أولى

الجزائر قلعة العرب الصامدة

نجحت الجزائر بعد أكثر من قرن كامل من المقاومة أن تصنع استقلالها وحريّتها وتكون أعظم ثورات العرب، ونجحت بأن تكون سنداً لكل حركة التحرر العربية، سواء للخروج من قيود المستعمر الأجنبيّ أو مواجهة الكيان الصهيونيّ الغاصب لفلسطين، وقد سدّدت الجزائر دماً غالياً في ساحات المواجهة فاتورة لهذا الالتزام.

نجحت الجزائر بقوة تجذّر ثورتها، وتمسك شعبها بمؤسسات دولتها الوطنية، في تجاوز أزمات قاسية ومخاضات صعبة منذ ثلاثة عقود، شهدت خلالها مواجهة مفتوحة طويلة مع الإرهاب، وعرفت خلالها موجات شعبية غاضبة تطلب التغيير، وكان تلاقي الشعب والجيش ونخب الثورة العميقة التي تمثلها اليوم قيادة حكيمة وشجاعة، تضع أمامها مسؤولية إقامة التوازن بين تصحيح مسار الدولة لتكون دولة الشعب وأولوياته، وبين مسؤولية الحفاظ على مكانة الجزائر ومصادر قوتها. وفي الطليعة جيش قادر استعرضه أمس الرئيس الجزائري وسط احتفالات مهيبة بالذكرى الستين لانتصار الثورة.

قد لا يعرف الكثيرون حجم ومكان ومقدرات الجزائر، أو أهميتها في الجغرافيا السياسية والاقتصادية للمنطقة والعالم، فالجزائر هي الدولة العربية الأولى من حيث المساحة، بما يزيد عن مليوني كيلومتر مربع، وهي الدولة الثانية من حيث عدد السكان بـ 42 مليون نسمة، وهي الدولة السادسة من حيث الناتج المحلي، وهذا الموقع ناتج عن الأزمات التي عصفت بالجزائر، بينما هي مؤهلة للتقدم سريعاً نحو المركز الموازي لكل من السعودية ومصر، يجمعها بين مميّزات اقتصاد الدولتين الأكبر بالناتج المحلي، الثروات الطبيعية والنشاط الصناعي والزراعي.

 تمثل الجزائر دولة محورية في الاقتصاد العالمي للطاقة. فالجزائر هي الدولة الثالثة عالمياً من حيث تصدير الغاز، وهي الدولة الأولى على الضفاف الأوروبية، والجزائر تتوسّط دول المغرب التي تستطيع تشكيل كتلة اقتصادية واستراتيجية كبرى، ويعوّل على الجزائر في حل أزمات تونس وليبيا والصحراء الغربية.

موقف الجزائر من سورية وفلسطين مشرّف، ودعمها للبنان لا يلقى العناية اللازمة لبنانياً، وتستحق الجزائر التفاتة من كل القوى الحريصة على نهوض لبنان، لعمل ما يلزم لتعزيز العلاقات، سواء في مجالات استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية، أو في مجال المساعدات النفطية أسوة بالاتفاق القائم مع العراق، وصولاً للاستفادة من نسبة من السياحة الجزائرية.

التحية للجزائر في عيد ثورتها واجب، والجيل الذي عاش تجربة الثورة الجزائريّة المجيدة يتقبّل التهاني بالعيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى