أولى

الأطلسي يصعّد شرقاً ونصر روسيا يُحسَم على شواطئ المتوسط

محمد صادق الحسيني

تتواتر الأنباء حول تزويد واشنطن لنظام كييڤ بأسلحة صاروخية أميركية بعيدة المدى، من طراز/ هايمارس، والتي بدأ استخدامها من قبل الجيش الأوكراني والنازيين الجدد، في منطقتي الدونباس ومقاطعة خاركوف.

وأهمّ المستجدات في هذا السياق، ما يلي:

1 ـ تصريح وزير الدفاع الأوكراني، الذي أدلى به لصحيفة أوكراينسكا براڤدا/ بتاريخ ٢٠/٧/٢٠٢٢، معلقاً على ما أعلنه البنتاغون الأميركي في اليوم نفسه بتسليم أوكرانيا أربع منظومات مدفعية صاروخية، ليصبح عدد المنظومات، التي تمّ تسليمها للجيش الأوكراني، ست عشرة منظومة. وانّ بلاده تحتاج الى مئة منظومة على الاقلّ.

2 ـ وتأتي تصريحات الوزير المذكور في إطار الاستراتيجية الأميركية، في مواجهة الصين وروسيا، ومواصلة الحشد الاستراتيجي الأميركي على جبهات متعددة ولكنها مترابطة. لا سيما بعد تقديم بولندا طلباً، لشراء خمسمئة منظومة مدفعية صاروخية أميركية، من هذا الطراز.

3 ـ وربطاً بتصريحات وزير الخارجية الأميركي السابق، هنري كيسنجر، التي نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال»، بتاريخ ١٢/٨/٢٠٢٢، والتي قال فيها:

«… بغض النظر عن تصوراتي السابقة، بأنّ الأفضل ان تكون أوكرانيا مثل فنلندا (يقصد محايدة وذلك قبل انضمام فنلندا والسويد لحلف شمال الأطلسي)، إلا أنني أرى، وبعد أن حصل ما حصل وبعدما قامت به روسيا في أوكرانيا، فإنني أرى، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بطريقة رسمية (انضمام الى الأطلسي) أو غير رسمية، ان تتمّ معاملة أوكرانيا كدولة عضو في حلف شمال الأطلسي».

4 ـ تصبح عمليات توريد هذا النظام الصاروخي لأوكرانيا وبولندا، وبأعداد كبيرة، اضافة الى ما لدى كل من: دول البلطيق الثلاث: ليتوانيا ولاتڤيا واستونيا، من منظومات صاروخية من هذا الطراز، ومعهما رومانيا التي تملك ٥٤ منظومة منه وهي المشاطئة للبحر الأسود والقريبة نسبياً من شبه جزيرة القرم،

فإننا نستطيع القول إنّ هذه العمليات:

هي جزء من استراتيجية أميركية متكاملة، ترمي الى استكمال عملية التطويق العسكري الاستراتيجي لروسيا، يضاف الى ذلك زيادة تحرّشات واشنطن المتكررة، بحراً وجواً، بالقوات المسلحة الروسية في اليابان، لا سيما في بحر أوخوتسك في أقصى جنوب شرق روسيا.

5 ـ يذكر أنّ عدداً غير معلن، من بطاريات هذه الصواريخ، شارك في تدريبات عسكرية، الى جانب وحدات أخرى من جيوش الناتو، في شهر ١٠/٢٠٢١، في بحر البلطيق، ولَم تتمّ إعادتها الى أميركا بعد انتهاء التدريبات بل تمّ نشرها في جزيرة: غوتلاند السويدية، الواقعة في مركز بحر البلطيق والتي لا تبعد عن شواطئ مقاطعة كالينينغراد الروسية سوى ٢٥٠ كم، أي أنها في نطاق مرمى هذا النوع من المدفعية الصاروخية الأميركية، التي يصل مداها الى ٣١٠ كم.

 

تجدر الإشارة إلى أنّ الجيش الأميركي يستخدم أنظمة مختلفة من تلك المدفعية الصاروخية، منذ عدة سنوات، في سورية، انطلاقاً من قاعدة التنف، وكذلك في العراق منذ حوالي خمس سنوات.

كما أنّ أميركا كانت قد زوّدت العديد من الدول الأوروبية والآسيويّة، إلى جانب الأردن والإمارات والسعودية بأنظمة مدفعية مختلفة، في السنوات السابقة.

ولكن التوجّه الأهمّ، في الاستراتيجية العسكرية الأميركية، يبقى مواصلة تسليح دول الناتو بهذه المدفعيات، التي ازدادت أهميتها الاستراتيجية منذ بدء العملية الروسية في أوكرانيا.

وهو ما يفسّر «كَرَمْ» الدول الأطلسية في إرسال مدافع الميدان التقليدية وبعض الدبابات، الى النظام النازي في أوكرانيا، وذلك بهدف استبدالها بمدفعيات صاروخية أميركية.

ولعلّ الأدلة الأبرز، على نيات أميركا، في تسليح دول الأطلسي الأوروبية، وتلك القريبة من الحدود الروسية على وجه الخصوص؛

ـ يتمثل في موافقة وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين، كجهات اختصاص، على بيع بولندا مئة وستين قاذف صواريخLaunchers  أميركية.

ـ وإعلان وزارة الدفاع البولندية، بتاريخ ٢٦/٥/٢٠٢٢، عن إرسالها طلباً للبنتاغون لشراء خمسمئة منظومة مدفعية صاروخيه من طراز هايمارس.

أميركا التي بدأت بتنفيذ مخططاتها المعادية لروسيا منذ تنفيذها للانقلاب النازي في كييڤ، سنة ٢٠١٤، تواصل بذلك اليوم سياسة التطويق الاستراتيجي لروسيا، تمهيداً لمحاصرتها والانقضاض عليها لتمزيقها والاستيلاء على ثرواتها.

وكانت واشنطن قد توّجت سياساتها تلك بحشد ما يزيد على ثمانين ألف جندي، من الجيش الأوكراني ومسلحي التنظيمات النيو نازية في أوكرانيا، في المناطق التي كان يسيطر عليها هؤلاء في منطقة الدونباس، تمهيداً لشنّ هجوم شامل لاجتياح الحوض والتوغل داخل الأراضي الروسية.

علماً انّ هدف أميركا تمثل في تأمين سيطرة التشكيلات النازية الأوكرانية ومثيلاتها في بقية الدول الأوروبية ليس فقط على حوض الدون، وإنما على حوض الفولغا، وصولاً الى مدينة ستالينغراد، الرمز الذي دمّر النازية وانتصر عليها منتصف أربعينيات القرن الماضي.

صحيح أنّ أميركا، ومعها الناتو، قد فشلا استراتيجياً في تحقيق أهدافهما، ولكن مواصلة التحشيد الأميركي الأطلسي، في محيط حدود روسيا الاتحادية، يفرض على القيادة الروسية وقيادتها المسلحة ومخططيها الاستراتيجيين بنظرنا الانتقال الآن الى خطوة نوعية أوسع، خارج المحيط المتاخم لروسيا، والقيام بخطوات مضادة في الفناء الاستراتيجي الأوسع، الفائق الأهمية للأمن القومي الروسي.

ونعني تحديداً:

ـ منطقة القوقاز كاملةً.

ـ كافة جمهوريات الاتحاد السوفياتي الآسيوية السابقة.

ـ منطقة العالم العربي كاملة.

ـ أخيراً وليس آخراً فكّ الارتباط نهائياً مع كيان الاحتلال الصهيونيّ المؤقت، وعدم الاكتفاء بمنع نشاط الوكالة اليهوديّة على أراضي جمهورية روسيا الاتحادية.

ما يجعل معركة روسيا الحاسمة ضدّ الأطلسي لن تكون إلا على شواطئ شرق المتوسط وتحديداً في الشام وفلسطين.

بعدنا طيبين قولوا الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى