة، وتحقيقه الانتصار تلو الانتصار.

وبالنسبة للبنان، فإنّ المعادلة قائمة على قاعدة «نحمي ونبني»، والعمل لإيجاد الحلول والفرص المناسبة للنهوض باقتصاد لبنان وإنعاشه من جديد بالتعاون والتآزر مع كلّ دول محور المقاومة والدول الصديقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى