أولى

الجنرال المقاوم والدّيبلوماسي الصّلب…

} شوقي عواضة

منذ قيادته للجيش اللّبناني ووصولاً إلى سدّة رئاسة الجمهوريّة اللّبنانيّة أرسى الرّئيس إميل لحود خلال عهده قواعدَ سياديّةً حقّقت للبنان إنجازاتٍ كبيرةً وتاريخيّةً وقدّمت للعالم نموذجاً يُقتدى به في السّيادة الوطنيّة ومقاومة المحتلّ وهزيمته والتّمسّك بالحقوق وعدم التّفريط بها، ومن تلك القواعد:

1 ـ توحيد الجبهة اللّبنانيّة وترسيخ القاعدة الذّهبيّة في مواجهة الاحتلال الإسرائيليّ وأيّ عدوانٍ خارجيّ من خلال تلاحم الجيش والشّعب والمقاومة.

2 ـ تلازم مساري المقاومة العسكريّة مع المواقف الدّيبلوماسية في المحافل الدوليّة والتّأكيد على حقّ لبنان بمقاومة الاحتلال.

3 ـ ثبات الرّئيس إميل لحود في المواقف الصّعبة وتمسّكه بالحقوق اللّبنانيّة وعدم التّفريط بها.

4 ـ عدم تقديم أيّ تنازل للعدوّ وللولايات المتحدة الأميركيّة التي مارست ضغوطاً كبيرةً على الرّئيس لحود الذي لم يخضع لأيّ تهديداتٍ.

أسّست تلك القواعد بتضحيات الجيش والشّعب والمقاومة لتحرير عام 2000 واندحار جيش العدوّ «الإسرائيلي» الذي قيل إنّه لا يقهر، منجزة انتصارها الأوّل للبنان والعرب لتستكمل معركة التّحرير من خلال عمليّة ترسيم الحدود البريّة مع فلسطين المحتلّة، معركة لم تكن بأقلّ أهميّة من عمليّة تحرير معظم مناطق الشّريط الحدودي المحتلّ، تلك المعركة التي قادها الرّئيس لحود وحكومة الرّئيس الدّكتور سليم الحصّ في ظلّ انعقاد جلسةٍ خاصّة لمجلس الأمن لإضفاء الشّرعيّة الدّوليّة على اندحار جيش العدوّ المهزوم ومنحه شهادة الالتزام بتنفيذ قرار الأمم المتحدة الذي يحمل الرّقم 425 وتشريع سرقته لملايين الأمتار من الأراضي اللّبنانيّة.

رفض الرّئيس لحود للقرار وإصراره على استعادة كامل الحقوق اللّبنانيّة استدعى تدخّل وزيرة الخارجيّة الأميركية آنذاك مادلين أولبرايت، حيث قامت بالاتصال هاتفياً بالرّئيس إميل لحود في محاولة لدفع الرّئيس لحود إلى التّراجع عن موقفه مخاطبة الرّئيس المقاوم بلغةٍ استفزازيّةٍ قائلةً له عليكم الموافقة على قرار الأمم المتحدة بإتمام عمليّة (الانسحاب الإسرائيلي)!

ليأتي الرّدّ الصّاعق والذي لم تتعوّده وزيرة خارجيّة أكبر دولة في العالم والتي ينصاع لها ملوك وأمراء ورؤساء يتسابقون لنيل رضاها، جاء ردّ الرّئيس السّيادي والجنرال المقاوم إميل لحود: سيّدة أولبرايت إنّ طلبك هو خيانة عظمى للبنان لأنّ مساحة 18 مليون متر مربع هي ليست ملكي الشّخصي، بل هي أرض لبنانيّة يمتلكها اللّبنانيّون ولن أفرّط بشبرٍ واحدٍ منها مهما حاولتم. عندها انقلبت لهجة أولبرايت الدّيبلوماسيّة إلى لغة تهديد كاشفة عن وجه أميركا الحقيقي محاولة إرهاب الرّئيس الصّلب الذي لم يزحزحه ترغيبٌ ولا ترهيبٌ في تغيير موقفه فتوجّهت مخاطبة الرّئيس لحود بلغة الاستعلاء والاستقواء قائلةً له «هل تعلم أنّك تخاطب وزيرة خارجيّة الولايات المتحدة الأميركيّة؟» فكان ردّ الرئيس لحود «وهل تعلمين أنّك تخاطبين رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة؟» منهياً المكالمة بإقفال الهاتف بوجه أولبرايت، وكان الانتصار الثاني للبنان نتيجة ثبات الرّئيس لحود على موقفه في ترسيم الحدود لتعترف الولايات المتحدة الأميركيّة وخلفها الكيان الصّهيوني بهذا الانتصار على لسان إدوارد ووكر الذي زار الرّئيس لحود معترفاً بحقّ لبنان في أراضيه مقرّاً بالخطأ الأميركي في تقييم الموقف الذي قرّرت تصحيحه بإعادة 18 مليون متر مربع للبنان وهي سابقة في تاريخ الولايات المتحدة التي لم تتراجع قيد أنملة عن أيّة قضية كانت تتبنّاها أو تتوسّط فيها، وهي سابقة أيضاً في تاريخ مجلس الأمن الدوليّ الذي لم يسجّل أيّ تراجعٍ عن أيّ قرارٍ يتخذه بالإجماع.

أمّا في عدوان تموز 2006 فبالرّغم من تواطؤ وتآمر قوى 14 آذار الذين رفضوا وقف إطلاق النّار الذي طالب به العدوّ «الإسرائيلي» بل أصرّوا على استمرار العدوان على لبنان للقضاء على المقاومة بعد اجتماعهم بوزيرة الخارجيّة الأميركيّة كونداليزا رايس في السّفارة الأميركيّة، ومع إقدام رئيس الحكومة حينها فؤاد السنيورة على محاولة إقرار البنود السّبعة التي حملها من مؤتمر روما في 25/7/2006 في ذروة العدوان على لبنان وبتوجيهاتٍ أميركيّةٍ، كان السنيورة وقوى 14 آذار يخوضون حرباً على المقاومة لا تقلّ شراسةً عن حرب العدوّ الصّهيوني، حينها وقف الرّئيس لحود شاهراً سطوته وهيبته في وجه المتآمرين على لبنان داعماً موقف المقاومة التي خرجت منتصرةً بالرّغم من كلّ المؤامرات. فالرّئيس لحود الذي حمى ضهر المقاومة وآزرها كان قائداً استثنائيّاً ومقاوماً حقيقيّاً يدرك أنّ الكرامة لا توهَب بل تتنزع، وأنّ السّيادة لا تعطى بقرارٍ أممي بل تفرضها قوّة لبنان.

 ذلك هو الرّئيس المقاوم العماد إميل جميل لحود الذي كان ظاهرةً لن تتكرّر في لبنان ولم يستفد لبنان كما يجب من تجربته التي تشكّل مدرسةً في الوطنيّة والصّمود والثّبات والعزّة والسّيادة والإباء والإخلاص للبنان، ممّا يجعلنا نطرح سؤالاً كبيراً على مستوى المرحلة الحالية والسّؤال هو :

ماذا لو خاض الرّئيس إميل لحود معركة استعادة لبنان ثرواته في النّفط والغاز؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى