أخيرة

المصطلح المدرحيّ أي الماديّ – الروحيّ

} يوسف المسمار*

إن كلمة «مدرحيّة» هي مصطلح فلسفيّ باللغة العربية ابتكره أنطون سعاده وهو يعني وحدانية الحياة بمظهريها الحياتيين المادي والروحي اللذين يشكلان التوازن التناغمي الإنساني المتّزن منذ بدء ظهور ونشوء النوع البشري. وقد رافقا الحياة الإنسانية في جميع مراحل نموّها وتطوّرها ورقيّها وسيبقيان يرافقانها ما استمرّت الحياة حياةً مع التأكيد بأنه لا وجود في الحياة الإنسانية لأية مظاهر إنسانية روحية إن لم تكن مادية، ولا وجود لأية مظاهر إنسانية مادية إن لم تكن روحية، بل ان المظاهر الإنسانية المادية هي أيضاً مظاهر روحية. وان المظاهر الإنسانية الروحية هي أيضاً مظاهر مادية. ويمكن وصفها بالمظاهر الإنسانية الحياتية المادية – الروحية الواحدة المتفاعلة عناصرها تفاعلاً لا يقبل الانفصال والتجزئة. فإذا تجزأت لم يبق الإنسان إنساناً ولا حياة الإنسان حياةً إنسانية.

وبهذا يمكننا ملاحظة أن أنطون سعاده هو عالم اجتماعيّ وهو أيضاً فيلسوف ويستند في فلسفته الى العلم الذي يدرس واقع الوجود الإنساني منذ نشوء نوعه، ويرافق هذا الواقع في جميع مراحل تطوره هادفاً الى إنشاء حياة قومية – اجتماعية جيّدة جديدة ليس لأمّته السورية فقط، وإنما لجميع الأمم بشكل عام من أجل أن تحيا البشرية وتتطور وتتقدم وترتقي في انسجام تام، وتعاون متين، وسلام شامل، فيتولد بذلك الحس الإنساني السليم بين الأمم، وينبثق الوعي أو الوجدان العالمي المركب من ذوات الأمم العامة وشخصياتها، وينشأ العقل البشري الجامع والشامل لجميع ثقافات وحضارات الشعوب وأفكارها وخواطرها.

وبهذه النظرة تستطيع الإنسانية أن تواجه حقائق الكون، وتكتشف أكبر قدر ممكن من قوانينه وأسراره، وتحقق للبشرية جمعاء أجمل وأرقى المثل العليا. فتتضح نظرة أنطون سعاده بوضوح الى الحياة والكون والفن التي تعني أن نتعمق في فهم الحياة، ونثبت ونثابر ونجتهد في اكتشاف ما يمكننا اكتشافه ومعرفته من أسرار الكون وألغازه وخباياه، ونصارع باستمرار بتفعيل مواهبنا النفسية والعقلية والتصورية لابتكار كل نافع لحياتنا، واختراع كل مفيد لرقينا، وإبداع كل جميل لرفاهيتنا وتسامينا من أجل حياة إنسانية أفضل.

*باحث وشاعر قومي مقيم في البرازيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى